مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز للابن بعد سن الرشد اختيار دين أخر؟


محمد فرج الأصفر
04-01-2016, 01:28 PM
سؤال الفتوى:
السلام عليكم
في أحد البرامج للدكتورة / آمنة نصير تقول عن حرية العقائد بأن بعد سن النضج يحق للابن أن يختار الدين الذي يريد ، ونحن عندنا حساسية واستياء من الانتقال من دين لأخر ، من يدخل الإسلام لن يزيد الإسلام بشيء ومن يخرج من الإسلام لم ينقص الإسلام شيء ولن يفيد المسيحية بشيء ، والله تعالى يقول: ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء
فليكفر ﴾ فالأبناء يكونون على دين الأب إلى أن يبلغ سن الرشد


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:

قول هذه المرأة في حق الابن بعد سن النضج أن يختار الدين الذي يريد، دعوة صريحة للكفر والردة ، ومخالفة واضحة لنصوص الكتاب والسنة والفطرة السليمة.

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ ۚ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ ) البقرة: 208

قال أبو جعفر: اختلف أهل التأويل في معنى السلم في هذا الموضع.

فقال بعضهم: معناه: ادخلوا في الإسلام كافة

وقال آخرون: بل معنى ذلك: ادخلوا في الطاعة.

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) آل عمران: 102

وعن مرة ، عن عبد الله هو ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " ( اتقوا الله حق تقاته ) أن يطاع فلا يعصى ، ويشكر فلا يكفر ، ويذكر فلا ينسى " صحيح موقوف .

وقوله :( ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون ) أي : حافظوا على الإسلام في حال صحتكم وسلامتكم لتموتوا عليه ، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شيء مات عليه ، ومن مات على شيء بعث عليه ، فعياذا بالله من خلاف ذلك

وقال تعالى : (وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) آل عمران : 85

قال أبو جعفر: يعني بذلك جل ثناؤه: ومن يطلب دينا غيرَ دين الإسلام ليدين به، فلن يقبل الله منه ومن الباخسين أنفسَهم حظوظَها من رحمة الله عز وجل

وعنأبي هريرةقال: قالرسول الله صلى الله عليه وسلم:)ما من مولود إلا يولد علىالفطرة ، فأبواه يهودانه وينصرانه ويمجسانه كما تنتج البهيمة بهيمة جمعاء هل تحسونفيها من جدعاء.( ثم يقولأبو هريرةواقرؤوا إنشئتم} فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله{ الآية. رواه البخاري ومسلمواللفظ له

والفطرة هنا هي فطرة الإسلام ، وهي السلامة من الاعتقادات الباطلة والقبول للعقائد الصحيحة ، وليس المراد أن الإنسان حين يخرج من بطن أمه يعلم هذا الدين موحداً لله فإن الله تعالى يقول : (وَاللّهُ أَخْرَجَكُم مِّن بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لاَ تَعْلَمُونَ شَيْئًا)النحل: 78

وإنما المراد أن فطرته مقتضية وموجبة لدين الإسلام ولمعرفة الخالق والإقرار به ومحبته. ومقتضيات هذه الفطرة وموجباتها تحصل شيئاً بعد شيء وذلك بحسب كمال الفطرة وسلامتها من الموانع .
والأدلة القاضية بصحة هذا التفسير كثيرة منها:
أولاً: ورود روايات لهذا الحديث تفسر الفطرة منها قوله صلى الله عليه وسلم: (على هذه الملة).
ثانياً : إن الصحابة فهموا من الحديث أن المراد بالفطرة : الإسلام ، ولذلك سألوا الرسول صلى الله عليه وسلم عقب ذلك عن أطفال المشركين لوجود ما يغير تلك الفطرة السليمة وإلا لما سألوا عنهم.

ثانياً:

أما استدلال هذه المرأة بقوله تعالى : ﴿ فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر ﴾. استدلال خاطئ وعدم فهم لمدلول الآية ومعناها . وللأسف الشديد تجد كثير من الدعاة يستدلون بهذه الآية الكريمة في موضع حرية الاعتقاد وهي بخلاف ذلك ، بل هي على سبيل التهديد وليس على سبيل الاختيار

قال ابن كثير في تفسير قولهتعالى : (فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) : هذا من بابالتهديد والوعيد الشديد ؛ ولهذا قال : (إِنَّا أَعْتَدْنَا ) أي : أرْصَدْنا لِلظَّالِمِينَ) وهم الكافرون بالله ورسوله وكتابه (نَارًا أَحَاطَ بِهِمْسُرَادِقُهَا) أي : سُورها .

وقال البغوي: (فَمَنْ شَاءَفَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) هذا على طريق التهديد والوعيد.

ثم أين هؤلاء الذين يقولون على الله ما لا يعلمون من قوله تعالى : (إِن تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنكُمْ ۖ وَلَا يَرْضَىٰ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ) الزمر : 7

اختلف أهل التأويل في تأويل قوله: ( إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ ) فقال بعضهم: ذلك لخاص من الناس ، ومعناه : إن تكفروا أيها المشركون بالله ، فإن الله غني عنكم ، ولا يرضى لعباده المؤمنين الذين أخلصهم لعبادته وطاعته الكفر

وقال آخرون : بل ذلك عام لجميع الناس ، ومعناه : أيها الناس إن تكفروا ، فإن الله غني عنكم ، ولا يرضى لكم أن تكفروا به.

هذا. والله أعلى وأعلم

عابرة سبيل
10-03-2022, 02:26 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]