مشاهدة النسخة كاملة : حـرمـــة الدمــاء في شريعــة السمــاء ( 2 )


محمد فرج الأصفر
06-21-2015, 11:24 AM
[سجل معنا ليظهر الرابط]

حرمة الدماء في شريعة الإسلام
حرمة دم المسلم
من الضروريات المعلومة في الشريعة أن الإسلام جاء ليحفظ المصالح الخمس، ومنها حفظ النفس التي عصمها الله من الاعتداء عليها، وهذه العصمة إما أن تكون بالإسلام، أو بذمة وعهد

دليل القرآن الكريم
قال تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) النساء: 93
قلت: ما وجدت آية وعيد في كتاب الله أغلظ من هذه الآية، فقد جمعت الخلود في النار والغضب من الجبار واللعنة والعذاب العظيم
وقال تعالى: (وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) الأنعام:51
وقال تعالى: (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً) الفرقان: 68
وقال تعالى: (وَلا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاّ بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُوراً) الإسراء: 33
دليل السنة المطهرة
عَن مُعَاوِيَة رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُول الله May peace be upon hi : (كل ذَنْب عَسى الله أَن يغفره إِلَّا الرجل يَمُوت كَافِرًا أَو الرجل يقتل مُؤمنا مُتَعَمدًا) . رَوَاهُ النَّسَائِيّ وَالْحَاكِم
وعَنِ ابن عمر رضي الله عنه قَالَ : قَالَ النَّبيُّ : " لا يَزَالُ الْمُؤْمِنُ فِي فُسْحَةٍ مِن دِينِهِ مَا لَمْ يُصِبْ دَمًا حَرَامًا " رواه البخاري
وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه حدثه قال: قال رسول الله May peace be upon hi : (إن مما أتخوف عليكم رجل قرأ القرآن حتى إذا رئيت بهجته عليه وكان رداؤه الإسلام اعتراه إلى ماشاء الله انسلخ منه ونبذه وراء ظهره وسعى على جاره بالسيف ورماه بالشرك، قال قلت يا نبي الله أيهما أولى بالشرك المرمي أم الرامي ؟ قال بل الرامي) رواه ابن حبان والبزار وأبو يعلى في مسنده وصححه الألباني.
وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: قال رسول الله May peace be upon hi : (لزوال الدنيا أهون على الله عز وجل من سفك دم مسلم بغير حق). رواه النسائي وابن ماجه . ورواه البيهقي والأصبهاني وزاد فيه: ( وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ سَمَاوَاتِهِ ، وَأَهْلَ أَرْضِهِ ، اشْتَرَكُوا فِي دَمِ مُؤْمِنٍ لأَدْخَلَهُمُ اللَّهُ النَّارَ)
وروي بلفظ : لهدم الكعبة حجراً حجرا أهون من قتل مسلم. قال السخاوي: لم أقف عليه بهذا اللفظ ولكن روي معناه عند الطبراني. وله روايات كثيرة يعضد بعضها بعضا فترتقي به إلى درجة الصحيح لغيره.

التغليظ في حرمة دم المسلم وماله
عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ May peace be upon hi خَطَبَ النَّاسَ يَوْمَ النَّحْرِ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَيُّ يَوْمٍ هَذَا؟»، قَالُوا: يَوْمٌ حَرَامٌ، قَالَ: «فَأَيُّ بَلَدٍ هَذَا؟»، قَالُوا: بَلَدٌ حَرَامٌ، قَالَ: «فَأَيُّ شَهْرٍ هَذَا؟»، قَالُوا: شَهْرٌ حَرَامٌ "، قَالَ: «فَإِنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا) رواه البخاري
وعَن عبد الله بن عَمْرو قَالَ : رَأَيْت رَسُول الله May peace be upon hi يطوف بِالْكَعْبَةِ وَيَقُول : (مَا أطيبَكِ وَمَا أطيبَ رِيحَكِ ، ومَا أعظمَكِ وَمَا أعظمَ حُرْمَتَكِ !، وَالَّذِي نفسُ مُحَمَّد بِيَدِهِ لَحُرْمَةُ الْمُؤمنِ عِنْد الله أعظمُ من حُرْمَتَكِ ، مَاله وَدَمه ). رواه ابن ماجه.
وَعَن ابْن عَبَّاس أَنه سَأَلَهُ سَائل فَقَالَ : يَا أَبَا الْعَبَّاس ! هَل للْقَاتِل من تَوْبَة ؟ فَقَالَ ابْن عَبَّاس كالمُعَجِّب من شَأْنه : مَاذَا تَقول ؟! فَأَعَادَ عَلَيْهِ مَسْأَلته ، فَقَالَ : مَاذَا تَقول ؟ مرَّتَيْنِ أَو ثَلَاثًا ، ثم قَالَابْن عَبَّاس : سَمِعت نَبِيكُم May peace be upon hi يَقُول : ( يَأْتِي الْمَقْتُول مُتَعَلقا رَأسُهُ بِإِحْدَى يَدَيْهِ ، متلببًا قَاتله بِالْيَدِ الْأُخْرَى ، تشخب أوداجه دَمًا ، حَتَّى يَأْتِي بِهِ الْعَرْش ، فَيَقُول الْمَقْتُول لرب الْعَالمين : هَذَا قتلني ، فَيَقُول الله عز وَجل للْقَاتِل : تَعَسْتَ ، وَيُذْهب بِهِ إِلَى النَّار ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ وَحسنه ، وَالطَّبَرَانِيّ فِي "الْأَوْسَط
وعَنْ اِبْن مَسْعُود: قَالَ رَسُول اللَّه May peace be upon hi: ( لَا يَحِلّ دَم اِمْرِئٍ مُسْلِم يَشْهَد أَنْ لَا إِلَه إِلَّا اللَّه وَأَنِّي رَسُول اللَّه إِلَّا بِإِحْدَى ثَلَاث : الثَّيِّب الزَّانِي ، وَالنَّفْس بِالنَّفْسِ ، وَالتَّارِك لِدِينِهِ الْمُفَارِق لِلْجَمَاعَةِ ) رواهُ
البخاري ومسلم .

النَّهْيِ عَنِ قِتَالَ الْفِئَةِ الْبَاغِيَةِ خَوْفًا مِنْ أَنْ يَكُونَ قِتَالًا فِي الْفُرْقَةِ
عَنِ الأَحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: ذَهَبْتُ لِأَنْصُرَ هَذَا الرَّجُلَ، فَلَقِيَنِي أَبُو بَكْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تُرِيدُ؟ قُلْتُ: أَنْصُرُ هَذَا الرَّجُلَ، قَالَ: ارْجِعْ فَإِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ May peace be upon hi يَقُولُ: «إِذَا التَقَى المُسْلِمَانِ بِسَيْفَيْهِمَا فَالقَاتِلُ وَالمَقْتُولُ فِي النَّارِ» ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا القَاتِلُ فَمَا بَالُ المَقْتُولِ قَالَ: «إِنَّهُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى قَتْلِ صَاحِبِهِ) رواه البخاري ومسلم

النهي عن ترويع المسلمين
فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي لَيْلَى، قَالَ: حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ May peace be upon hi أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِيِّ فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ، فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ، فَفَزِعَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ May peace be upon hi : (لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا). أخرجه أبو داود
قال المناوي: (لا يحل لمسلم أن يروع) بالتشديد أي يفزع (مسلما) وإن كان هازلا كإشارته بسيف أو حديدة أو أفعى أو أخذ متاعه فيفزع لفقده لما فيه من إدخال الأذى والضرر عليه والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )فيض القدير

النهي عن الإشارة بالسلاح إلى المسلم
عن أبي هُرَيْرَةَ، يَقُولُ: قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ May peace be upon hi: «مَنْ أَشَارَ إِلَى أَخِيهِ بِحَدِيدَةٍ، فَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَلْعَنُهُ، حَتَّى يَدَعَهُ وَإِنْ كَانَ أَخَاهُ لِأَبِيهِ وَأُمِّهِ»رواه مسلم
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ May peace be upon hi قَالَ: «مَنْ حَمَلَ عَلَيْنَا السِّلاَحَ فَلَيْسَ مِنَّا) رواه البخاري ومسلم

قلـــت:
هذا للذي يشير إلى أخيه بحديدة فكيف بمن يقتل ويسفك دماء المسلمين؟
والأحاديث في الباب كثيرة جداً وما تركت أكثر مما أوردت،
وإن دل هذا دل على أن أمر الدماء عظيم في الإسلام، ومهيب عند رب الأنام.

حرمة دم المستأمن والذمي
قال تعالى: (وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيم) النساء: 92
إن الإسلام الذي حرم دم المسلم على المسلم،حرم أيضا قتل المستأمن أو الذمي الذي له عهد في الإسلام ، فقد جاءت الشريعة بحفظ ماله ودمه وعرضه ، فدمُ المعاهدِ الذي له عهدٌ مع المسلمين بعقدِ جزيةٍ ، أو هدنةٍ من سلطانٍ ، أو أمانٍ من مسلمٍ فحقه محفوظاً ، وقتله مرفوضاً
‏عَنْ ‏عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ‏‏رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ‏عَنْ النَّبِيِّ May peace be upon hi ‏‏قَالَ : (‏ ‏مَنْ قَتَلَ مُعَاهَدًا لَمْ يَرِحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ وَإِنَّ رِيحَهَا تُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا ) رواهُ البخاري
وعن أبي بكرة قال، قال رسول الله May peace be upon hi :" من قَتل نفساً معاهدة بغير حِلِّها، حرَّم الله عليه الجنة أن يشم ريحها) سنن النسائي
وعن عمرو بن الحمق الخزاعي، وقال النبي May peace be upon hi: (مَنْ أَمَّنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ ثُمَّ قَتْلَهُ فَأَنَا بَرِيءٌ مِنَ الْقَاتِلِ وَإِنْ كَانَ الْمَقْتُولُ كَافِرًا) الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم ، وصححها الألباني
وفي رواية «مَنْ أَمِنَ رَجُلًا عَلَى دَمِهِ، فَقَتَلَهُ، فَإِنَّهُ يَحْمِلُ لِوَاءَ غَدْرٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) رواه ابن ماجة.
وعن أبي هريرة، عن النبي May peace be upon hi قال:" قالَ اللهُ: ثلاثةٌ أنا خَصمُهُم يومَ القيامة: رجلٌ أعطى بيَ ثمَّ غدَر، ورجلٌ باعَ حُرَّاً ثم أكلَ ثمنه، ورجلٌ استأجرَ أجيراً فاستوفى مِنْهُ ولم يُعْطِ أجرَه) رواه البخاري.

من أقوال السلف في حرمة الدماء
قال ابن عمر: (إِن من ورطات الْأُمُور الَّتِي لَا مخرج لمن أوقع نَفسه فِيهَا سفك الدَّم الْحَرَام بِغَيْر حلّه) رواه البخاري والحاكم

وقال شيخ الإسلام : قال الفقهاء أكبر الكبائر الكفر ثم قتل النفس بغير حق.
وقال النووي: إن أكبر المعاصي الشرك وهذا ظاهر لا خفاء فيه، وأن القتل بغير حق يليه، وكذلك قال أصحابنا أكبر الكبائر بعد الشرك القتل وكذلك نص عليه الشافعي
وقال ابن العربي: ثبت النهي عن قتل البهيمة بغير حق والوعيد في ذلك فكيف بقتل الآدمي ؟فكيف بالمسلم ؟ فكيف بالتقي الصالح؟

أخـــــيراً
وبعد هذا العرض القليل والدليل في كل مقام من مقامات النهي عن الترويع و الإيذاء للمسلم وحرمة الدم لغير المسلم،والأعمال التي تستهدِف الآمنين المعصومين
وزهق أرواح المسلمين الوادعين لا يسعنا إلا أن نقول ويحكم يا من دبرتم وخططتم ونفذتم لسفك الدماء واستحلالها. فجعلتم دماء تراق وأجساد للموت تساق وجرائم سطرتموها بمداد قاتمة وعقول هائمة. ونفوس خبيثة وقلوب مليئة بالشر. ويلكم من ربكم يوم المطلع الرهيب والعرض على الله والوقوف بين يديه على رؤوس الاشهاد في عرسات يوم القيامة ماذا أنتم فاعلون وبما تقولون وأنتم موقفون مسؤولون فأعدوا للسؤال جواباً.
ونسأل الله أن يرحم موتى المسلمين في سوريا والسودان ومصرالذي شهدوا له بالوحدانية ولرسوله بالرسالة وماتوا على ذلك
وأن يلقي الصبر في قلوب ذويهم
ولا يحرمنا أجرهم ولا يفتنا بعدهم.
إنه الولي والقادر على ذلك
وآخر دعوانا
أن حسبنا الله ونعم الوكيل

عابرة سبيل
01-01-2022, 07:05 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]