مشاهدة النسخة كاملة : عـــذراً سينـاء .. يا أرض الطــور ( 1 ) تاريخ سيناء


محمد فرج الأصفر
01-15-2015, 08:22 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]


الحمد لله رب العالمين يسمع دعاء الخلائق ويجيب يؤنس الوحيد ، ويهدى الشريد ، ويذهب الوحشة عن الغريب يغفر لمن استغفره، ويرحم من استرحمه ، و يصلح المعيب يستر العصاة ، ويمهل البغاة ، ومن تاب منهم قبل وأثيب يكلف بالقليل ، ويجزى بالجزيل ، ويعفو عن الذى بالعجز أصيب من أطاعه تولاه ، ومن غفل عنه لا ينساه ، وله من الرزق نصيب يرزق بلا أسباب ، ويدخل الجنة بغير حساب فلا فضح ولا تنقيب

. نحمده تبارك وتعالى ونسأله التنظيم لأحوالنا و الترتيب ونعوذ بنور وجهه الكريم من الفساد والإفساد والتخريب ونرجوه الأمن والأمان والرضا والرضوان فى يوم يسقط الجنين فيه و الصغير فيه يشيب.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له المهيمن والرقي من تبع شرعه والاه ، ومن تقرب إليه فاز بالتقريب من أوى إليه آواه ، ومن استحيا منه فليس عليه تثريب من توكل عليه كفاه ، و من التجأ إليه فالفرج قريب من اعتصم به فهو مولاه ، ومن ارتجاه مخلصا لا يخيب من ذكره خاشعا اجتباه ، ومن تاب إليه فهو منيب من شكر عطاءه نماه ، ومن تواضع له نجا من التعذيب.
وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المقرب والحبيب خلقه نعمة ، ومبعثه رحمة ، وشمس سنته لا تغيب نظره لحظ ، وكلامه وعظ ، واللفظ منه لا يريب نوره يخطف الأبصار ، وأنفاسه مسك وطيب من سلم عليه رد عليه السلام ، ومن صلى عليه فهو من الجنة قريب من رآه فى المنام فقد رآه ، ومن بايعه فقد بايع الله ، من نال شفاعته اجتاز ، ومن شرب من حوضه فاز ، فلا عتاب ولا تأنيب ...
هو تاج أولى العزائم ، وقدوة لكل صائم وقائم ، وبإتباعه تحلو الحياة وتطيب
اللهم صل وسلم وبارك عليه عدد ما وسعه علم الحساب من تربيع وتكعيب وكلما أثنى عليه شاعر أو أديب ، وطالما عرف حقه عالم أو نجيب، و على الصحب و الآل و كل من انتسب إليه من بعيد أو قريب.
أمـا بـعــــــد

لا يخفى على أصحاب الأبصار والقلوب الرحيمة في الليل والنهار ما يجري لأهالينا في سيناء الحبيبة ، من تدمير وتخريب وتهجير وتشريد ، فهدمت البيوت والمساجد واقتلعت الأشجار وجرفت الأرض فأصبحت بوار ، ولا حول لهم ولا قوة إلا بالله ولسان حالهم حسبنا الله ونعم الوكيل في كل متكبر جبار، لا يرقب فينا إلا ولا ذمة ، وإلى الله المشتكى فهو المنتقم الجبار.



سيناء التاريخ:

تاريخ سيناء القديم:



المتفق عليه أن اسم سيناء، الذي أطلق علي الجزء الجنوبي من سيناء، مشتق من اسم الإله "سين " إله القمر في بابل القديمة حيث انتشرت عبادته في غرب آسيا وكان من بينها فلسطين، ثم وافقوا بينه وبين الإله " تحوت " إله القمر المصري الذي كان له شأن عظيم في سيناء وكانت عبادته منتشرة فيها. ومن خلال نقوش سرابيط الخادم والمغارة يتضح لنا أنه لم يكن هناك اسم خاص لسيناء، ولكن يشار إليها أحياناً بكلمة " بياوو" أي المناجم أو " بيا " فقط أي " المنجم "، وفي المصادر المصرية الآخري من عصر الدولة الحديثة يشار إلي سيناء باسم " خاست مفكات " وأحياناً "دومفكات" أي "مدرجات الفيروز".

والواضح أنه خلال الدولة القديمة كانت هناك صلة بين سيناء ووادي النيل، ولعبت سيناء في ذلك التاريخ دورا مهما

فقد كانت سيناء بالفعل " منجما " للمواد الخام كالنحاس والفيروز الذي يستخرج المصريون القدماء ما يحتاجونه في الصناعة، كما كان سكان شمال سيناء وهم "الهروشاتيو" (أي أسياد الرمال)، وجنوبها وهم " المونيتو " الذين ينسبون لساميي اللغة، كانوا يشتغلون بالزراعة حول الآبار والينابيع، فيزرعون النخيل والتين والزيتون وحدائق الكروم، كما يشتغلون بحرف الرعي علي العشب المتناثر في الصحراء، ويرتادون أسواق وادي النيل فيبيعون فيه ما عندهم من أصواف وعسل وصمغ وفحم ويستبدلونه بالحبوب والملابس،



وكانت هناك حضارات مزدهرة في سيناء خلال فترات التاريخ القديم، فكانت سيناء بمثابة منجم المعادن الذي مد حضارة مصر القديمة بما تحتاجه، ولم تكن تلك صحراء خالية من العمران.وحتى في العصرين اليوناني والروماني استمرت سيناء تلعب دورها التاريخي، فنشأت فيها العديد من المدن التي سارت علي نمط المدن اليونانية.



سيناء في العصر الإسلامي:



كان الفتح الإسلامي مشجعا لبعض العناصر البدوية في شبه جزيرة العرب للنزوح إلي سيناء والاستقرار بها مما شجع علي انتشار الإسلام بين سكانها، وهذه الهجرات التي عبرت سيناء منذ الفتح الإسلامي أخذت تزداد علي سيناء خلال العصرين الأموي والعباسي، ثم أخذت تقل بشكل ملحوظ منذ عصر الطولونيين، نتيجة انهيار النفوذ العربي خلال العصر العباسي الثاني، وتزايد نفوذ عناصر أخرى كالفرس والأتراك.



وخلال فترة الحروب الصليبية تعرضت سيناء لمحاولة الغزو من قبل الصليبين، حيث قام بلدوين الأول حاكم بيت المقدس الصليبي بالتوغل في وادي عربة للسيطرة علي المنطقة الواقعة جنوبي البحر الميت، ثم شيد سنة 1115م حصن الشوبك ليكون مركزاً يمكن للصليبيين من السيطرة علي وادي عربة بأكمله. وفي العام التالي (سنة 1116) خرج بلدوين في حملة أخرى، وسار حتى أيلة علي ساحل خليج، وشيد في أيلة قلعة حصينة ليستطيع التحكم في الطريق البري للقوافل بين مصر والشام.



وتمكن بلدوين من تشييد قلعة في جزيرة فرعون الواقعة في مواجهة أيلة في خليج العقبة. وبذلك تمكن الصليبيون من الإشراف علي شبه جزيرة سيناء التي أخذت تحرك في قلوبهم ذكريات ومشاعر دينية عزيزة عليهم، لكن علي الرغم من ذلك فإن رهبان دير سانت كاترين رفضوا استضافة بلدوين خشية انتقام الفاطميين في القاهرة ، مما جعل بلدوين ينصرف عائدا إلي بيت المقدس.



وقد تعرضت العريش لهجوم الصليبيين في عام 577هـ/ 1181م وقطعت أشجار نخيل سيناء وحمل الصليبيون جذوعها إلي بلادهم لاستخدامها في صناعة السفن المعروفة بـ" الجلاب " التي تصنع من جذوع النخيل، وذلك ضمن خطة رينالد من شاتيون حاكم حصن الكرك الصليبي للسيطرة علي البحر الأحمر. إلا أن خطة رينالد في السيطرة علي سيناء والبحر الأحمر قد فشلت نتيجة الجهود التي قام بها الأيوبيون، وخاصة صلاح الدين الأيوبي في وقف حملات رينالد في البحر الأحمر والتي وصلت حتى عدن، وإسطول حسام الدين لؤلؤ، الذي دمر الإسطول الصليبي ، وقد امتاز العصر الأيوبي بالاهتمام الملحوظ بتعمير سيناء نظرا لظروف الحروب الصليبية التي كانت تملي عليهم ضرورة تجديد القلاع والموانئ خوفا من هذا الخطر القريب، فقد قام صلاح الدين الأيوبي بتعمير وإصلاح ميناء الطور عام 580هـ/1184م، فعمر المراكب والميناء، وبدأت تصله المراكب المحملة بالبضائع من اليمن، وهجر أصحاب المراكب مينائي عيذاب والقصير، وقد تبع ذلك أن صارت الغلال ترسل إلي الحجاز بصورة دورية ومنتظمة، وشجع ذلك حركة التجارة في البحر الأحمر(). وكان صلاح الدين الأيوبي قد تمكن من انتزاع ميناء إيلات من أيدي الصليبين في عام 566هـ/1170م، ومن ثم صار البحر الأحمر تحت سيطرته. كما قام الصالح نجم الدين أيوب في نهاية العصر الأيوبي ببناء بلدة الصالحية في " أرض السباخ " (امتداد سبخة البردويل) عام 644هـ/ 1246م لتكون محطة علي الطريق الموصل إلي الشام.



وقد نمت العريش في العصر المملوكي، فقال عنها القلقشندي أنها " مدينة ذات جامعين مفترق (أي أنهما بعيدين عن بعضهما البعض) وثمار وفواكه "، لكن أصابها التدهور في نهاية العصر المملوكي، حيث يذكر النابلسي خلال رحلته إلي مصر في تلك الفترة بأن العريش فيها " قلعة وزاوية، وبعض دور فناها خاوية". إلا أن السلطان المملوكي قانصوة الغوري (906 ـ 922هـ / 1501 ـ 1516م) قد اهتم بإنشاء القلاع في سيناء نظراً للأخطار التي كانت تحدق بدولته من ناحية الشرق وخاصة الخطر العثماني، ومن ثم انشأ قلعة نخل علي طريق الحج المصري وقلعة البغلة، ونقب العقبة.



وكان اهتمام الدولة المملوكية بسيناء يهدف إلي تأمين حدود مصر الشرقية من الأخطار المحدقة بها ناحية الشرق، والتي كانت تتمثل حينذاك في بقايا الوجود الصليبي، بالإضافة إلي الخطر المغولي، كما حاولت من وراء إنشاء القلاع وترميمها علي طريق الحج أن تظهر بمظهر الدولة التي تؤمن لرعاياها المسلمين آداء فريضتهم الدينية، حيث أن مثل هذا العمل يظهر السلاطين في عيون رعاياهم بمظهر ديني يليق بالألقاب التي اتخذها بعضهم كلقب " خادم الحرمين الشريفين ".



وللحديث بقية

عابرة سبيل
12-31-2021, 06:52 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]