مشاهدة النسخة كاملة : يا الله نستودعك "المسجد الأقصى" الذي باركت حوله (3)


محمد فرج الأصفر
03-10-2018, 02:38 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]



الأقصى يئن يا فاروق الأمة
لقد اشتكى الأقصى من كثرة تدنيسه وسلبه وتغير معالمه ، والبناء تحته استعدادً لهدمه، وبناء الهيكل المزعوم، ينادى على الساسة والزعماء المخلصين الأوفياء، ولكن لا حياة لمن ينادي، فتذكر أيام العز والمجد، أيام الفتح ، أيام عمر الفاروق رضي الله عنه. فبعد تولّى عمر بن الخطاب الخلافة، فكان أوّل ما فعله أن ولّى أبا عبيدة بن الجراح قيادة الجيش الفاتح لبلاد الشام بدلاً من خالد بن الوليد، فوصل أبو عبيدة بن الجراح إلى مدينة القدس فاستعصت عليهم ولم يتمكنوا من فتحها لمناعة أسوارها، حيث اعتصم أهلها داخل الأسوار، فحاصرهم حتى تعبوا وأرسلوا يطلبون الصلحَ وتسليم المدينة بلا قتال، واشترطوا أن يأتي خليفة المسلمين بنفسه إلى القدس ليتسلّم مفاتيحها منهم، فخرج عمر بن الخطاب من المدينة المنورة وليس معه خيل قوية مطهمة، ولا جيوش جرارة، ولا بعظمة وأبهة غير عظمة الإيمان في قلبه، مشى إليها بناقة وخادم معه، وزاد هو عبارة عن كفايته الطريق من الماء والخبز والتمر فركب عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) ومعه غلامه ، وكانا يتناوبان على الدابة بالركوب ويتركانها ترتاح مرة ، وعندما قاربا على مشارف بلاد الشام وقريباً من القدس ، قابلتهم مخاضة من الطين بسيل وادي عمواس ، فقال له أمين هذه الأمة أبو عُبيدة عامر بن الجراح : أتخوض الطينَ بقدميك يا أمير المؤمنين وتلبس هذه المُرقعة وهؤلاء القوم قياصرة وملوك ويُحبون المظاهر، وأنت أمير المؤنين فهلا غيرت ثيابك وغسلت قدميك ؟؟ وهذا مقام عزة وتشريف للمسلمين بتسلم مفاتيح القدس .
فقال عمر: لقد كنا أذلاء فأعزنا الله بالإسلام، فإذا إبتغينا العزة بغيره ِ أذلنا الله . والله لو قالها أحد ٌ غيرك َ يا أبا عُبيدة لعلوت رأسه ِ بهذه الدرة .وركب عمر وسار الغلام ، ثم تناوب معه حتى قال أمراء وقادة الجند ، نتمنى أن تكون نوبة عمر على الدابة حينَ يدخل على حاكم القدس ، ونخشى أن تكون نوبة الغلام ، فحصل ما كانوا يحذرون ، ودخل الغلام راكباً وأمير المؤمنين يمشي على قدميه ، ولما وصلوا نظر صفرونيوس إلى عمر وثوبه ِ وهو يقودُ الدابة لغلامه ِفسلمهُ مفاتيح القدس .وقال له : أنتَ الذي قرأنا أوصافه في كتبنا يدخلُ ماشياً وغلامهُ راكباً وفي ثوبه ِ سبعة عشرة رقعة ، (وفي رواية أربعة عشر رقعة( ، وعندما تسلم عمر المفاتيح خرَّ ساجداً لله ،وقضى ليلتهُ يبكي وما جفت دموعه ، ولما سُئلَ عن سبب بكائه ِ قال : أبكي لأنني أخشى أن تـُفتحَ عليكم الدنيا فينكر بعضكم بعضاً ، وعندها يُنكركم أهل السماء. ثم أعطى أهلها الأمن وكتب لهم العهدة العمرية. وقد صحبه البطريرك "صفرونيوس" فزار كنيسة القيامة، ومن ثم أوصله إلى المسجد الأقصى، فلمّا دخله قال: «الله أكبر، هذا المسجد الذي وصفه لنا رسول الله [سجل معنا ليظهر الرابط] yb3NvZnQgT2ZmaWNlACH5BAEAAAAALAAAAAAVABUAgAAAAAAAA AJDhI8ZyQ3r0JqvRgOvPJRi+0xB5onSWHUjmjkmuH3e1X42uom 1GzI6rlitUkCFJkKCcYw7X1JGHJJwQlajGUsdt1xEAQA7 ([سجل معنا ليظهر الرابط])» ، وكان في تلك الأيام عبارة عن هضبة خالية في قلبها الصخرة المشرفة، ثم أمر الخليفة عمر بن الخطاب ببناء المصلّى الرئيسي الذي سيكون مكان الصلاة الرئيسي في المسجد الأقصى، وهو موقع "الجامع القبلي" اليوم، ويقع في الجنوب في جهة القبلة، وكان المسجد في عهده عبارة عن مسجد خشبي يتّسع لحوالي 1000 شخص، وبقي على حاله إلى زمن الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان.


الأقصى يئن يا صلاح الدين
في عام 1099م ، سيطر الصليبيون على القدس، أثناء الحملة الصليبية الأولى. وبدلا من تدمير المسجد أطلقوا عليه اسم معبد سليمان، وقد إستخدمه الصليبيين أولا كقصر ملكي وإسطبل للخيول. وفي عام 1119م، تم تحويله إلى مقر لفرسان الهيكل. وخلال هذه الفترة، خضع المسجد إلى بعض التغييرات الهيكلية، بما في ذلك توسيع الشرفة الشمالية، وإضافة حنية (محراب الكنيسة) وجدار فاصل. وقد تم بناء دير جديد وكنيسة أيضا في الموقع، جنبا إلى جنب مع غيرها من الهياكل المختلفة وقد شيد فرسان المعبد أقباء ومرفقاتها في الجهة الغربية والشرقية ، ولما فتح صلاح الدين قلعة طبرية سنة 1187 م توجه جيش المسلمين إلى القدس وحاصرها وأدرك أهلها (60 ألف) أنهم عليهم الاستسلام . وكان ذلك عام 1187 م / 583 هـ. سمح صلاح الدين للنصارى بمغادرة القدس بشرط ألا يأخذوا معهم سلاح لكن يسمح لهم بأخذ أموالهم ومتعاهم. كان هذا التسامح من صلاح الدين شيء لم يعرفه التاريخ إلا في سير الأنبياء والمرسلين. وهذا التسامح بإطلاق سراح المقاتلين والشباب والنساء والشيوخ والأطفال من بيت المقدس معاكس تماماً لما فعله الصليبيون من جرائم فظيعة لأهل القدس عندما احتلوها. استعاد المسلمون القدس ودخلوا المسجد الأقصى بتاريخ 1187 م / 583 هـ وأنهوا بذلك احتلال دام 88 سنة ميلادية. أمر صلاح الدين أن يؤتى بالمنبر الخشبي العظيم الذي بناه نور الدين زنكي فوضع في المسجد الأقصى وظل كذلك حتى عام 1969 عندما حصل حريق المسجد الأقصى على يد مايك روهان اليهودي. وبقيت آثار من المنبر حتى اليوم في المتحف الإسلامي في المسجد الأقصى. بعد استرجاع بيت المقدس فتح صلاح الدين عكا وطرابلس. فكان ذلك سبباً في زلزلة أوروبا وتحضيرها لهجمة صليبية ثالثة. ثم فتح اللاذقية والكرك وصفد فتجمع النصارى في صور.


صفقة القرن ونكسة المسلمين
إنً ما يدور خلف الأبواب المغلقة ، والصفقات المشبوهة، والخيانة الواضحة، من تخطيط لما يسمى بصفقة القرن، وما هي إلا (نكسة القرن) و(نكسة للمسلمين)، للتخلي عن المسجد الأقصى الأسير ، وخروجه من دائرة المفوضات ، وعدم الرجوع لحدود 67، وعدم عودة اللاجئين ، والتنازل عن القضية الفلسطينية برمتها ، ماهو إلا تنازل عن عقيدة المسلمين ، وقضيتهم الدينية المقدسة ، التي طالما دافع عنها الرجال الكبار ، أصحاب الذمم والدين عبر التاريخ الطويل.
من عمر الفاروق رضي الله عنه إلي السلطان عبد الحميد رحمه الله تعالى، يدافعون عن هذه الأرض المباركة ، والبقعة المقدسة ، وقد دفعوا الغالي والنفيس من أجل الحفاظ عليها ، ولكن هيهات هيهات بين الثرى والثريا ، بين المخلصين لهذا الدين ، والخونة المنافقين ، الذين يتآمرون مع أعداء هذا الدين من اليهود والنصارى لبيع القضية والتنازل عن شرف وعزة المسلمين ، وترك المسجد الأقصى في يد اليهود الملاعين. إنً تاريخ الأقصى والقدس حافل بمواقف مشرفة ، وتعاصر تاريخي طويل، من نضال ضد استعمار هذه البقعة المباركة ، وما أوردته من صورتين مشرفتين ، من باب إيقاظ الهمم ، واسترجاع الذكريات لأيام العزة والكرامة ، لعلها تكون سبب في محو أيام الذل والمهنة التي تعيشها الأمة الآن بسبب المنافقين والخونة الذين يعيشون بيننا ، ويخططون لإسقاط هذه الأمة في براثن أعدائها ، ومحو استقلالها وتوحدها ، ولكن مهما خطط الخونة ، فالله غالب على أمره بعز عزيز وذل ذليل. ولكن أكثر الناس لا يعلمون.

عابرة سبيل
01-05-2022, 06:59 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]