مشاهدة النسخة كاملة : هل يجوز اصدار قانون بعدم وقوع الطلاق اللفظي من الزوج؟؟


محمد فرج الأصفر
01-29-2017, 09:40 AM
سؤال الفتوى:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لقد تم الاقتراح بإصدار قانون يحتم عدم وقوع الطلاق إلا أمام المأذون فقط، وقد وافق هذا القول بعد أهل العلم فهل هذا يصح؟


وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

أولاً:

أجمع المسلمون على أن الطلاق يقع باللفظ وهو الأصل كما يقع بالكتابة، ويقع بالإشارة للخرس، ومن قال بغير ذلك فقد خالف ظاهر الكتاب والسنة وإجماع الأمة

وأفترى على الله الفرية .
قال تعالى: (فَمَنِ افْتَرَىَ عَلَى اللّهِ الْكَذِبَ مِن بَعْدِ ذَلِكَ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ)آل عمران: 94.

وقال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا أُوْلَـئِكَ يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ وَيَقُولُ الأَشْهَادُ هَـؤُلاء الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى رَبِّهِمْ أَلاَ لَعْنَةُ اللّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ)هود: 18.

وقال تعالى: (فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ )الأنعام:144.

وقال تعالى: (وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَىٰ وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّىٰ وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ، وَسَاءَتْ مَصِيرًا) النساء:115

ثانياً:

إن الزواج والطلاق له شأن عظيم عند الله عز وجل ، لأن به تحل فروج وتحرم أخري ، وبه تحفظ الأنساب من الاختلاط ، فكانت سورة الطلاق برهان ودليل لتخصيصها بأحكام الطلاق والعدة وغيرها ، الذي تكفل الله عز وجل من فوق سبع سموات أن يخصها بإحكام شرعية ، لا يجوز الخوض فيها بالهوى أو الاجتهاد أو التشريع بقوانين وضعية تخالف تشريع رب البرية .

قال تعالى:(ياأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّوَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ ) الطلاق:1

وقال تعالى: (وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)البقرة227

وقال تعالى : (الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ) البقرة: 229

وقال تعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍأَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ) البقرة: 231

وقال تعالى : (وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلاَ تَعْضُلُوهُنَّ أَنيَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْاْ بَيْنَهُم بِالْمَعْرُوفِ) البقرة: 232

وقال تعالى: (لاَّ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِن طَلَّقْتُمُ النِّسَاء مَا لَمْ تَمَسُّوهُنُّ أَوْتَفْرِضُواْ لَهُنَّ فَرِيضَةً) البقرة: 236

وقال تعالى: (وَإِن طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّفَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ) البقرة: 237

وقال تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّطَلَّقْتُمُوهُنَّ مِن قَبْلِ أَن تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْعِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً)الأحزاب49

ثالثاً:

هناك قاعدة فقهيه معروفة وهي: "العبرة في العقود للمقاصد والمعاني ، لا للألفاظ والمباني " والمراد أن جميع العقود، العبرة والعمل لمعانيها المقصودة منها. وإنَّ تبدل الألفاظ لا يصرفها عن المقاصد التي وضعت لها بالوضع الشرعي.والمراد من المقاصد والمعاني: ما يشمل المقاصد التي تعينها القرائن اللفظية التي توجد في عقد، فتكسبه حكم عقد آخر كانعقاد الكفالة بلفظ الحوالة، وانعقاد الحوالة. وقد ذهب الفقهاء على أن الزواج والطلاق عقد مثل سائر العقود، ولكنهم أجمعوا على أنه يخرج من القاعدة سالفة الذكر ، لأن الشارع سبحانه وتعالى حدد الفاظاً معينة لا ينعقد النكاح إلا بها ولا ينفسخ العقد ويقع الطلاق إلا بها إذا كان صريحاً.
ولذلك نجد أن أنواع الطلاق من ناحية اللفظ والصيغة ينقسم إلى قسمين:


الأول: الطلاق الصريح:

هو الطلاق الذي يدل لفظه صراحة على الطلاق من غير دلالته على معنى آخر، والألفاظ التي يقع بها الطلاق الصريح على الراجح هي: "الطلاق والسراح والفراق"، ووجه جعل هذه الألفاظ صريحة والاقتصار عليها دون غيرها من الألفاظ أنها ألفاظ جاء التنصيص عليها في كتاب الله، قال تعالى: ﴿الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ﴾ البقرة: 229، وقال تعالى: ﴿ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾، وقال تعالى: ﴿ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ﴾، فإذا قال الزوج لزوجته أنت طالق ، أو أنت مسرحة ، أنت مفارقة ، أو أمثال ذلك ومشتقاته فإن الطلاق يقع بمجرد التلفظ بها ، حتى وإن كانت النية والقصد بخلافها ، وذلك لأن الألفاظ الصريحة لا تفتقر إلى نية.
الثاني: الطلاق الكنائي:
ويقصد به كل لفظ يستعمل في الطلاق وغيره، بمعنى أن هذا اللفظ يتضمن الطلاق وغيره، والألفاظ الكنائية تفتقر إلى النية، فإذا تلفظ الرجل به وقصد الطلاق يقع الطلاق به، وإن لم يقصد فلا يقع، وقد ثبت في السنة استعمال لفظ كنائي في واقعتين اختلف فيها الحكم، الأولى: لما دخل النبي عليه الصلاة والسلام على ابنة الجون قاصداً نكاحها قالت: أعوذ بالله منك. فقال لها : لقد عذت بمَعاذ، الحقي بأهلك. والثانية في قصة كعب بن مالك عند تخلفه عن غزوة تبوك مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأمر النبي له باعتزال زوجته دون طلاقها، قال لها: الحقي بأهلك. فالواقعة الأولى كان اللفظ دالاً على الطلاق لاقترانه بنية الطلاق، واللفظ في الواقعة الثانية لم يدل على الطلاق لعدم اقترانه بالنية.
والألفاظ الكنائية متعددة، من أمثلتها: أنت خلية، أنت بائن، أمرك بيدك، الحقي بأهلك، أخرجي إلى أهلك، لا أريدك في البيت.. إلخ. وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية بما قرره الفقهاء في وقوع الطلاق بالصيغ الصريحة والكنائية، فنص في المادة الرابعة والثلاثين ما يأتي: "ولا يقع الطلاق إلا بالصيغة المخصوصة له شرعاً"، والنص دال كما هو ظاهر على أن الطلاق يقع باللفظ الصريح واللفظ الكنائي.


وأخيراً:

يجب علينا أن نفرق بين أن يقال بأن الطلاق لا يقع بالتلفظ إلا أن يكون أمام دائرة مختصة ، فهذا باطل ولا يجوز لأنه يخالف الكتاب والسنة والإجماع ، وفيه تحريف وتبديل لشرع الله عز وجل وقائله يستتاب ، وبين أن يقال يجب توثيق الطلاق

فتوثيق الزواج والطلاق هو مطلب شرعي من باب " المصلحة المرسلة " وحفظ الحقوق، بعدما خربت الذمم، ورفعت الأمانة، وزادت الخسة الخيانة، وكثر الدجل والكذب. ولكن ليس له علاقة بصحة الزواج أو الطلاق.

هذا. والله أعلى وأعلم

عابرة سبيل
10-09-2022, 05:16 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]