مشاهدة النسخة كاملة : انجزت المهمة


رحيق مختوم
04-19-2018, 01:48 AM
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن والاهم وبعد: فَاِنَّ سَائِلاً يَقُول: سُئِلَ الْاِمَامُ الْاَعْظَمُ اَبُو حَنِيفَةَ النُّعْمَانِ رَحِمَهُ اللهُ: هَلْ اَمَرَ اللهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ وَلَمْ يَشَاْ خَلْقَهُ: وَهَلْ شَاءَ شَيْئاً وَلَمْ يَاْمُرْ بِهِ وَخَلَقَهُ: قَالَ نَعَمْ: قُلْتُ فَمَا ذَلِكَ(كَيْفَ ذَلِكَ( قَالَ اَمَرَ سُبْحَانَهُ الْكَافِرَ بِالْاِسْلَامِ وَلَمْ يَشَاْ خَلْقَهُ: وَشَاءَ الْكُفْرَ لِلْكَافِرِ وَلَمْ يَاْمُر بِهِ وَخَلَقَهُ: قُلْتُ: هَلْ رَضِيَ اللهُ شَيْئاً وَلَمْ يَاْمُرْ بِهِ: قَالَ نَعَمْ كَالْعِبَادَاتِ النَّافِلَةِ: قُلْتُ: هَلْ اَمَر اللهُ تَعَالَى بِشَيْءٍ وَلَمْ يَرْضَ بِهِ: قَالَ لَا: كُلُّ شَيْءٍ اَمَرَ بِهِ فَقَدْ رَضِيَهُ سُبْحَانَهُ(وَنَقُولُ لِلْاِمَامِ اَبِي حَنِيفَةَ: بَلْ اِنَّ اللهَ اَمَرَ بِالطَّلَاقِ وَمَارَضِيَهُ؟ لِاَنَّهُ اَبْغَضُ الْحَلَالِ اِلَى اللهِ: وَاَمَرَ بِالْمَوْتِ وَمَارَضِيَهُ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ: بَلْ كَرِهَ سُبْحَانَهُ اَنْ يُسِيئَهُ بِاَلْفِ ضَرْبَةِ سَيْفٍ مِنَ الْاَلَمِ عِنْدَ طُلُوعِ رُوحِهِ: وَلِذَلِكَ لَايَزَالُ سُبْحَانَهُ مُتَرَدِّداً فِي قَبْضِ رُوحِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ: وَلَابُدَّ لَهُ فِي نِهَايَةِ الْمَطَافِ مِنْ تَحَمُّلِ هَذَا الْاَلَمِ) نعم ايها الاخوة: يَقُولُ السَّائِلُ الَّذِي اَرْسَلَ لَنَا رِسَالَةً تَعْلِيقاً عَلَى كَلَامِ اَبِي حَنِيفَة: كَيْفَ يَتَّفِقُ قَوْلُ الْاِمَامِ اَبِي حَنِيفَةَ هَذَا مَعَ قَوْلِ الْقَائِلِ: مَاشَاءَ اللهُ كَانَ وَمَالَمْ يَشَاْ لَمْ يَكُنْ: والجواب على ذلك: اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ يَعْمَلُ اَحْيَاناً ضِدَّ مَشِيئَتِهِ وَلَايَتَضَرَّرُ مِنْ ذَلِكَ: وَيَعْمَلُ اَحْيَاناً اُخْرَى بِمَشِيئَتِهِ وَلَايَنْتَفِعُ مِنْ ذَلِكَ؟ لِيُعْطِيَ سُبْحَانَهُ عِبَادَهُ دُرُوساً رَبَّانِيَّةً؟ لِيَكُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى اَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَاَنْتُمْ لَاتَعْلَمُون(وَلِذَلِكَ اَمَرَ سُبْحَانَهُ الْكَافِرَ اِبْلِيسَ بِالسُّجُودِ لِآَدَمَ وَلَمْ يَشَاْ اَنْ يَخْلُقَ اِبْلِيسَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ سَبَقَ بِعِلْمِهِ اَنَّ اِبْلِيسَ الْكَافِرَ سَيَتَمَرَّدُ عَلَى اللهِ وَسَتَكُونُ نِهَايَةُ اِبْلِيسَ اَنْ يَكُونَ خَطِيباً فِي جَهَنَّمَ بِقَوْلِهِ{وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْاَمْرُ{بِفَرِيقٍ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٍ فِي السَّعِيرِ{اِنَّ اللهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُّكُمْ فَاَخْلَفْتُكُمْ(وَمَعَ ذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: خَلَقَ اللهُ اِبْلِيسَ ضِدَّ مَشِيئَتِهِ لِمَصْلَحَةِ عِبَادِهِ عَمَلاً بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَعَسَى اَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ( وَمِنْ اَيْنَ سَيَاْتِي الْخَيْرُ مِنْ اِبْلِيسَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ مَلَايِينَ مِنْ مَخْلُوقَاتِ اللهِ الْهَائِلَةِ الَّتِي تَسْتَعِيذُ بِاللهِ مِنْ شَرِّ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ قَبْلَ اَنْ تَقْرَاَ قُرْآَناً جَعَلَ اللهُ لَهُمْ حَسَنَةً بِكُلِّ حَرْفٍ يَقْرَؤُونَهُ وَالْحَسَنَةُ بِعَشْرِ اَمْثَالِهَا اِلَى سَبْعِمِائَةِ ضَعْفٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ اَكْثَرَ وَاَكْثَرَ وَاَكْثَرَ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيم: نعم ايها الاخوة: فَالْخَيْرِيَّةُ تَحَقَّقَتْ وَلَوْ كَانَ سَبَبُهَا كَافِراً خَلَقَهُ اللهُ ضِدَّ مَشِيئَتِهِ كَاِبْلِيسَ لَعَنَهُ اللهُ: نعم ايها الاخوة: كَذَلِكَ مَخْلُوقَاتُ اللهِ جَمِيعاً يَسْتَطِيعُونَ الْعَمَلَ ضِدَّ مَشِيئَتِهِ سُبْحَانَهُ: لَكِنْ هَلْ يَتَجَرَّاُ وَاحِدٌ مِنْهُمْ عَلَى الْعَمَلِ ضِدَّ مَشِيئَتِهِ مِنْ غَيْرِ اِذْنِهِ وَمِنْ غَيْرِ عِلْمِهِ وَمِنْ غَيْرِ اِحَاطَتِهِ وَمِنْ غَيْرِ دِرَايَتِهِ وَاللهُ تَعَالَى يَقُول{وَمَاتَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ اِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَاحَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْاَرْضِ وَلَارَطْبٍ وَلَايَابِسٍ اِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِين{وَلَاتَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُون اِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْاَبْصَارُ مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُؤُوسِهِمْ لَايَرْتَدُّ اِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَاَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِين(وَلِذَلِكَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ صَحَّ قَوْلُ الْقَائِلِ: مَاشَاءَ اللهُ كَانَ وَمَالَمْ يَشَاْ لَمْ يَكُنْ: فَنَرْجُو اَنْ تَفْهَمُوا هَذِهِ الْمَسَائِلَ الدَّقِيقَةَ الْحَسَّاسَة: نعم ايها الاخوة: يَقُولُ الْاِمَامُ اَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ: اَمَرَ اللهُ الْكَافِرَ بِالْاِسْلَامِ وَلَمْ يَشَاْ خَلْقَهُ: نعم ايها الاخوة: اَمَرَ اللهُ الْكَافِرَ بِالْاِسْلَامِ {لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ(يَوْمَ الْقِيَامَةِ{حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ( نعم اخي: وَلَمْ يَشَاْ خَلْقَهُ: تَحْتَمِلُ اَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَمْ يَشَاْ خُلُقَهُ(اَيْ اَخْلَاقَهُ( وَتَحْتَمِلُ اَنَّهُ لَمْ يَشَاْ خَلْقَهُ عَلَى الْكُفْرِ وَاِنَّمَا خَلَقَهُ عَلَى الْاِسْلَامِ فَجَاءَتْهُ الشَّيَاطِينُ فَاجْتَالَتْهُ(اَبْعَدَتْهُ(عَنِ الْاِسْلَامِ وَاَحَلَّتْ لَهُ مَاحَرَّمَ اللهُ عَلَيْهِ: نعم اخي: ثُمَّ يَقُولُ اَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ: وَشَاءَ الْكُفْرَ لِلْكَافِرِ وَلَمْ يَاْمُرْ بِهِ وَخَلَقَهُ: نَعَمْ خَلَقَ الْكُفْرَ جَزَاءً وِفَاقاً مُسْتَحَقّاً عَلَى الْكَافِرِ بِسَبَبِ جُحُودِهِ لِنِعْمَةِ اللهِ: مَعَ الْعِلْمِ اَنَّهُ لَمْ يَاْمُرْهُ بِهِ سُبْحَانَهُ وَلَمْ يُجْبِرْهُ عَلَيْهِ بِدَلِيلِ{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ(وَاِنَّمَا جَاءَتْ مَشِيئَتُهُ سُبْحَانَهُ بِالْكُفْرِ عَلَى الْكَافِرِ وَلَو لَمْ يَاْمُرْهُ بِهِ: وَلَكِنْ بِمَا يَسَّرَهُ لَهُ مِنْ مُغْرَيَاتٍ دُنْيَوِيَّةٍ عَاجِلَةٍ وَضَعَهَا لَهُ فِي طَرِيقِ الْكُفْرِ الَّذِي يُؤَدِّي اِلَى الْعُسْرَى فِي عَذَابٍ عَسِيرٍ فِي جَهَنَّمَ{اِذَا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ فَذَلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ عَلَى الْكَافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ( وَبِمَا يَسَّرَهُ لِلْكَافِرِ اَيْضاً مِنْ مُغْرَيَاتٍ اُخْرَوِيَّةٍ آَجِلَةٍ وَضَعَهَا لَهُ فِي طَرِيقِ الْاِيمَانِ الَّذِي يُؤَدِّي اِلَى الْيُسْرَى فِي نَعِيمٍ مُقِيمٍ يَسِيرٍ غَيْرِ عَسِيرٍ فِي الْجَنَّةِ وَلَيْسَ فِيهِ مُنَغِّصَاتٌ وَلَايُكَلِّفُهُ اَنْ يَدْفَعَ مِنْ جَيْبِهِ شَيْئاً اِلَّا مَاكَلَّفَ اللهُ بِهِ عِبَادَهُ فِي الدُّنْيَا: وَلَايُكَلِّفُهُ اَنْ يَدْفَعَ مِنْ رَاحَتِهِ وَصِحَّتِهِ شَيْئاً كَمَا يُكَلِّفُ الْمُتْرَفِينَ فِي الدُّنْيَا اَنْ يَدْفَعُوا ثَمَنَ التَّرَفِ وَالنَّعِيمِ الَّذِي يَعِيشُونَهُ مِنْ صِحَّتِهِمْ وَقَلَقِهِمْ وَرَاحَةِ بَالِهِمْ وَخَوْفِهِمُ الدَّائِمِ غَيْرِ الْمُنْقَطِعِ عَلَى النَّعِيمِ الَّذِي يَعِيشُونَ فِيهِ اَنْ يَذْهَبَ: وَكَمَا يُكَلِّفُ الْمُعَذَّبِينَ فِي اَجْسَادِهِمْ وَاَرْوَاحِهِمْ فِي نَارِ جَهَنَّمَ: نعم ايها الاخوة: فَاخْتَارَ هَذَا الْكَافِرُ الْمُغْرَيَاتِ الدُّنْيَوِيَّةَ الْعَاجِلَةَ الَّتِي قَدْ يَنْعَمُ بِهَا الْمُؤْمِنُونَ وَالْكُفَّارُ مَعاً وَلَوْ اِلَى حِينٍ: وَفَضَّلَهَا عَلَى الْمُغْرَيَاتِ الْاُخْرَوِيَّةِ الْآَجِلَةِ الْبَاقِيَةِ الَّتِي لَنْ يَنْعَمَ بِهَا اِلَّا الْمُؤْمِنُونَ {وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ اَلِيم( وَلِذَلِكَ حَصَلَ مَا قَالَهُ اَبُو حَنِيفَةَ رَحِمَهُ اللهُ فِي اَنَّ اللهَ شَاءَ الْكُفْرَ لِلْكَافِرِ وَلَمْ يَاْمُرْهُ بِهِ وَخَلَقَهُ مِصْدَاقاً لِقَوْلِهِ تَعَالَى{مَنْ يَشَاِ اللهُ يُضْلِلْهُ(جَزَاءً وِفَاقاً وَمَشِيئَةً عَادِلَةً حَكِيمَةً وَلَيْسَتْ مَشِيئَةً مُجْحِفَةً بِحَقِّ اَحَدٍ مِنْ خَلْقِ اللهِ{وَمَنْ يَشَاْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ(لِاَنَّهُ يَسْتَحِقُّ الرَّحْمَةَ مِنَ اللهِ وَالصَّلَاةَ الْاِلَهِيَّةَ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الرَّحْمَةِ الَّتِي اَخْبَرَ اللهُ عَنْهَا فِي قَوْلِهِ{هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ اِلَى النُّورِ وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيماً(نعَم ايها الاخوة: وَشَاءَ الْكُفْرَ لِلْكَافِرِ وَلَمْ يَاْمُرْ بِهِ: وَلَكِنْ لِمَاذَا خَلَقَهُ؟ لِيَسْتَعِيذَ النَّاسُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَاخَلَقَ مِنْ هَذَا الْكُفْرِ وَبَقِيَّةِ الشُّرُورِ: فَاِذَا لَجَأَ الْكَافِرُ اِلَى غَيْرِ اللهِ لِيَسْتَعِيذَ بِهِ: فَاِنَّهُ يَلْجَأُ اِلَى شَرٍّ مُسْتَطِيرٍ لَايَنْفَكُّ عَنْهُ اَبَداً: وَيَبْقَى الْخَيْرُ مَحْبُوساً عَنْهُ وَمُخْتَبِئاً فِي هَذَا الشَّرِّ لَايُصِيبُهُ شَيْءٌ مِنْ بَرَكَتِهِ الدَّائِمَةِ اَبَداً مَهْمَا اَصَابَهُ مِنْ حُظُوظِ الدُّنْيَا الْعَاجِلَةِ الْفَانِيَةِ: وَاَمَّا اِذَا لَجَاَ الْكَافِرُ اِلَى اللهِ لِيَسْتَعِيذَ بِهِ فَاِنَّهُ يَلْجَاُ اِلَى مَا يَفُكُّ عَنْهُ هَذَا الشَّرَّ مَهْمَا كَانَ مُسْتَطِيراً مُسْتَفْحِلاً قَوِيّاً وَمَهْمَا نَفَثَتِ النَّفَّاثَاتُ فِي الْعُقَدِ وَمَعَ ذَلِكَ يَنْفَلِقُ مِنْ هَذَا الشَّرِّ المستطير خَيْرٌ مَحْبُوسٌ هُوَ كَالصُّبْحِ الَّذِي كَانَ مُخْتَبِئاً فِي ظُلُمَاتِ اللَّيْلِ الْبَهِيمِ: ونترك القلم الآن لمشايخنا المعارضين قائلين: مِنَ الْحُمْقِ وَالْغَبَاءِ الَّذِي يَقَعُ فِيهِ مَشَايِخُ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالشِّيعَةِ: اَنَّهُمْ يَاْخُذُونَ قَاعِدَةً ثَابِتَةً لَامَحِيدَ عَنْهَا فِي تَفْسِيرِ الْعُلَمَاءِ الْقُدَامَى لِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَاتُلْقُوا بِاَيْدِيكُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ(يَقُولُ الْعُلَمَاءُ الْقُدَامَى: بَلْ اَلْقُوا بِاَيْدِيكُمْ وَاَنْفُسِكُمْ وَاَمْوَالِكُمْ وَاَوْلَادِكُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ لَيْسَ الْجِهَادُ فِي سَبِيل ِاللهِ مَوْضِعاً لَهَا: وَنَقُولُ لِلْعُلَمَاءِ الْقُدَامَى وَلِلَّذِينَ يَتَشَدَّقُونَ بِاَقْوَالِهِمْ مِنَ الْعُلَمَاءِ الْمُعَاصِرِينَ: نَعَمْ نَحْنُ نَتَّفِقُ مَعَكُمْ بِهَذَا الْكَلَامِ فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ فَقَطْ: وَهِيَ حَالَةُ النَّفِيرِ الْعَامِّ الَّذِي يُجْدِي مَعَهُ نَفْعاً اِلْقَاءُ مَاذَكَرْتُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ: وَاَمَّا فِيمَا عَدَا ذَلِكَ: فَاِنْ كَانَ لَايُجْدِي نَفْعاً اِلْقَاءُ هَؤُلَاءِ اِلَى التَّهْلُكَةِ: فَمَاذَا تَقُولُونَ فِي خَالِدَ بْنِ الْوَلِيدِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عِنْدَ قِتَالِ الرُّومِ الْاُورْثُوذُكْسِ اَخْطَرِ عَدُوٍّ عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ: حِينَمَا فَعَلُوا بِالْمُسْلِمِينَ الْاَفَاعِيلَ فِي غَزْوَةِ مُؤْتَةَ: فَهَلْ تَرَكَهُمْ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ لِلرُّومِ لِيُبِيدُوهُمْ عَنْ بَكْرَةِ اَبِيهِمْ: اَمْ قَامَ بِالْفَرِّ مِنْ اَجْلِ مُعَاوَدَةِ الْكَرِّ وَانْسَحَبَ بِالْجَيْشِ حَتَّى اِشْعَارٍ آَخَرَ اِلَى اَجَلٍ غَيْرِ مُسَمَّى: نعم ايها الاخوة: وَهَذَا مَاقَامَ بِهِ جَيْشُ الْاِسْلَامِ فِي الْغُوطَةِ بِالضَّبْطِ: وَنَحْنُ مَازِلْنَا نُحْسِنُ الظَّنَّ بِهِ حَتَّى اِشْعَارٍ آَخَرَ وَاِلَى اَجَلٍ غَيْرِ مُسَمَّى اِلَى اَنْ{يَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ( وَاِلَّا فَاِنَّ لِهَذِهِ الْآَيَةِ ضَوَابِطَ شَرْعِيَّةً وَلَاتُؤْخَذُ عَلَى اِطْلَاقِهَا: بَلْ تَرَكَ اللهُ تَعَالَى تَقْدِيرَهَا اِلَى وَلِيِّ الْاَمْرِ الْعَسْكَرِيِّ التَّكْتِيكِيِّ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَلَاتُلْقُوا بِاَيْدِيكُمْ اِلَى التَّهْلُكَةِ(ثُمَّ تَعَالَوْا مَعَنَا مَنْ قَالَ لَكُمْ اَنَّ التَّهْدِيدَ الرَّبَّانِيَّ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ يَشْمَلُ الْمُقَاتِلِينَ الَّذِينَ اَبْلَوْا بَلَاءً حَسَناً وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا اَنْ يُحَقِّقُوا نَصْراً اَمَامَ قُوَّةِ الْآَلَةِ الْعَسْكَرِيَّةِ الْهَمَجِيَّةِ الْمُعَادِيَةِ الَّتِي تَاْتِيهِمْ مِنَ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَالْجَوِّ: بَلْ وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ غَيْرُهُ: اِنَّ هَذَا التَّهْدِيدَ لَمْ يَنْزِلْ وَحْياً مِنَ السَّمَاءِ اِلَّا فِي حَقِّ الدُّوَلِ الَّتِي تَمْتَلِكُ مِنَ الْاَمْوَالِ الْهَائِلَةِ وَالذَّهَبِ وَالنَّفْطِ مَا{يَجْعَلُ يَدَهَا مَغْلُولَةً اِلَى عُنُقِهَا وَلَاتَبْسُطُهَا كُلَّ الْبَسْطِ(اِلَّا مِنْ اَجْلِ التَّرَفِ الصَّلِيبِيِّ فِي بِلَاِد الْغَرْبِ الصَّلِيبِيِّ وَعَلَى مَلَاعِبِ كُرَةِ الْقَدَمِ تَارِكِينَ الْاَطْفَالَ فِي الْغُوطَةِ وَغَيْرِهَا تَحْتَ رَحْمَةِ الْكِيمَاوِيِّ دُونَ الْقِيَامِ بِمَا يُحَقِّقُ الرَّدْعَ الْكَافِي لِلْمُجْرِمِينَ: بَلْ مُجَرَّدُ مُفَرْقَعَاتٍ وَاَلْعَابُ اَطْفَالٍ يَقْذُفُونَهَا عَلَى النِّظَامِ الْمُجْرِمِ: ثُمَّ يَقُولُ الْعَاهِرُ الْوَقِحُ تَرَمْبْ(اَبْوصَلْعَة( بِالْفَمِ الصَّلِيبِيِّ النَّتِنِ النَّجِسِ الْمَلْآَنِ: اُنْجِزَتِ الْمُهِمَّةُ: وَفِي كُلِّ مَرَّةٍ وَبَعْدَ كُلِّ قَصْفٍ كِيمَاوِيٍّ: نَرَى اَحْفَادَ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ الْيَهُودِ يَضْرِبُونَ النِّظَامَ الْمُجْرِمَ بِاَسْلِحَتِهِمْ مُهَدِّدِينَ وَمُتَوَعِّدِينَ لَهُ اِنْ لَمْ يُسْرِعْ فَوْراً اِلَى اِخْفَاءِ الْاَدِلَّةِ وَطَمْسِ الْحَقَائِقِ وَمَعَالِمِهَا: نعم ايها الاخوة: اَلْاَعْدَاءُ مِنْ فَوْقِنَا: وَمِنْ تَحْتِنَا: وَعَنْ يَمِينِنَا: وَعَنْ شِمَالِنَا: وَمِنْ اَمَامِنَا: وَمِنْ خَلْفِنَا: وَلَامُغِيثَ اِلَّا اللهُ: وَسَنَكْشِفُ لَكُمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ وَلِلْعَالَمِ اَجْمَعَ وَلِلشَّعْبِ السُّورِيِّ هَذِهِ الْحَقِيقَةَ الَّتِي نَتَحَدَّثُ عَنْهَا لِاَوَّلِ مَرَّةٍ بَعْدَ مُرُورِ عَقْدٍ مِنَ الزَّمَنِ عَلَى اَحْدَاثِ حَمَاةَ فِي الْقَرْنِ الْمَاضِي: وَهِيَ اَنَّ الرُّوسَ الْخَوَنَةَ مَسْؤُولُونَ مَسْؤُولِيَّةً مُبَاشَرَةً عَنْ هَذِهِ الْاَحْدَاثِ فِي وَقْتٍ كَانُوا فِيهِ يَرْغَبُونَ بِتَجْرِيبِ الْاَسْلِحَةِ الَّتِي طَوَّرُوهَا عَلَى الشَّعْبِ السُّورِيِّ: فَقَامُوا بِمَجَازِرِ حَمَاةَ الْبَشِعَةِ الْمَعْرُوفَةِ: وَقَامَ النِّظَامُ الْحَاكِمُ آَنَذَاكَ بِالتَّسَتُّرِ عَلَيْهِمْ: وَاَلْصَقَ الْجَرِيمَةَ بِاَخِيهِ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُبْعِدَ الْاَنْظَارَ عَنْهُمْ: وَقَامَ بِنَفْيِهِ خَارِجَ سُورِيَّا كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ: وَظَلَّ الشَّيْخُ تَوْفِيقُ السَّيِّدِ(وَهُوَ عَمُّ الْوَزِيرِ مُحَمَّد السَّيِّد وَزِيرُ النِّظَامِ الْمُجْرِمِ( يَدْعُو عَلَيْهِمْ فِي جَامِعِ الشِّيشَانَ الْمَعْرُوفِ بِجَامِعِ السَّلَامِ فِي طَرْطُوسَ اَنْ يَنْصُرَ اِخْوَانَنَا فِي شِيشَانَ عَلَيْهِمْ اِلَى اَنْ وَافَتْهُ الْمَنِيَّةُ وَالْاَجَلُ: فنسال الله السلامة والعافية من الروس الخونة: وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين