مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز أن تكون الأضحية من الطيور ؟ والرد على سعد الهلالي


محمد فرج الأصفر
09-10-2016, 04:18 PM
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سمعت فيديو للدكتور/ سعد الدين الهلالي بأنه يجوز الأضحية بديك ، كما سمعت من الدكتور/ عمر عبد الكافي بأن سيدنا بلال رضي الله عنه ضحى بديك ، فهل يجوز ذلك؟ أفيدونا بارك الله فيكم

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
أولاً:
إنَ اشتراط الأضحية من بهيمة الإنعام دلت عليه الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الأمة.

أما أدلة الكتاب:
قال تعالي: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام) الحج: 28
وقال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) الحـج:34
وبهيمة الأنعام هي الإبل والبقر والغنم من ضأن ومعز , وجزم به ابن كثير وقال : قاله الحسن وقتادة وغير واحد , قال ابن جرير : وكذلك هو عند العرب اهـ .

وأما دليل السنة:
عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن ) رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي
وعن البراء بن عازب قال ( ضحى خال لي يقال له أبو بردة قبل الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم شاتك شاة لحم فقال يا رسول الله إن عندي داجنا جذعة من المعز قال : اذبحها ولا تصلح لغيرك . ثم قال من ذبح قبل الصلاة فإنما يذبح لنفسه ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه وأصاب سنة المسلمين ) متفق عليه
قوله : إلا مسنة قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الإبل والبقر والغنم فما فوقها
وهذا تصريح بأنه لا يجوز الجذع ولا يجزئ إلا إذا عسر على المضحي وجود المسنة
قوله : جذعة من الضأن الجذع من الضأن ما له سنة تامة هذا هو الأشهر عن أهل اللغة وجمهور أهل العلم من غيرهم.

وأما دليل الإجماع:
نقل الإجماع في اشتراط الأضحية: أن تكون من بهيمة الأنعام، وهي الإبل والبقر والغنم بسائر أنواعها لقوله تعالى: ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ ) الحج: 34 .
قال النووي في المجموع : " نقل جماعة إجماع العلماء عن أنَّ التضحية لا تصحُّ إلاَّ بالإبل أو البقر أو الغنم ؛ فلا يجزىء شيء غير ذلك من بقر الوحش وحميره وغيرها بلا خلاف , وسواء الذكر والأنثى من جميع ذلك , ولا خلاف في شيء من هذا عندنا . . . ولا تجزئ بالمتولد من الظباء والغنم , لأنه ليس من الأنعام " انتهى باختصار " .
وقال ابن رشد : " وكلهم مجمعون على أنه لا تجوز التضحية بغير بهيمة الأنعام ؛ إلاَّ ما حكي عن الحسن بن صالح أنه قال : تجوز التضحية ببقرة الوحش عن سبعة ، والظبي عن واحد " .
خالف ابن حزم الظاهري الإجماع وقال في المحلى : " والأضحية جائزة بكل حيوان يؤكل لحمه ؛ من ذي أربع ، أو طائر ؛ كالفرس والإبل وبقر الوحش والديك وسائر الطير والحيوان الحلال أكله .والأفضل في كل ذلك ما طاب لحمه وكثر وغلا ثمنه " .
ثانياً:
لا يجوز مخالفة الإجماع وإتباع أي قول أو فعل أخر حتى ولو كان منقول عن الصحابة أو أحد الفقهاء. وكل من يخالف الإجماع أو يدعو الناس إلى مخالفتهم فهو آثم بنص القرآن الكريم ، وقول الأئمة المعتبرين.
قال تعالى : (وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء:115
قال الشافعي: " أمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم بلزوم جماعة المسلمين مما يحتج به من أن إجماع المسلمين.
وقال السرخسي : " الإجماع موجب للعلم قطعاً بمنزلة النص، فكما لا يجوز ترك العمل بالنص باعتبار رأي يعترض له: لا يجوز مخالفة الإجماع برأي يعترض له بعدما انعقد الإجماع بدليله " انتهى .
قال شيخ الإسلام : " كل ما أجمعوا عليه فلا بدَّ أن يكون فيه نصٌّ عن الرسول ، فكل مسألة يُقطع فيها بالإجماع وبانتفاء المنازع من المؤمنين : فإنها مما بيَّن الله فيه الهدى ، ومخالف مثل هذا الإجماع يكفر ، كما يكفر مخالف النص البيِّن ، وأما إذا كان يظن الإجماع ، ولا يقطع به : فهنا قد لا يقطع أيضاً بأنها مما تبين فيه الهدى من جهة الرسول ، ومخالف مثل هذا الإجماع قد لا يكفر ؛ بل قد يكون ظن الإجماع خطأ ، والصواب في خلاف هذا القول ، وهذا هو فصل الخطاب فيما يكفر به من مخالفة الإجماع ، وما لا يكفر " انتهى
ثالثاً:
وأما أثر سيدنا بلال رضي الله عنه بأنه ضحى بديك فقد أخرجه عبد الرزاق في المصنف من طريق الثوري عن عمران بن مسلم عن سويد بن غفلة قال : سمعت بلالاً يقول : " ما أبالي لو ضحَّيت بديك ، ولأنْ أتصدق بثمنها على يتيم أو مغبر أحب إليَّ من أن أضحي بها ." قال : فلا أدري أسويد قاله من قبل نفسه ، أو هو من قول بلال ؟! .
وإن صح الأثر فالمحفوظ عند أهل علم الأصول وغيرهم بأن قول الصحابي أو فعله ليس بحجة، ما لم يكن في مجمع من الصحابة، واختلفوا فإمكانية انعقاد المجمع أم لا ؟!! .
ثم إن قول الظاهرية وغيرهم يخالف الكتاب والسنة والإجماع، فهل يجوز أن يفتى للناس بقولهم المخالف.
ثم الأضحية عبادة كالهدي فلا يشرع إلا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل والبقر والغنم.
فعليـــه:
لا يجوز الأخذ بما قاله ونقله هذا الرجل عن الظاهرية ، وأنصح بعدم السماع له ، فمن تتبع أقواله يعلم بأنه يخالف الكتاب والسنة ورأي الأئمة المعتبرين والإجماع والجمهور ، ويحل الحرام ويحرم الحلال على أقوال شاذة ضعيفة
أو غريبة مخالفة للنصوص ، ومن باب كما يقول الأمانة العلمية ، وما هي إلا بلبلة للمسلمين وبلية ، وظهوره الدائم على الفضائيات ما يراد به إلا إشغال الناس وإِلْهَاءَهُمْ عن المسائل العظام ومشاكلهم العضال.

هذا. والله أعلى وأعلم

عابرة سبيل
10-03-2022, 02:18 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]