مشاهدة النسخة كاملة : طفلي في سن التمييز


نعمة حكيم
11-10-2014, 11:30 PM
بدأنا الحديث في مقال سابق عن مرحلة سن التمييز لدى الطفل، وبدأنا بالتعرف على المقصود من التمييز والأحكام المتعلقة به، وكذلك أثر المصادر الخارجية على الطفل في هذه المرحلة، ونستكمل في هذه المقال أهم خصائص هذه المرحلة من عمر أطفالنا..
اتساع الإدراك:
في هذه المرحلة من عمر الطفل يبدأ الإدراك في الاتساع والمدارك في التفتح فهو يدرك الزمن وغيره، قال معاذ بن عبد الله ابن خبيب الجهني لامرأته: متى يصلي الصبي؟ فقالت: كان رجل منا يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن ذلك، فقال: إذا عرف يمينه من شماله فمروه بالصلاة.
وفي وسط هذه المرحلة وآخرها يبدأ إدراك الصبي في التنامي، وتصبح لديه القدرة على اكتشاف ما في المعلومات من أخطاء وتناقضات، وكذلك عدم قبول الأمور إلا بدليلها، ومن أكبر الأخطاء التي يقع فيها المربون في هذه المرحلة هي إهمالهم لقدرة الصبي على التفكير، والنظر إليه على أنه قاصر عن بلوغ المستوى، على الرغم أن من الأطفال من يكون لديه تصورات وأفكار إبداعية، بل يأتي بعضهم ببعض الأسئلة التي يعجز الكبار عن إجابتها.
الطفل والأسئلة:
في هذه المرحلة ترد على الطفل بعض الأسئلة التي لم تكن واردة من قبل، فماذا يفعل المربي إذا لم يكن عنده الجواب على هذه الأسئلة؟
للأسف بعض المربين قد يجيب على هذه الأسئلة بدون علم، وهو يعلم أن إجابته تفتقر إلى الصواب، والبعض الآخر يكون غير متأكد من صحة الإجابة، والبعض الآخر قد يفتعل مشكلة حتى يلهي الطفل عن الإجابة، أو يلهي الصبي بأي شيء على أمل أن ينسى ما قد سأل.
والصواب هنا الذي على المربي أن يسلكه، إما أن يتمكن من الوصول إلى الجواب بطريقة ذكية، كأن يقول: هذا سؤال جيد نطرحه على إخوانك لنرى من منهم يعرف الجواب، فقد يفتح كلام أحد الأبناء أو التلاميذ طريقًا إلى الجواب الصحيح، ويمكن للمربي أيضًا أن يعلن أنه أعطى الأولاد فرصة للبحث عن الجواب مدة يوم أو نحو ذلك، وأنه سيخصص جائزة لمن يأتي بالجواب الصحيح، وهذا يعطي المربي فرصة للبحث والسؤال.
(وقد يكون من البدائل المتاحة أن تنتهز الفرصة لتعليم الصبي أن فوق كل ذي علم عليم، وأن الناس يختلفون في علومهم، وأن الإنسان مهما أوتي فلن يمكنه أن يحيط بجميع العلوم، وأن عليه إذا كان لا يعلم أن يقول: لا أعلم، ولا يجيب بالخطأ، فيدلهم بهذا على السلوك الحسن الذي ينبغي عليهم سلوكه في مثل هذه الأمور، ويذكر لهم أن قول: لا أدري، يمثل ثلث العلم، وكيف أن كبار العلماء من المسلمين كان لا يتحرج أحدهم من قول لا أدري لما لا يعلمه، وفي ذلك قصص مشهورة يتخير منها المربي ما يشاء، والمربي الناصح هو من يملك القدرة على الاختيار الأصح من هذه البدائل، المناسبة لحالة من يربيهم) [نحو تربية إسلامية راشدة، محمد بن شاكر الشريف].
أما إذا كان المربي يمتلك الجواب الصحيح، لكنه يتحرج من الإجابة بسبب حساسية السؤال، فهذا يحذر المربي أن يعطي للمتربين جوابًا غير صحيح، وليحذر كذلك نهي الصبي عن هذا السؤال، فهذا يثير فضوله بصورة أكبر، وليحذر كذلك التسويف إن كان السؤال يلح على الصبي، والأفضل هنا أن يجيب المربي على الصبي بجواب بسيط مختصر ومفهوم من غير دخول في تفاصيل.
الطفل العلاقات الاجتماعية
تحدثنا من قبل أن الطفل في هذه المرحلة يبدأ خروجه من المنزل يتزاد عن المرحلة السابقة وهي مرحلة ما دون سن التمييز، فهو يذهب الآن إلى المدرسة ويذهب أيضًا إلى المسجد، وربما يذهب لشراء بعض الأشياء من متجر قريب، وفي هذه الأماكن يحتك الطفل بأقرانه ويبدأ في تكوين العلاقات الاجتماعية، وتبدأ دائرة علاقته تتسع عما كانت عليه من ذي قبل.
وتبدو على الصبي في هذه المرحلة رغبته في تكوين الصداقات والعلاقات، وما يتبع ذلك من التأثر بهم والحرص على مودتهم، وتبادل المقتنيات معهم أو زياراتهم، وهذا المسلك ينبغي دعمه وتأييده، حتى يتعود الطفل على التعامل مع الناس، لكن يأخذ المربي حذره هنا من نوعية تربية هؤلاء الأصدقاء، لأنها بنسبة كبيرة ستؤثر على طفله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: (المرء على دين خليله، فلينظر أحدكم من يخالل) وفي رواية: (يخالط) بدلًا من (يخالل) (والخلة: الصداقة والمحبة).
يتبين مما سبق أهمية إدراك المربي لاتساع مدارك طفله والاستعداد لاستقبال أفكاره وأسئلته الجديدة، وكذلك ترقب الاتساع الذي سيحدث في علاقات الطفل ودعمه والتعامل معه بحكمة.. وللحديث بقية.
عمر السبع

عابرة سبيل
12-20-2021, 02:49 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]