مشاهدة النسخة كاملة : فرسان بالنهار رهبان بالليل (10) عبد الرحمن بن عوف


محمد فرج الأصفر
06-24-2015, 10:19 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]

عبد الرحمن بن عوف
[سجل معنا ليظهر الرابط]
ما يبكيك يا أبا محمد
رضي الله عنه وأرضاه
عبد الرحمن بن عوف الثقة الأمين في الأرض والسماء
ترجمته
هو أبو محمد عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زُهرة بن كلاب بن مُرة بن كعب بن لؤي، كان اسمه في الجاهلية عبد عمرو وقيل كان اسمه عبد الحارث وقيل عبد الكعبة، فسماه رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] عبد الرحمن .
وذكر الحافظ العسقلاني في "الإصابة" أنه ولد بعد عام الفيل بعشر سنين .
وهو أحد العشرة المبشرين بالجنة وأحد الستة أهل الشورى وأحد الثمانية الأوائل الذين أسلموا قديمًا قبل دخول النبي[سجل معنا ليظهر الرابط] دار الأرقم .
وهو أحد الذين هاجروا الهجرتين : الهجرة إلى الحبشة والهجرة إلى المدينة المنورة وأحد السابقين الذين شهدوا بدرًا وكذا شهد المشاهد كلها.
وروى عنه ابن عباس وابن عمر وأنس بن مالك وبنوه : إبراهيم وحميد وأبو سلمة وعمرو ومصعب وروى عنه مالك بن أوس وجبير بن مطعم وجابر بن عبد الله والمِسْور بن مخرمة وغيرهم .
وله في الصحيحين حديثان . وانفرد له البخاري بخمسة أحاديث .
[سجل معنا ليظهر الرابط]
مناقبه
كان الصحابي الجليل عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه واحدًا من أولئك الأبطال الذين أُثر عنهم بذل النفيس في سبيل الله ونصرة دينه ، فقد روى ابن الجوزي في "صفة الصفوة" عن ثابت البناني عن أنس قال : بينما عائشة رضي الله عنها في بيتها إذ سمعت صوتًا رجَّت منه المدينة فقالت : ما هذا ؟ قالوا : عير قدمت لعبد الرحمن بن عوف من الشام، وكانت سبعمائة راحلة، فقال عبد الرحمن بن عوف لعائشة رضي الله عنها : فإني أُشهدك أنها بأحمالها وأقتابها وأحلاسها في سبيل الله عز وجل .
وروى الذهبي في "سير أعلام النبلاء" عن أبي هريرة أن رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] قال : "أَلَا خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِنِسَائِهِ وَ أَنَا خَيْرُكُمْ لِنِسَائِي" فأوصى لهن عبد الرحمن بن عوف بحديقة قُوّمت بأربعمائة ألف .
وقال عبد الله بن جعفر الزهري : حدثتنا أم بكر بنت المسور أن عبد الرحمن باع أرضًا له لعثمان بن عفان بأربعين ألف دينار فأخذ المال وقسمه في فقراء بني زُهرة وفي المهاجرين وأمهات المؤمنين .
قال المِسْوَر: فأتيتُ عائشة بنصيبها فقالت : من أرسل بهذا ؟ قلتُ : عبد الرحمن بن عوف ، فقالت : أما إني سمعت رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] يقول : "لاَ يَحْنُو عَلَيْكُنَّ بَعْدِي إِلاَّ الصَّابِرُوْنَ".
وقد أخرج أحمد بن حنبل هذا الحديث في مسنده .
وذكر الذهبي في سيره عن ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة : أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بخمسين ألف دينار في سبيل الله ، فكان الرجل يعطى منها ألف دينار .
وقال الزهري : إن عبد الرحمن بن عوف أوصى للبدريين بمال فوُجدوا مائة ، فأعطى كل واحد منهم أربعمائة دينار فكان منهم سيدنا عثمان بن عفان فأخذها .
وبإسناد آخر عن الزهري : أن عبد الرحمن أوصى بألف فرس في سبيل الله .
ذات يوم، والمدينة ساكنة هادئة، أخذ يقترب من مشارفها نقع كثيف، راح يتعالى ويتراكم حتى كاد يغطي الأفق .
ودفعت الريح هذه الأمواج من الغبار المتصاعد من رمال الصحراء الناعمة، فاندفعت تقترب من أبواب المدينة، وتهبّ هبوبا قويا على مسالكها .
وحسبها الناس عاصفة تكنس الرمال وتذروها، لكنهم سرعان ما سمعوا وراء ستار الغبار ضجة تنبئ عن قافلة كبيرة مديدة .
ولم يمض وقت غير وجيز، حتى كانت سبعمائة راحلة موقرة الأحمال تزحم شوارع المدينة وترجّها رجّا، ونادى الناس بعضهم بعضا ليروا مشهدها الحافل ، وليستبشروا ويفرحوا بما تحمله من خير ورزق ..
وسألت أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها ، وقد ترتمت الى سمعها أصداء القافلة الزاحفة ..
سألت : ما هذا الذي يحدث في المدينة..؟
وأجيبت: انها قافلة لعبدالرحمن بن عوف جاءت من الشام تحمل تجارة له ..
قالت أم المؤمنين : قافلة تحدث كل هذه الرّجّة ..؟!
أجل يا ام المؤمنين.. انها سبعمائة راحلة ..!!
وهزت أم المؤمنين رأسها، وأرسلت نظراتها الثاقبة بعيدا، كأنها تبحث عن ذكرى مشهد رأته، أو حديث سمعته..
"أما اني سمعت رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] يقول :
"رأيت عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا" .
عبدالرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا..؟
ولماذا لا يدخلها وثبا هرولة مع السابقين من أصحاب رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] ..؟
ونقل بعض أصحابه مقالة عائشة اليه، فتذكر أنه سمع من النبي [سجل معنا ليظهر الرابط] هذا الحديث أكثر من مرة، وبأكثر من صيغة.
وقبل أن تفضّ مغاليق الأحمال من تجارته، حث خطاه الى بيت عائشة وقال لها : لقد ذكّرتيني بحديث لم أنسه .. ثم قال : "أما اني أشهدك أن هذه القافلة بأحمالها، وأقتابها، وأحلاسها، في سبيل الله عز وجل"..
ووزعت حمولة سبعمائة راحلة على أهل المدينة وما حولها في مهرجان برّ عظيم ..!!
هذه الواقعة وحدها، تمثل الصورة الكاملة لحياة صاحب رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] عبد الرحمن بن عوف.
فهو التاجر الناجح ، أكثر ما يكون النجاح وأوفا ه..
وهو الثري ، أكثر ما يكون الثراء وفرة وافراطا..
وهو المؤمن الأريب ، الذي يأبى أن تذهب حظوظه من الدين، ويرفض أن يتخلف به ثراؤه عن قافلة الايمان ومثوبة الجنة.. فهو رضي الله عنه يجود بثروته في سخاء وغبطة ضمير..!
متى وكيف دخل هذا العظيم الاسلام ..؟
لقد أسلم في وقت مبكر جدا ..
بل أسلم في الساعات الأولى للدعوة، وقبل أن يدخل رسول الله دار الأرقم ويتخذها مقرا لالتقائه بأصحابه المؤمنين..
فهو أحد الثمانية الذن سبقوا الى الاسلام ..
عرض عليه أبوبكر الاسلام هو وعثمان بن عفان والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله وسعد بن أبي وقاص ، فما غمّ عليهم الأمر ولا أبطأ بهم الشك ، بل سارعوا مع الصدّيق الى رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] يبايعونه ويحملون لواءه .
ومنذ أسلم الى أن لقي ربه في الخامسة والسبعين من عمره ، وهو نموذج باهر للمؤمن العظيم، مما جعل النبي [سجل معنا ليظهر الرابط] يضعه مع العشرة الذين بشّرهم بالجنة .. وجعل عمر رضي الله عنه يضعه مع أصحاب الشورى الستة الذين جعل الخلافة فيهم من بعده قائلا :"لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض".
وفور اسلام عبدالرحمن بن عوف حمل حظه المناسب، ومن اضطهاد قريش وتحدّياتها..
وحين أمر النبي [سجل معنا ليظهر الرابط] أصحابه بالهجرة الى الحبشة هاجر ابن عوف ثم عاد الى مكة، ثم هاجر الى الحبشة في الهجرة الثانية ثم هاجر الى المدينة .. وشهد بدرا، وأحدا، والمشاهد كلها.
وكان موفقا في التجارة الى حدّ أثار عجبه ودهشه فقال :
"لقد رأيتني، لو رفعت حجرا، لوجدت تحت فضة وذهبا"..!!
ولم تكن التجارة عند عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه شرها ولا احتكارا .. بل لم تكن حرصا على جمع المال شغفا بالثراء ..
كلا ..انما كانت عملا، وواجبا يزيدهما النجاح قربا من النفس، ومزيدا من السعي ..
وكان ابن عوف يحمل طبيعة جيّاشة، تجد راحتها في العمل الشريف حيث يكون ..
فهو اذا لم يكن في المسجد يصلي ، ولا في الغزو يجاهد فهو في تجارته التي نمت نموا هائلا ، حتى أخذت قوافله تفد على المدينة من مصر، ومن الشام، محملة بكل ما تحتاج اليه جزيرة العرب من كساء وطعام ..
ويدلّنا على طبيعته الجيّاشة هذه، مسلكه غداة هجر المسلمين الى المدينة ..
لقد جرى نهج الرسول [سجل معنا ليظهر الرابط] يومئذ على أن يؤاخي بين كل اثنين من أصحابه ، أحدهما مهاجر من مكة ، والآخر أنصاري من المدينة .
وكانت هذه المؤاخات تم على نسق يبهر الألباب ، فالأنصاري من أهل المدينة يقاسم أخاه المهاجر كل ما يملك .. حتى فراشه ، فاذا كان تزوجا باثنين طلق إحداهما، ليتزوجها أخوه ..!!
ويومئذ آخى الرسول الكريم بين عبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن الربيع ..
ولنصغ للصحابي الجليل أنس بن مالك رضي الله عنه يروي لنا ما حدث :
"قال سعد لعبد الرحمن : أخي، أنا أكثر أهل المدينة مالا، فانظر شطر مالي فخذه!! وتحتي امرأتان ، فانظر أيتهما أعجب لك حتى أطلقها، وتتزوجها..!
فقال له عبدالرحمن بن عوف : بارك الله لك في أهلك ومال .. دلوني على السوق ..
وخرج الى السوق، فاشترى.. وباع.. وربح"..!!
وهكذا سارت حياته في المدينة، على عهد رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] وبعد وفاته، أداء كامل لحق الدين، وعمل الدنيا.. وتجارة رابحة ناجحة، لو رفع صاحبها على حد قوله حجرا من مكانه لوجد تحته فضة وذهبا..!!
ومما جعل تجارته ناجحة مباركة، تحرّيه الحلال، ونأيه الشديد عن الحرام، بل عن الشبهات..
كذلك مما زادها نجاخا وبركة أنها لم تكن لعبد الرحمن وحده.. بل كان لله فيها نصيب أوفى، يصل به أهله، واخوانه، ويجهّز به جيوش الاسلام..
واذا كانت الجارة والثروات، انما تحصى بأعداد رصيدها وأرباحها فان ثروة عبد الرحمن بن عوف انما تعرف مقاديرها وأعدادها بما كان ينفق منها في سبيل الله رب العالمين..!!
لقد سمع رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] يقول له يوما :
"يا ابن عَوْفِ إنك من الأغْنِياء، وإنَّك سَتَدْخُل الجنَّة حَبْواً، فأَقْرِض الله يُطْلِقُ لك قَدَمَيْك"..
ومن سمع هذا النصح من رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] ، وهو يقرض ربه قرضا حسنا، فيضاعفه له أضعافا كثيرة.
باع في يوم أرضا بأربعين ألف دينار، ثم فرّقها في أهله من بني زهرة، وعلى أمهات المؤمنين، وفقراء المسلمين.
وقدّم يوما لجيوش الاسلام خمسمائة فرس، ويوما آخر الفا وخمسمائة راحلة.
وعند موته، أوصى بخمسن ألف دينار في سبيل الله، وأ،صى لكل من بقي ممن شهدوا بدرا بأربعمائة دينار، حتى ان عثمان بن عفان رضي الله عنه، أخذ نصيبه من الوصية برغم ثرائه وقال : "إن مال عبد الرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة" .
كان ابن عوف سيّد ماله ولم يكن عبده ..
وآية ذلك أنه لم يكن يشقى بجمعه ولا باكتنازه..
بل هو يجمعه هونا، ومن حلال .. ثم لا ينعم به وحده .. بل ينعم به معه أهله ورحمه واخوانه ومجتمعه كله.
ولقد بلغ من سعة عطائه وعونه أنه كان يقال :
"أهل المدينة جميعا شركاء لابن عوف في ماله.
ثلث يقرضهم ..
وثلث يقضي عنهم ديونهم ..
وثلث يصلهم ويعطيهم .."
ولم كن ثراؤه هذا ليبعث الارتياح لديه والغبطة في نفسه، لو لم يمكّنه من مناصرة دينه، ومعاونة اخوانه.
أما بعد هذا، فقد كان دائم الوجل من هذا الثراء .. جيء له يوما بطعام الافطار، وكان صائما .. فلما وقعت عيناه عليه فقد شهيته وبكى وقال :
"استشهد مصعب بن عمير وهو خير مني ، فكفّن في بردة ان غطت رأسه ، بدت رجلاه ، وان غطت رجلاه بدا رأسه .
واستشهد حمزة وهو خير مني ، فلم يوجد له ما يمفن فيه الا بردة .
ثم بسط لنا من الدنيا ما بسط، وأعطينا منها ما أعطينا واني لأخشى أن نكون قد عجّلت لنا حسناتنا"..!!
واجتمع يوما نع بعض أصحابه على طعام عنده ، وما كاد الطعام يوضع أمامهم حتى بكى وسألوه: ما يبكيك يا أبا محمد ..؟؟
قال: "لقد مات رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] ، وما شبع هو وأهل بيته من خبز الشعير .. ما أرانا أخرنا لم هو خير لنا"..!!
كذلك لم يبتعث ثراؤه العريض ذرة واحدة من الصلف والكبر في نفسه..
حتى لقد قيل عنه : أنه لو رآه غريب لا يعرفه وهو جالس مع خدمه، ما استطاع أ، يميزه من بينهم..!!
لكن اذا كان هذا الغريب يعرف طرفا من جهاد ابن عوف وبلائه، فيعرف مثلا أنه أصيب يوم أحد بعشرين جراحة، وان احدى هذه الاصابات تركت عرجا دائما في احدى ساقيه .. كما سقطت يوم أحد بعض ثناياه . فتركت همّا واضحا في نطقه وحديثه ..
عندئذ لا غير، يستطيع هذا الغريب أن يعرف أن هذا الرجل الفارع القامة ، المضيء الوجه، الرقيق البشرة، الأعرج، الأهتم من جراء إصابته يوم أحد هو عبد الرحمن بن عوف..!! رضي الله عنه وأرضاه..
لقد عوّدتنا طبائع البشر أن الثراء ينادي السلطة...
أي أن الأثرياء يحبون دائما أن يكون لهم نفوذ يحمي ثراءهم ويضاعفه، ويشبع شهوة الصلف والاستعلاء والأنانية التي يثيرها الثراء عادة ..
فاذا رأينا عبد الرحمن بن عوف في ثرائه العريض هذا، رأينا انسانا عجبا يقهر طبائع البشر في هذا المجال ويتخطاها الى سموّ فريد..!
حدث ذلك عندما كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يجود بروحه الطاهرة ، ويختار ستة رجال من أصحاب رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] ، ليختاروا من بينهم الخليفة الجديد..
كانت الأصابع تومئ نحو ابن عوف وتشير ..
ولقد فاتحه بعض الصحابة في أنه أحق الستة بالخلافة ، فقال :
"والله، لأن تؤخذ مدية، فتوضع في حلقي، ثم ينفذ بها الى الجانب الآخر أحب اليّ من ذلك"..!!
وهكذا لم يكد الستة المختارون يعقدون اجتماعهم ليختاروا أحدهم خليفة بعد الفاروق عمر حتى أنبأ اخوانه الخمسة الآخرين أنه متنازل عن الحق الذي أضفاه عمر عليه حين جعله أحد الستة الذين يختار الخليفة منهم .. وأنّ عليهم أن يجروا عملية الاختيار بينهم وحدهم أي بين الخمسة الآخرين ..
وسرعان ما أحله هذا الزهد في المنصب مكان الحكم بين الخمسة الأجلاء، فرضوا أن يختار هو الخليفة من بينهم، وقال الامام علي :
"لقد سمعت رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] يصفك بأنك أمين في أهل السماء، وأمين في أهل الأرض"..
واختار ابن عوف عثمان بن عفان للخلافة ، فأمضى الباقون اختياره .
هذه حقيقة رجل ثري في الاسلام ..
فهل رأيتم ما صنع الاسلام به حتى رفعه فوق الثرى بكل مغرياته ومضلاته، وكيف صاغه في أحسن تقويم ..؟؟
وها هو ذا في العام الثاني والثلاثين للهجرة، يجود بأنفاسه..
وتريد أم المؤمنين عائشة أن تخصّه بشرف لم تختصّ به سواه، فتعرض عليه وهو على فراش الموت أن يدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ..
ولكنه مسلم أحسن الاسلام تأديبه ، فيستحي أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ...!!
ثم إنه على موعد سابق وعهد وثيق مع عثمان بن مظعون ، اذ تواثقا ذات يوم : أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه .
وبينما كانت روحه تتهيأ لرحلتها الجديدة كانت عيناه تفيضان من الدمع ولسانه يتمتم ويقول :
"اني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال"..
ولكن سكينة الله سرعان ما تغشته ، فكست وجهه غلالة رقيقة من الغبطة المشرقة المتهللة المطمئنة ..
وأرهفت أذناه للسمع .. كما لو كان هناك صوت عذب يقترب منهما ..
لعله آنئذ، كان يسمع صدق قول الرسول [سجل معنا ليظهر الرابط] له منذ عهد بعيد :"عبدالرحمن بن عوف في الجنة"..
ولعله كان يسمع أيضا وعد الله في كتابه الكريم :
(الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله، ثم لا يتبعون ما أنفقوا منّا ولا أذى، لهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون) .
[سجل معنا ليظهر الرابط]
وفاته
توفي رضي الله عنه سنة اثنتين وثلاثين للهجرة عن خمسة وسبعين عامًا، وقيل اثنين وسبعين.
وصلى عليه سيدنا عثمان بن عفان، وقيل الزبير بن العوام، ودفن في البقيع بالمدينة المنورة .
رحم الله عبد الرحمن بن عوف صاحب رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط]
ورضي عن ذلك الصحابي الجليل وحشرنا معه ومع النبي الأمين
[سجل معنا ليظهر الرابط]

عابرة سبيل
10-06-2022, 11:16 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط] e0f54a1ea642ec9908