مشاهدة النسخة كاملة : والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا


رحيق مختوم
01-27-2019, 05:24 AM
الحمد لله حمدا طيبا كثيرا مباركا فيه كما يليق بجلاله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه ومن والاهم وتبعهم باحسان الى يوم الدين وبعد: فَنَحْنُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ حِينَمَا نُنَبِّهُ اِلَى حَمِيرِ الْفَتْوَى الَّذِينَ يُفْتُونَ بِجَوَازِ الْمَكْتُوبِ عَلَى اَبْوَابِ الْمَحَلَّاتِ التِّجَارِيَّةِ اَوْ فِي دَاخِلِهَا وَعَلَى جُدْرَانِهَا اَوْ عَلَى لَوْحَةٍ اِعْلَانِيَّةٍ بِقَوْلِهِمُ الدَّيْنُ مَمْنُوعٌ وَالْعَتَبُ مُرْفُوعٌ وَالرِّزْقُ عَلَى رَبِّ الْعِبَادِ وَاَنَّ هَذَا مِنَ الْمَكْتُوبِ الْمَشْرُوعِ الَّذِي لَاغُبَارَعَلَيْهِ كَمَا يَقُولُ حَمِيرُ الْفَتْوَى: فَاِنَّنَا لَانَقُولُ ذَلِكَ عَبَثاً: بَلْ نَحْنُ نَعِي مَانَقُولُ مِنْ خُطُورَةِ هَذَا الْمَكْتُوبِ عَلَى الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ: فَاَيُّهُمَا اَعْظَمُ فَسَاداً اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: هَلْ هُوَ اَنْ تَمْنَعُوا التَّدَايُنَ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَنَعْنِي بِذَلِكَ اَنْ يَمْنَعَ اَهْلُ السُّنَّةِ التَّدَايُنَ فِيمَا بَيْنَهُمْ فِي زَمَنٍ هُمْ مُسْتَهْدَفُونَ فِيهِ اَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِمْ بَلْ هُمْ مِنَ الدَّرَجَةِ الْاُولَى الْمُسْتَهْدَفَةِ مِنْ اَعْدَاءِ الْاِسْلَامِ الْحَاقِدِينَ فِي الدَّاخِلِ وَالْخَارِجِ الَّذِينَ لَايَرْحَمُونَ اَهْلَ السُّنَّةِ خَاصَّةً وَلَا اَطْفَالَهُمْ وَلَا اَبْرِيَاءَهُمْ: فَهَلِ اللُّبْدُ وَ النَّصْبُ وَالِاحْتِيَالُ وَاصْطِيَادُ الْمُغَفَّلِينَ وَاَكْلُ اَمْوَالِهِمْ بِالْبَاطِلِ اَعْظَمُ فَسَاداً مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي سَيَسْرِي عَلَى دِمَائِكُمْ وَاَرْوَاحِكُمْ وَاَطْفَالِكُمْ(يَرُوحُ الْمَالُ كُلُّهُ وَتَبْقَى الصِّحَّةُ وَالْحَيَاةُ(نعم ايها الاخوة: اَلْمَالُ يَرُوحُ وَيَجِيءُ وَكُلُّهُ رَايِحٌ كَمَا يَقُولُ الْعَوَامُّ مِنَ النَّاسِ: وَرُبَّمَا يَعُودُ عَلَى صَاحِبِهِ اَضْعَافاً مُضَاعَفَةً: وَرُبَّمَا يُعَوِّضُ مِنْهُ قَلِيلاً: وَرُبَّمَا لَايَعُودُ مِنْهُ شَيْءٌ اَبَداً: لَكِنَّ الصَّحَّةَ اِذَا ذَهَبَتْ فَقَلَّمَا تَعُودُ: وَلَكِنَّ الْاَرْوَاحَ اِذَا ذَهَبَتْ اَيْضاً فَلَنْ تَعُودَ اِلَى هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا اَبَداً: وَوَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ اِلَّا هُوَ لَوْ لَمْ يَكُنْ لِلدَّيْنِ ضَرَورَةٌ قُصْوَى مُلِحَّةٌ اَنْتُمْ بِحَاجَةٍ مَاسَّةٍ اِلَيْهَا وَاِلَيْهِ: مَافَصَّلَهُ اللهُ تَفْصِيلاً فِي اَطْوَلِ آَيَةٍ فِي الْقُرْآَنِ: بَلْ فِي اَطْوَلِ سُورَةٍ؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايُسَمِّي عَبَثاً سُورَةً طَوِيلَةً مِنَ الْقُرْآَنِ بِاسْمِ كَلِمَةٍ لَمْ يَذْكُرْهَا اِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً وَهِيَ كَلِمَةُ الشُّورَى الَّتِي لَمْ يُفَصِّلْهَا اِلَّا فِي ثَلَاثِ كَلِمَاتٍ فَقَطْ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ( فَكَيْفَ لَوْ فَصَّلَهَا تَفْصِيلاً فِي اَطْوَلِ آَيَةٍ وَهِيَ آَيَةُ التَّدَايُنِ: فَهَلْ يُحْكِمُهَا حَكِيمٌ خَبِيرٌ بِالْمُعَامَلَاتِ الْمَادِّيَّةِ بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ ثُمَّ يُفَصِّلُهَا عَبَثاً{كِتَابٌ اُحْكِمَتْ آَيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ(وَاِذَا كَانَ سُبْحَانَهُ قَدْ حَبَسَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا عَنْ جَسَد قَتِيلٍ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ وَلَمْ يُطْلِقْهَا فِي جَسَدِهِ اِلَّا بِبَعْضٍ مِنْ جَسَدِ بَقَرَةٍ: فَاِنَّهُ سَيَحْبُسُ النَّاسَ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ وَلَنْ يُطْلِقَهَا لَهُمْ اِلَّا بِقَضَاءِ دَيْنِهِمْ: فَاِمَّا اَنْ يَقْضِيَ سُبْحَانَهُ عَنْهُمْ دَيْنَهُمْ لِمَنْ اَرَادَ اَدَاءَ الدَّيْنِ وَلَمْ يَسْتَطِعْ اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً: وَاِمَّا اَنْ يُتْلِفَهُمْ فِي جَهَنَّمَ اِنْ اَرَادُوا اِتْلَافَ اَمْوَالِ النَّاسِ وَصِحَّتَهُمْ بِالْمُمَاطَلَةِ وَالتَّلْوِيعِ اَوِ الْجُحُودِ وَالنُّكْرَانِ فِي حَالِ لَمْ يَجِدُوا مَنْ يَقْضِي عَنْهُمْ دَيْنَهُمْ فِي حَيَاتِهِمْ وَلَابَعْدَ مَمَاتِهِمْ: نعم ايها الاخوة: لَكِنَّ هَذَا لَيْسَ بَيْتَ الْقَصِيدِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فِي حَيَاتِنَا الدُّنْيَا: وَلَكِنَّ بَيْتَ الْقَصِيدِ اَخْطَرُ مِنْ ذَلِكَ بِكَثِيرٍ جِدّاً: وَهُوَ الرِّبَا الَّذِي تَسْتَدْرِجُونَ النَّاسَ اِلَيْهِ وَهُمْ مُضْطَّرُّونَ مِنْ حَيْثُ لَاتَشْعُرُونَ: وَقَدْ اَعْلَنَ اللهُ حَرْباً خَفِيَّةً عَلَى مُتَعَاطِي الرِّبَا مِنْ حَيْثُ لَاتَشْعُرُونَ اَيْضاً{وَمَايَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ اِلَّا هُوَ(وَاَمَّا الْحَرْبُ الْعَلَنِيَّةُ فَهيَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ حِينَمَا يُقَالُ لِآَكِلِ الرِّبَا خُذْ سِلَاحَكَ لِلْحَرْبِ فَاللهُ تَعَالَى بِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سَيَتَوَلَّى حَرْبَكَ دُونَ اَنْ يَسْتَعِينَ بِجُنْدِيٍّ مِنْ جُنُودِهِ سَوَاءٌ كُنْتَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا تَتَعَامَلُ بِالرِّبَا اَوْ كُنْتَ سَبَباً فِي اِيقَاعِ النَّاسِ بِهِ: وَالسَّاعِي فِي الشَّرِّ كَفَاعِلِهِ وَلَوْ لَمْ يَفْعَلْهُ اَوْ كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَاَنْتُمْ اَيُّهَا الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاءُ الْمُغَفَّلُونَ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ حِينَمَا تَمْنَعُونَ التَّدَايُنَ فِيمَا بَيْنَكُمْ مَنْعاً نِهَائِيّاً بِحُجَّةِ النَّصْبِ وَالِاحْتِيَالِ الَّذِي فَسَادُهُ اَدْنَى وَاَقَلُّ مِنْ فَسَادِ الرِّبَا: فَاَنْتُمْ مُضْطَّرُّونَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اِلَى التَّدَايُن ِمِنْ بُنُوكِ آَغَا خَانَ الَّتِي تَفْتَحُ لَكُمْ اَبْوابَهَا عَلَى مِصْرَاعَيْهَا بِفَوَائِدَ خَيَالِيَّةٍ فَاحِشَةٍ: وَمَااَدْرَاكُمْ مَابُنُوكُ آَغَا خَانَ ايها الاخوة: اِنَّهَا الْبُنُوكُ الْعُبَيْدِيَّةُ: اِنَّهَا بُنُوكُ الْاَحْفَادِ الْعُبَيْدِيِّينَ الَّذِينَ مَازَالُوا اِلَى اَيَّامِنَا هَذِهِ عَلَى خُطَى الْاَجْدَادِ الْعُبَيْدِيِّينَ الَّذِينَ ارْتَكَبُوا مِنَ الْفَظَائِعِ بِحَقِّ الْمُسْلِمِينَ السُّنَّةِ مَاارْتَكَبُوا فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ حِينَمَا كَانَ زَعِيمُهُمْ فِي الْمَاضِي وَمَازَالَ اِلَى اَيَّامِنَا هَذِهِ عَبْرَ اَحْفَادِهِ الْعُبَيْدِيِّينَ الْجُدِدِ فِي بُنُوكِ آَغَا خَانَ الَّتِي تَجْمَعُ مِنْ اَمْوَالِ الْحَمِيرِ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ حِينَمَا يُقْرِضُونَهُمْ اِيَّاهَا وَيَسْتَرِدُّونَهَا بِفَوَائِدَ خَيَالِيَّةٍ فَاحِشَةٍ كَمَا ذَكَرْنَا وَهُمْ يَجْمَعُونَهَا مَعَ فَوَائِدِهَا الْخَيَالِيَّةِ الْفَاحِشَةِ مِنْ اَجْلِ سَفْكِ دِمَائِهِمْ وَمَا زَالَ زَعِيمُهُمْ اِلَى الْآَنَ يَهْمِسُ فِي آَذَانِ اَحْفَادِهِ الْعُبَيْدِيِّينَ الْجُدُدِ الْمُتَحَالِفِينَ فِي اَيَّامِنَا مَعَ الشِّيعَةِ الْيَهُودِيَّةِ الْاِمَامِيَّةِ وَالصَّلِيبِيَّةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ النُّصَيْرِيَّةِ وَالدُّرْزِيَّةِ وَيُعْطُونَهُمْ نِسْبَةً كَبِيرَةً مِنْ اَرْبَاحِ هَذِهِ الْفَوَائِدِ الْخَيَالِيَّةِ الْفَاحِشَةِ فَيَهْمِسُ زَعِيمُهُمْ فِي آَذَانِهِمْ قَائِلاً: اَنَا بِاللهِ وَبِاللهِ اَنَا يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَاُفْنِيهِمْ اَنَا: اَلَا تَشُمُّونَ رَائِحَةَ الْحُلُولِ وَالِاتِّحَادِ عِنْدَ شَيَاطِينِ الْاِنْسِ مِنَ الْمُتَصَوِّفَةِ فِي هَذِهِ الْمَقُولَةِ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَلَيْسَ مِنْكُمْ رَجُلٌ رَشِيد: وَهَذَا اِنْ دَلَّ عَلَى شَيْءٍ ايها الاخوة: فَاِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى قِلَّةِ الْوَعْيِ فِي اَوْسَاطِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ بِشَاْنِ الْاَخْطَارِ الْمُحْدِقَةِ بِهِمْ مِنْ جَمِيعِ الِاتِّجَاهَاتِ بِسَبَبِ مَوْضُوعِ التَّدَايُنِ الَّذِي اَعْلَنَ اللهُ فِيهِ حَرْباً لَاهَوَادَةَ فِيهَا عَلَى الْمُؤْمِنِينَ قَبْلَ الْكَافِرِينَ وَعَلَى مَنْ كَانَ سَبَباً فِي تَعَاطِي الرِّبَا عَنْ طَرِيقِ الدَّيْنِ مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يُنَفِّرُونَ النَّاسَ مِنَ الْقَرْضِ الْحَسَنِ وَيَضْطَّرُّونَهُمْ اِلَى الْقَرْضِ الرِّبَوِيِّ السَّيِّءِ بَلْ هُوَ الْاَسْوَاُ حِينَمَا يَكْتُبُونَ عَلَى اَبْوَابِ مَحَلَّاتِهِمُ التِّجَارِيَّةِ: اَلدَّيْنُ مَمْنُوع: نعم ايها الاخوة: فِي مَوْسِمِ التَّفْرِيخِ يَحِقُّ لِوَلِيِّ الْاَمْرِ اَنْ يُقَيِّدَ الصَّيْدَ الْمُبَاحَ حِفَاظاً عَلَى الثَّرْوَةِ الْحَيَوانِيَّةِ: لَكِنَّ النَّاسَ فِي اَيَّامِنَا مَنِ الَّذي اَعْطَاهُمُ الْحَقَّ بِتَقْيِيدِ الدَّيْنِ: وَيَالَيْتَهُمْ اكْتَفَوْا بِتَقْيِيدِ الدَّيْنِ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِه تَعَالَى{وَلَاتَسْاَمُوا اَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً اَوْ كَبِيراً اِلَى اَجَلِهِ(لَكِنَّهُمْ لَمْ يُقَيِّدُوهُ عَلَى ضَوْءِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَلَا عَلَى ضَوْءِ الْقَوَانِينِ الْوَضْعِيَّةِ: بَلْ مَنَعُوا الدَّيْنَ نِهَائِيّاً فَمَنِ الَّذِي اَعْطَاهُمُ الْحَقَّ بِمَنْعِهِ نِهَائِيّاً: هَلْ اَعْطَاهُمْ هَذَا وَلِيُّ اَمْرِنَا بَشَّار: نعم ايها الاخوة: جَاءَ اِنْسَانٌ فَقِيرٌ مُصَابٌ بِدَاءِ السُّكَّرِيِّ وَقَدْ هَبَطَ مَعَهُ السُّكَّرُ هُبُوطاً حَادّاً لِيَسْتَنْجِدَ بِمَحَلَّاتِ حَنُّوفَ لِلْكُنَافَةِ فِي طَرْطُوسَ: فَقَالَ لَهُ اَرْجُوكَ اَسْعِفْنِي بِقِطْعَةٍ كَبِيرَةٍ مِنَ الْكُنَافَةِ مِنْ دُونِ قَطْرٍ: اَشْعُرُ بِتَعَبٍ شَدِيدٍ يَكَادُ يُودِي بِحَيَاتِي: وَجِسْمِي يَاْكُلُ بَعْضُهُ بَعْضاً: وَلَا اَحْمِلُ مِنَ الْمَالِ شَيْئاً فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ: وَسَاَقُومُ بِسَدَادِ ثَمَنِ الصَّحْنِ مِنَ الْكُنَافَةِ لَاحِقاً: فَقَالَ لَهُ: لَقَدِ انْكَسَرَ مَحَلِّي بِدُيُونٍ مِقْدَارُهَا نِصْفُ مِلْيُونِ لَيْرَةٍ لَايَقُومُ اَحَدٌ مِنَ النَّاسِ بِتَسْدِيدِهَا وَلَنْ اُعِيدَ الْكَرَّةَ فِي اِقْرَاضِ اَحَدٍ مِنَ النَّاسِ وَلَوْ بِمَبْلَغِ مِائَةِ لَيْرَةٍ سُورِيَّةٍ وَالرَّسُولُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَقُولُ[لَايُلْدَغُ مُؤْمِنٌ مِنْ جُحْرٍ مَرَّتَيْنِ(اِنْتَهَى كَلَامُ الرَّجُلَيْنِ: لَكِنْ عَنْ اَيِّ اِيمَانٍ يَتَحَدَّثُ هَؤُلَاءِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: عَنْ اَيِّ لَدْغٍ يَتَحَدَّثُونَ: عَنْ اَيِّ لَسْعَةٍ يَتَحَدَّثُ هَؤُلَاءِ الْاَوْغَادِ: نَسْاَلُ اللهَ اَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِمْ شُجَاعاً اَقْرَعَ فِي قُبُورِهِمْ لَايَجْعَلُهُمْ يَرْتَاحُونَ اَبَداً مِنْ لَدَغَاتِهِ وَلَسَعَاتِهِ وَحَرِيقِه وَاَلَمِهِ: عَنْ اَيِّ اِيمَانٍ يَتَحَدَّثُونَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ جَيِّداً قَوْلَهُ تَعَالَى{اِنَّمَا الصَّدَقَاتُ{لِابْنِ السَّبِيلِ(وَلَوْ كَانَ مِلْيَارْدَارِيَّاً فِي بَلَدِهِ وَلَكِنَّهُ لَايَسْتَطِيعُ الْوُصُولَ اِلَى اَمْوَالِهِ فِي الْوَقْتِ الْحَاضِرِ فِي بَلَدٍ اَصْبَحَ فِيهِ مُنْقَطِعاً: وَرُبَّمَا يَسْتَغْرِقُ وُصُولُهُ اِلَى اَمْوَالِهِ وَقْتاً كَبِيراً: وَرُبَّمَا يَمُوتُ اِنْ لَمْ يَجِدْ مَنْ يُسْعِفُهُ بِشِرَاءِ قِطْعَةٍ مِنَ الْحَلْوَى فَوْراً: عَنْ اَيِّ اِيمَانٍ يَتَحَدَّثُ هَؤُلَاءِ وَقَدْ حَرَّمَ عَلَيْنَا اللهُ اَنْ نَتْرُكَ اِنْسَاناً يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ اَوِ الْمَرَضِ حَتَّى وَلَوْ كَانَ هَذَا الْاِنْسَانُ سَفِيهاً نَصَّاباً مُحْتَالاً يَاْكُلُ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: بَلْ حَتَّى وَلَوْ كَانَ عَدُوّاً مُحَارِباً: فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى اِيمَانِ الْمُنَافِقِينَ هَذَا الَّذِي يَتَحَدَّثُونَ عَنْهُ: اَيْنَ هُمْ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَاَسِيراً(وَالْاَسِيرُ رُبَّمَا يَكُونُ مَظْلُوماً مُسَالِماً: وَرُبَّمَا يَكُونُ عَدُوّاً مُحَارِباً انْقَطَعَتْ بِهِ السُّبُلُ: فَهَلْ نَتْرُكُهُ يَمُوتُ مِنَ الْجُوعِ اَيُّهَا الْاَوْغَادُ مَهْمَا كَانَتْ جَرِيمَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ جَرِيمَتُهُ اَعْظَمَ مِنْ جَرِيمَةِ الَّذِينَ يَاْكُلُونَ اَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: نعم ايها الاخوة: هَذَا هُوَ اللهُ الْمَحَبَّةُ الَّذِي يَتَشدَّقُ بِهِ النَّصَارَى: مَوْجُودٌ عِنْدَنا نَحْنُ الْمُسْلِمينَ وَفِي شَرِيعَتِنَا وَفِي قُرْآَنِنَا: وَخَسِؤُوا اَنْ يَكُونَ عِنْدَهُمْ وَفِي شَرِيعَتِهِمْ (اِلَّا نِفَاقاً( ذَرَّةٌ مِنْ هَذَا اللهِ الْمَحَبَّةِ الَّذِي يَتَشَدَّقُ به اَوْلَادُ الْاَفَاعِي النَّصَارَى مَهْمَا تَبَجَّحُوا وَتَشَدَّقُوا بِقَوْلِهِمْ[اَحِبُّوا اَعْدَاءَكُمْ: بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ: اَحْسِنُوا اِلَى مُبْغِضِيكُمْ(وَفِي تَارِيخِ الْمُسْلِمِينَ الْمُشْرِقِ مَازَالَتْ اِلَى اَيَّامِنَا كَنَائِسُهُمْ حَاضِرَةً تَتَحَدَّثُ عَنْ سَمَاحَةِ الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمينَ: وَفِي تَارِيخِ النَّصَارَى الْاَسْوَدِ مَازَالَتْ اِلَى اَيَّامِنَا مَسَاجِدُ الْمُسْلِمِينَ تَتَحَدَّثُ عَنِ الْفَظَائِع الَّتِي كَانَ يُمَارِسُهَا اَوْلَادُ الْاَفَاعِي الصُّلْبَانُ فِي مَحَاكِمِ التَّفْتِيشِ فِي اِسْبَانْيَا الَّذِينَ يَتَشَدَّقُونَ بِاللهِ الْمَحَبَّةِ حِينَمَا جَعَلُوا مِنَ الْمَسَاجِدِ مَتَاحِفَ{وَمَنْ اَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللهِ اَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا اُولَئِكَ(اَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَتَّهِمُونَ الْاِسْلَامَ بِالتَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ مِنْ خَوْفِهِمْ وَرُعْبِهِمْ عَلَى اَمْوَالِهِمُ الَّتِي لَايُريدُونَ مِنَ الْاِسْلَامِ اَنْ يُدِيرَهَا لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ وَالرِّزْقِ الْوَفِيرِ وَاَكْلِهِمْ مِنْ فَوْقِهمْ وَمِنْ تَحْتِ اَرْجُلِهِمْ وَلَاعَلَيْهِمْ فِي صَدَقَةٍ اَوْ زَكَاةٍ اَوْ اِحْسَانٍ{مَاكَانَ لَهُمْ اَنْ يَدْخُلُوهَا اِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ(وَاتِّهَامُهُمْ لِلْاِسْلَامِ بِالتَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ هُوَ بِسَبَبِ هَذَا الْخَوْفِ الَّذِي ذَكَرهُ اللهُ: نعم ايها الاخوة: وَهَذَا الْخَوْفُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ هُوَ لَعْنَةٌ مِنَ اللهِ وَغَضَبٌ شَدِيدٌ عَلَيْهِمْ وَلَايُمْكِنُ كَسْرُ هَذِهِ اللَّعْنَةِ عَنْهُمْ اِلَّا بِمَشِيئَةِ اللهِ: وَلِذَلِكَ سَيَسْتَمِرُّونَ فِي اتِّهَامِ الْاِسْلَامِ بِالتَّطَرُّفِ وَالْاِرْهَابِ لِيَزْدُادُوا اِثْماً عِنْدَ اللهِ لِتَزِيدَ لَعَائِنُ اللهِ عَلَيْهِمْ فِي اَشَدِّ عَذَابٍ اَلِيمٍ مُهِينٍ فِي جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمَصِيرِ اِلَّا اِذَا اَدْرَكَتْهُمْ رَحْمَةُ اللهِ: وَرَحْمَةُ اللهِ لَاتُدْرِكُهُمْ اَبَداً اِلَّا بِتَوْبَتِهِمْ تَوْبَةً نَصُوحاً وَاِيمَانِهِمْ وَعَمَلِهِمْ اَعَمَالاً صَالِحَةً تَمْحُو عَنْهُمْ آَثَامَهُمْ وَتُكَفِّرُ عَنْهُمْ سَيِّآَتِهِمْ: عَنْ اَيّ اِيمَانٍ يَتَحَدَّثُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَبِيعُونَ الْحَلْوَى حِينَمَا يَقْرَؤُونَ قَوْلَهُ تَعَالَى{وَمَنْ اَحْيَاهَا فَكَاَنَّمَا اَحْيَا النَّاسَ جَمِيعاً(فَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى اِيمَانِ الْمُنَافِقِينَ{وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ(عُبَّادِ الْمَالِ الَّذِينَ اَشْرَكُوا عِبَادَةَ الْمَالِ مَعَ عِبَادَةِ اللهِ لِاَنَّهُمْ مِنَ{الَّذِينَ لَايُؤْتُونَ الزَّكَاةَ[تَعِسَ عَبْدُ الدِّرْهَمِ وَالدِّينَارِ وَالْقَطِيفَةِ وَالْخَمِيصَةِ وَانْتَكَسَ وَاِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ(اَلَا تَعْلَمُونَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنَّ دَعْوَةَ الْمَرِيضِ مُسْتَجَابَةٌ: فَمَابَالُكُمْ لَوْ عَلِمْتُمْ اَنَّ هَذَا الْاِنْسَانَ هُوَ مَرِيضٌ وَمَظْلُومٌ فِي نَفْسِ الْوَقْتِ: وَقَدْ تَرَكَهُ حَنَّوفُ الطَّرْطُوسِيُّ يَذْهَبُ هَائِماً عَلَى وَجْهِهِ اِلَى اَنْ وَجَدَ اِنْسَاناً آَخَرَ يَبِيعُ الْحَلْوَى لَيْسَ طَرْطُوسِيّاً وَلَيْسَ مِنْ بَلَدِهِ بَلْ هُوَ مِنْ اَهْلِ الدَّاخِلِ وَعَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ مَحَلَّاتِ حَنَّوفَ بِاتِّجَاهِ مَدْخَلِ الْبَرَّانِيَّةِ اِلَى الشَّمَالِ قُرْبَ مَحَلَّاتِ الْمَنَاقِيشِ وَالْمُعَجَّنَاتِ الْحِمْصِيَّةِ: فَاَسْعَفَهُ وَاَطْعَمَهُ: بَلْ قَالَ لَهُ كُلَّمَا احْتَجْتَ اِلَى الْحَلْوَى فَهَلُمَّ اِلَيَّ وَلَااُرِيدُ مِنْكَ ثَمَنَهَا بَلْ لِوَجْهِ اللهِ تَعَالَى: فَحَيَّا اللهُ اَهْلَ الدَّاخِلِ وَحَيَّا اللهُ كَرَمَ اَهْلِ الدَّاخِلِ: وَالْخِزْيُ وَالْعَارُ عَلَى طَرْطُوسَ وَعَلَى اَهْلِ طَرْطُوسَ اِلَّا قَلِيلاً مِنْهُمْ: نَعَمْ قَالَهَا وَهُوَ يَقْتُلُ اَكْبَرَ عَدَدٍ مِنَ الْحُجَّاجِ مِنْ اَهْلِ السُّنَّةِ فِي تِلْكَ الْاَيَّامِ فِي يَوْمِ التَّرْوِيَةِ: وَلَمْ يَتَجَرَّاْ اَحَدٌ مِنَ الْحُجَّاجِ الَّذِينَ نَجَوْا مِنْ بَطْشِهِ اَنْ يَقِفُوا عَلَى جَبَلِ عَرَفَاتَ فِي الْيَوْمِ التَّالِي: وَاَنْتُمْ مَازِلْتُمْ اِلَى الْآَنَ ايها الاخوة: تُسَهِّلُونَ لِلذِّئَابِ وَالثَّعَالِبِ وَالضِّبَاعِ الشَّارِدَةِ وَالْكِلَابِ مِنْ اَجْلِ اَنْ تَنْهَشَ لُحُومَكُمْ بِمَا تَمْنَعُونَ مِنَ التَّدَايُنِ فِيمَا بَيْنَكُمْ بِالْقَرْضِ الْحَسَنِ بِحُجَّةِ اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ: فَنَامُوا اَيُّهَا الْحَمْقَى الْاَغْبِيَاءُ: فَمَا فَازَ اِلَّا النُّوَّمُ: وَلَعْنَةُ اللهِ عَلَى الْخَوَنَةِ مِنْكُمْ اِلَى يَوْمِ الدِّينِ: وَنَقُولُهَا مِنَ الْقَلْبِ اِلَى الْقَلْبِ: وَلَانَلْعَنُ الَّذِينَ يَخُونُونَنَا؟ لِاَنَّ خِيَانَتَنَا لَهَا دَبَّارَةٌ مَهْمَا يَكُنْ مِنْ اَمْرِهَا: بَلْ نَلْعَنُ السُّنِّيَّ الَّذِي يَخُونُ اَخَاهُ السُّنِّيَّ مِنْ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لَايَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلَايَهْتَدُونَ سَبِيلاً: اَنْتُمْ لَاتُحِبُّونَ بَعْضَكُمْ يَااَهْلَ السُّنَّةِ كَما نَحْنُ نُحِبُّ بَعْضَنَا: وَلَوْ كُنْتُمْ حَقّاً تُحِبُّونَ بَعْضَكُمْ: لَنَصَرَكُمُ اللهُ عَلَيْنَا مِنْ اَوَّلِ جَوْلَة:وَكَيْفَ يُحِبُّ اللهُ مَنْ يَكْرَهُونَ بَعْضَهُمْ: وَمَعَ ذَلِكَ نَقُولُهَا وَالْاَلَمُ يَعْتَصِرُ قُلُوبَنَا: وَاللهِ الَّذِي لَا اِلَهَ غَيْرُهُ: لَمْ يُظْلَمِ الْحُسَيْنُ فِي اَيَّامِهِ كَمَا يُظْلَمُ اَهْلُ السُّنَّةِ فِي اَيَّامِنَا فِي جَمِيعِ اَنْحَاءِ الْعَالَمِ وَيُنَكَّلُ بِهِمْ تَنْكِيلاً وَخَاصَّةً اِخْوَانَنَا الرُّوهِينْجَا: ونترك القلم الآن لمشايخنا المعارضين قائلين: بعد ذلك ايها الاخوة: سُؤَالٌ يَتَكَرَّرُ كَثِيراً عَلَى اَلْسِنَةِ النَّاسِ فِي اَيَّامِنَا يَقُولُ صَاحِبُهُ: هَذَا الَّذِي خَلَقَهُ اللهُ مِنْ اَبَوَيْنِ غَيْرِ مُسْلِمَيْنِ: وَتَاَثَّرَ بِتَرْبِيَتِهِمَا: مَاهُوَ ذَنْبُهُ: اَلَيْسَ لَهُ مِنْ حُجَّةٍ عَلَى اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي تَرْكِهِ لِدِينِ الْاِسْلَامِ وَعَدَمِ اعْتِنَاقِهِ: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّ نَبِيَّ اللهِ مُوسَى الَّذِي يُقَدِّسُهُ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى: وَهُمْ مَاْمُورُونَ فِي شَرِيعَتِهِمْ اَنْ يَقْتَدُوا بِهِ فِي كَوْنِهِ قَبْلَ اَنْ يُصْبِحَ نَبِيّاً: لَمْ يَتَاَثَّرْ بِفِرْعَوْنَ الَّذِي جَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ رَبّاً عَلَى مُوسَى طِيلَةَ السَّنَوَاتِ الَّتِي قَضَاهَا مُوسَى عِنْدَهُ وَتَرَبَّى فِي قَصْرِهِ وَقَالَ لَهُ فِرْعَوْنُ{اَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيداً وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِين(نعم اخي: جَعَلَ مِنْ نَفْسِهِ رَبّاً عَلَى مُوسَى وَقَوْمِهِ مِنْ بَنِي اِسْرَائِيلَ: وَذَبَحَ اَبْنَاءَهُمْ: وَاسْتَحْيَا نِسَاءَهُمْ: وَعَلَا فِي الْاَرْضِ: وَجَعَلَ اَهْلَهَا شِيَعاً: وَاسْتَضْعَفَ طَائِفَةً مِنْهُمْ: وَفَرْعَنَ الطَّائِفَةَ الْاُخْرَى مِنْ اَجْلِ اِذْلَالِهِمْ وَتَسْخِيرِهِمْ فِي الْاَعْمَالِ الشَّاقَّةِ: وَعَاشُوا مِنَ الْمَآَسِي الَّتِي لَامَثِيلَ لَهَا فِي التَّارِيخِ الْمَاضِي وَالْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِيِّ: وَمَعَ ذَلِكَ كُلِّهِ لَمْ يَتَاَثَّرْ مُوسَى بِرُبُوبِيَّتِهِ الزَّائِفَةِ فِي جَوٍّ لَامَثِيلَ لَهُ مِنَ الْخَوْفِ وَالْهَلَعِ وَالرُّعْبِ اسْتَغْرَقَ سَنَوَاتٍ طَوِيلَةً جِدّاً: فَكَيْفَ يَتَاَثَّرُ غَيْرُ الْمُسْلِمِ بِوَالِدَيْنِ غَيْرِ مُسْلِمَيْنِ لَمْ يَجْعَلْ اَحَدُهُمَا وَلَا كِلَاهُمَا مِنْ نَفْسِهِ رَبّاً عَلَيْهِ كَمَا فَعَلَ فِرْعَوْنُ مَعَ مُوسَى: نعم ايها الاخوة: وَاللهُ تَعَالَى فِي قُرْآَنِهِ الْحَكِيمِ: لَايَرْوِي قِصَّةَ مُوسَى: وَلَايُكَرِّرُهَا مِرَاراً مِنْ اَجْلِ الْفُكَاهَةِ وَالتَّسْلِيَةِ وَالْعَبَثِ: بَلْ لِنَقْتَدِيَ بِهَا: نعم اخي: وَاَمَّا قَوْلُكَ مَاهُوَ ذَنْبُهُ: فَذَنْبُهُ اَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى اَنْ تُشْرِكَ بِي مَالَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفاً(اَيْ بِالْمَعْرُوفِ وَهُوَ التَّوْحِيدُ الْاِسْلَامِيُّ وَلَيْسَ الْمُنْكَرُ وَهُوَ الشِّرْكُ الَّذِي لَاعِلْمَ لَنَا بِهِ اَنَّ اللهَ شَرَعَ شَيْئاً مِنْهُ فِي دِينِ الْاِسْلَامِ اَوْ اَقَرَّهُ{اَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَالَمْ يَاْذَنْ بِهِ اللهُ(فَاِنِ احْتَجَّ عَلَيْنَا غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ بِقَوْلِهِمْ: اَنَّ الْوَصِيَّةَ بِالْوَالِدَيْنِ هِيَ لِلْمُسْلِمِينَ فَقَطْ وَلَاعَلَاقَةَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ بِهَا: فَاِنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ: هَذَا الْكَلَامُ غَيْرُ صَحِيحٍ؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ{وَوَصَّيْنَا الْاِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ اِحْسَاناً(وَالْاِنْسَانُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ يَشْمَلُ الْمُسْلِمَ وَغَيْرَ الْمُسْلِمَ(فَاِنِ احْتَجَّ عَلَيْنَا غَيْرُ الْمُسْلِمِينَ اَنَّهُمْ لَايُؤْمِنُونَ بِهَذَا الْقُرْآَنِ: فَاِنَّنَا نَقُولُ لَهُمْ اَنْتُمْ اَحْرَارٌ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ(لَكِنْ عَلَيْكُمْ اَنْ تَتَحَمَّلُوا عَوَاقِبَ اخْتِيَارِكُمْ لِلْكُفْرِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّا اَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَاراً اَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَاِنْ يَسْتَغِيثُوا يُغَاثُوا بِمَاءٍ كَالْمُهْلِ يَشْوِي الْوُجُوهَ بِئْسَ الشَّرَابُ وَسَاءَتْ مُرْتَفَقَا(وَاللهُ تَعَالَى لَمْ يُلْزِمْ نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ يُدْخِلَكُمُ الْجَنَّةَ وَلَااَنْتُمْ تَسْتَطِيعُونَ اَنْ تُلْزِمُوهُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ اِلَّا مَنْ كَانَ هُوداً اَوْ نَصَارَى تِلْكَ اَمَانِيُّهُمْ(اَيْ فِي الْاَحْلَامِ وَالْخَيَالِ وَالْوَهْمِ{قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين: نعم ايها الاخوة: فَكَمَا اَنَّ الشِّرْكَ الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ يَحْتَاجُ اِلَى بُرْهَانٍ وَلَنْ يَجِدُوا الْبُرْهَانَ مَهْمَا بَحَثُوا: فَكَذَلِكَ قَضِيَّةُ الْجَنَّةِ الْيَهُودِيَّةِ وَالْجَنَّةِ الْاُخْرَى النَّصْرَانِيَّةِ وَالْجَنَّةِ الصَّفَوِيَّةِ الشِّيعِيَّةِ الَّتِي تَتَنَعَّمُ بِحَسَنَاتِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَصَلَوَاتِهِمْ وَصِيَامِهِمْ وَالنَّارِ الَّتِي تُحْرِقُ اَهْلَ السُّنَّةِ بِذُنُوبِ شِيعَةِ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ الْاِمَامِيَّةِ وَالْبَاطِنِيَّةِ تَحْتَاجُ اِلَى بُرْهَانٍ هَذِهِ اَيْضاً: وَنَحْتَاجُ نَحْنُ اَيْضاً اِلَى اَنْ نَرَى عُرْضَ اَكْتَافِ هَؤُلَاءِ الْاَفَّاكِينَ وَهُمْ يَخْرُجُونَ مِنْ جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْاَرْضُ اُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ؟ لِاَنَّهُمْ لَنْ يَسْتَطِيعُوا مَهْمَا حَاوَلُوا اَنْ يَاْتُوا بِبُرْهَانٍ عَلَى اَنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ لَيْسَ مِنْ عِنْدِ اللهِ بِدَليِل ِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ(اَيْ شَكٍّ{مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا(مُحَمَّدٍ مِنْ هَذَا الْقُرْآَنِ{فَاْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ اِنْ كُنْتُمْ صَادِقِين(اَيِ ادْعُوا آَلِهَتَكُمُ الَّتِي تَزْعُمُونَ وَعَابِدِيهَا اَنْ يَاْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ اِنْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا سَبيلاً اِلَى اَنْ يَاْتُوا بِمِائَةٍ وَاَرْبَعَ عَشْرَةَ سُورَةٍ اَوْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مُفْتَرَيَات(اَيْ مِنْ مِثْلِ سُوَرِهِ وَآَيَاتِهِ لِيَشْهَدُوا بِاِنْصَافٍ وَمَوْضُوعِيَّةٍ شَهَادَةَ حَقٍّ عَلَى مَااَتَيْتُمْ بِهِ اِنْ كَانَ فِيهِ تَمَاثُلٌ اَوْ تَشَابُهٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَلَامِ اللهِ{فَاِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ اُعِدَّتْ لِلْكَافِرِين(نعم ايها الاخوة: لَاحُجَّةَ لِغَيْرِ الْمُسْلِمِينَ اَبَداً اِنْ لَمْ يَعْتَنِقُوا الْاِسْلَامَ وَذَلِكَ وَاضِحٌ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ اَنْ تَقُولُوا مَاجَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَانَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِير(وَلَاحُجَّةَ لَهُمْ اَيْضاً اِنْ قَالُوا لِلْمُسْلِمِينَ كَمَا كَانَ قَوْمُ شُعَيْبٍ يَقُولُونَ لِنَبِيِّهِمْ{لَانَفْقَهُ كَثِيراً مِمَّا يَقُولُ(نَبِيُّكُمْ اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَلَاحُجَّةَ لَهُمْ اَيْضاً اِنْ كَانُوا يَفْعَلُونَ كَمَا كَانَ يَفْعَلُ قَوْمُ نُوحٍ الَّذِي دَعَا عَلَيْهِمْ بِقَوْلِهِ{وَاِنِّي كُلَّمَا دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا اَصَابِعَهُمْ فِي آَذَانِهِم وَاسْتَغْشَوْا ثِيَابَهُمْ وَاَصَرُّوا وَاسْتَكْبَرُوا اسْتِكْبَاراً} بعد ذلك ايها الاخوة: سؤال من احد الاخوة النصارى يقول فيه: قُرْآَنُكُمْ يَقُولُ عَلَى لِسَانِ عِيسَى{وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَاْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ اَحْمَد(فَهَاتُوا لَنَا اَحْمَدَ لِنُؤْمِنَ بِهِ: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: لَوْ كُنَّا نَسْتَطِيعُ اَنْ نَرُدَّ عَلَيْكَ بِنَفْسِ الْاُسْلُوبِ الْوَقِحِ لَقُلْنَا: اِنْجِيلُكُمْ يَقُولُ الْاَصَاحِيحَ عَلَى لِسَانِ يَسُوعَ وَنَحْنُ لَانَجِدُ يَسُوعَ فِي قُرْآَنِنَا فَكَيْفَ سَنُؤْمِنُ بِهِ: نعم ايها الاخوة: نَحْنُ نَجِدُ عيسَى الْمَسِيحَ: وَلَانَجِدُ يَسُوعَ الْمَسِيحَ: فَكَيْفَ سَنُؤْمِنُ بِيَسُوعَ: فَهَاتُوا لَنَا يَسُوعَ مِنْ قُرْآَنِنَا كَمَا جَلَبْتُمْ اَحْمَدَ مِنْ قُرْآَنِنَا وَاحْتَجَجْتُمْ عَلَيْنَا مِنْ كُتُبِنَا حَتَّى نُؤْمِنَ بِهِ: نعم ايها الاخوة: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ فِيهَا تَشَابُهُ اَسْمَاءٍ بَيْنَ اَحْمَدَ وَمُحَمَّدٍ: وَهِيَ آَيَةٌ مُتَشَابِهَةٌ: وَاللهُ تَعَالَى اَمَرَنَا اَنْ نَرُدَّ الْقُرْآَنَ الْمُتَشَابِهَ اِلَى الْقُرْآَنِ الْمُحْكَمِ لِنُؤْمِنَ بِالِاثْنَيْنِ مَعاً وَلَانَعْمَلَ اِلَّا بِالْمُحْكَمِ: وَالْمُحْكَمُ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ هُوَ اسْمُ مُحَمَّدٍ الَّذِي ذَكَرَهُ اللهُ فِي الْقُرْآَنِ اَرْبَعَ مَرَّاتٍ اِنْ لَمْ نَكُنْ مُخْطِئِينَ: وَلِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى{هُوَ الَّذِي اَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آَيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ اُمُّ الْكِتَابِ وَاُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ( وَلِذَلِكَ فَاِنَّ اَحَقَّ هَذِهِ الْآَيَاتِ بِحُسْنِ تَعَهُّدِكُمْ مِنْ نَاحِيَةِ الْعَمَلِ اَيُّهَا الاِخْوَةُ هِيَ اُمُّ الْكِتَابِ الْمُحْكَمَاتُ فِي وُجُوبِ الْاِيمَانِ بِهَا مَعَ الْعَمَلِ بِهَا اَيْضاً: ثُمَّ الْمُتَشَابِهَاتُ فِي وُجُوبِ الْاِيمَانِ بِهَا وَتَرْكِ الْعَمَلِ بِهَا: وَقَدْ جَاءَ رَجُلٌ اِلَى رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: فَقَالَ يَارَسُولَ اللهِ: مَنْ اَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحابَتِي: فَقَالَ اُمُّكَ: قَالَ ثُمَّ مَنْ: قَالَ اُمُّكَ: قَالَ ثُمَّ مَنْ: قَالَ اُمُّكَ: قَالَ ثُمَّ مَنْ: قَالَ اَبُوكَ: فَكَذَلِكَ هُوَ حَالُ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَاتِ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ فِي وُجُوبِ التَّاْكِيدِ عَلَيْهَا اِيمَاناً وَعَمَلاً: وَفِي وُجُوبِ التَّاْكِيدِ عَلَى الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَاتِ اِيمَاناً فَقَطْ لَاعَمَلاً: نعم ايها الاخوة: وَكَذَلِكَ الْقُرْآَنُ الْمَنْسُوخُ حُكْماً لَا تِلَاوَةً هُوَ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ الَّتِي يَجِبُ الْاِيمَانُ بِهَا فَقَطْ وَلَيْسَ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَةِ: نعم ايها الاخوة: وَكَذَلِكَ الْقُرْآَنُ النَّاسِخُ هُوَ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي يَجِبُ الْاِيمَانُ وَالْعَمَلُ بِهَا مَعاً: نعم ايها الاخوة: وَ كَذَلِكَ الْقُرْآَنُ الْمَنْسُوخُ تِلَاوَةً لَاحُكْماً هُوَ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَةِ اَيْضاً وَالَّتِي يَجِبُ الْاِيمَانُ بِهَا مَعَ الْعَمَلِ لَكِنْ لَايَصِحُّ قِرَاءَتُهَا فِي الصَّلَاةِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلاً{اَلشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ اِذَا زَنَيَا فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيم( وقد بعث الينا احد الاخوة برسالة يقول فيها: مَاهِيَ فَائِدَةُ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ اِنْ لَمْ يَجِبِ الْعَمَلُ بِهَا: وَمَاالَّذِي يَجْعَلُنَا مُضْطَّرِّينَ اِلَى الْاِيمَانِ بِهَا دُونَ اَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْهَا وَدُونَ اَنْ يُكَلِّفَنَا اللهُ بِهَا: وَمَاهِيَ الْحِكْمَةُ مِنْ نُزُولِهَا: وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّ الَّذِي يَضْطَّرُّنَا اِلَى الْاِيمَانِ بِهَا هُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آَمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا(وَاَمَّا قَوْلُكَ مَاالْحِكْمَةُ مِنْهَا: فَنَحْنُ لَانَدْرِي: وَقَدِ ابْتَلَانَا اللهُ بِهَا لِيَخْتَبِرَنَا فِي اِيمَانِنَا بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنَ الْمُحْكَمِ: وَكُلُّ مَاسَنَقُولُهُ هُوَ رَجْمٌ بِالْغَيْبِ وَاللهُ وَرَسُولُهُ اَعْلَمُ: وَمَعَ ذَلِكَ نَقُول: اَلنُّجُومُ هِيَ آَيَةٌ مِنْ آَيَاتِ اللهِ: كَمَا اَنَّ الْمُتَشَابِهَ وَالْمُحْكَمَ آَيَةٌ مِنْ آَيَاتِ اللهِ: وَمَعَ ذَلِكَ فَهُنَاكَ مِنَ الْمَجَرَّاتِ الْهَائِلَةِ مِنَ النُّجُومِ مَا لَانَسْتَفِيدُ مِنْهَا شَيْئاً فِي هِدَايَتِنَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: وَمَعَ ذَلِكَ اَمَرَنَا اللهُ بِالْاِيمَانِ بِهَا دُونَ اَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْهَا كَمَا اَمَرَنَا اِيماناً بِالْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ دُونَ اَنْ نَسْتَفِيدَ مِنْهَا اَيْضاً وَاللهُ اَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْ خَلْقِهَا دُونَ فَائِدَةٍ لَنَا: نعم اخي: وَهُنَاكَ مِنَ النُّجُومِ مَاجَعَلَهُ اللهُ آَيَةً مِنْ آَيَاتِهِ لِنَسْتَفِيدَ مِنْهُ بِتَسْخِيرِ اللهِ اِيَّاهُ لَنَا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ النُّجُومَ لِتَهْتَدُوا بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ(وَهَذَا هُوَ حَالُ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَةِ اَيْضاً: نعم اخي: فَهَذِهِ الْمَجَرَّاتُ الْهَائِلَةُ الَّتِي لَانَسْتَفِيدُ مِنْهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ: وَرُبَّمَا نَرَى شَيْئاً مِنْهَا بِالْمَنَاظِيرِ: وَرُبَّمَا لَانَرَى اَعْدَاداً هَائِلَةً مِنْهَا مَهْمَا طَوَّرْنَا مِنَ الْمَنَاظِيرِ: وَمَعَ ذَلِكَ لَانَسْتَطِيعُ سَبِيلاً اِلَى عَدَمِ الْاِيمَانِ بِوُجُودِهَا مَهْمَا اَنْكَرْنَاهَا وَمَهْمَا تَشَابَهَ عَلَيْنَا فِي رُؤْيَتِنَا اَوْ خُيِّلَ اِلَيْنَا اَنَّنَا نَرَاهَا بِالْمَنَاظِيرِ اَوْ لَانَرَاهَا: فَهَذِهِ مِنَ الْآَيَاتِ الْكَوْنِيَّةِ الْمُتَشَابِهَةِ: وَاَمَّا الشَّمْسُ مَثَلاً: فَهِيَ مِنَ الْآَيَاتِ الْمُحْكَمَةِ الَّتِي سَخَّرَهَا اللهُ لَنَا وَاَمَرَنَا بِالْعَمَلِ بِمَا فِيهَا مِنْ طَاقَةٍ مِنْ اَجْلِ الِاسْتِفَادَةِ مِنْهَا: نعم اخي: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالَى{وَيَخْلُقُ مَالَاتَعْلَمُونَ(هُوَ مِن الْآَياتِ الْمُتَشَابِهَةِ الَّتِي تُحَيِّرُ الْعُقُولَ: وكذلك قوله عليه الصلاة والسلام[مَااَنْزَلَ اللهُ مِنْ دَاءٍ اِلَّا وَلَهُ دَوَاءٌ( سَوَاءً اكْتَشَفَهُ الْاَطِبَّاءُ اَوْ لَمْ يَكْتَشِفُوا هَذَا الدَّوَاءَ: فَهَذَا مِنَ الْاَحَادِيثِ الْمُتَشَابِهَةِ اَيْضاً:فَهُنَاكَ شُبْهَةُ مَاتَزَالُ قَائِمَةً فِي تَشْخِيصِ الْمَرَضِ: وَهُنَاكَ شُبْهَةٌ فِي الْعِلَاجِ بِسَبَبِ مَافِي الدَّوَاءِ مِنْ آَثَارٍ جَانِبِيَّةٍ: وَهُنَاكَ شُبْهَةٌ اَيْضاً فِي الْاَجْسَامِ الَّتِي تَتَجَاوَبُ وَالَّتِي لَاتَتَجَاوَبُ مَعَ الْعِلَاجِ: وَيُقَالُ اَيْضاً اَيُّهَا الْاِخْوَةُ فِي الْعِلْمِ الْجِنَائِيِّ: اِشْتِبَاهُ سَرِقَة: وَالْاَمْرَاضُ الْخَفِيَّةُ الْمُسْتَعْصِيَةُ كَذَلِكَ فِيهَا اشْتِبَاهٌ فِي تَشْخِيصِهَا وَاشْتِبَاهٌ فِي عِلَاجِهَا كَمَا ذَكَرْنَا: وَكَذَلِكَ قَضِيَّةُ الْمَسِيحِ فِي مِيلَادِهِ وَفِي حَيَاتِهِ وَفِي مَمَاتِهِ: فِيهَا اشْتِبَاهٌ اَيْضاً: لَكِنْ لَايَقْبَلُ اللهُ فِي هَذِهِ الْقَضِيَّةِ ذَرَّةً مِنَ الِاشْتِبَاهِ: وَلَايَقْبَلُ اِلَّا تَصْدِيقَ الْخَبَرِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْقُرْآَنِ فِي قَضِيَّةِ عِيسَى فِي مَوْلِدِهِ وَحَيَاتِهِ وَمَوْتِهِ مَهْمَا شَبَّهَ سُبْحَانَهُ لِلنَّاسِ وَمَهْمَا اخْتَلَطَ عَلَيْهِمْ وَشَكُّوا وَلَمْ يُوقِنُوا وَمَهْمَا خَلَطُوا مِنْ اَوْرَاقِهِمْ فِي كُتُبِهِمْ وَمُعْتَقَدَاتِهِمْ فَلَا يَنْفَعُهُمْ اِلَّا الْيَقِينُ بِكَلَامِ اللهِ فِي الْقُرْآَنِ وَلَايَنْفَعُهُمُ الشَّكُّ اَبَداً بِمَا قَالَهُ اللهُ فِي الْقُرْآَنِ: وَلَايَنْفَعُهُمْ اِلَّا نَوْعٌ وَاحِدٌ مِنَ الشَّكِّ وَهُوَ الشَّكُّ الَّذِي يُوصِلُهُمْ اِلَى الْيَقِينِ وَلِذَلِكَ حِينَمَا شَكَّ اِبْرَاهِيمُ فِي يَقِينِهِ بِقُدْرَةِ اللهِ عَلَى اِحْيَاءِ الْمَوْتَى اَرَادَ اَنْ يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِيَقِينٍ كَامِلٍ غَيْرِ نَاقِصٍ: وَنَحْنُ لَانَقُولُ اَنَّ اِبْرَاهِيمَ شَكَّ فِي قُدْرَةِ اللهِ عَلَى اِحْيَاءِ الْمَوْتَى: وَلَكِنَّهُ شَكَّ بِمَا فِي قَلْبِهِ مِنْ يَقِينٍ لَايَكْفِي لِتَاْهِيلِهِ اَنْ يَتَّخِذَهُ اللهُ خَلِيلاً وَلَايَكْفِي لِاسْتِحْقَاقِهِ هَذَا اللَّقَبَ {فَقَالَ رَبِّ اَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ اَوْلَمْ تُؤْمِنْ قَالَ بَلَى وَلَكِنْ لَيَطْمَئِنَّ قَلْبِي فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْاِيمَانَ مَوْجُودٌ عِنْدَ اِبْرَاهِيمَ وَلَكِنَّهُ اَرَادَ اَنْ يَدْعَمَ اِيمَانَهُ بِيَقِينٍ كَامِلٍ وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{ يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا آَمِنُوا(اَيْ اَيْقِنُوا{بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي نَزَّلَ عَلَى رَسُولِهِ وَالْكِتَابِ الَّذِي اَنْزَلَ مِنْ قَبْلُ(اَيْ آَمِنُوا اِيمَاناً يَقِينِيّاً كَامِلاً بِهَؤُلَاءِ جَمِيعاً: نعم اخي: وَمَهْمَا تَكَلَّمْنَا فَاللهُ اَعْلَمُ بِمُرَادِهِ مِنْ هَذِهِ الْآَيَاتِ الْمُتَشَابِهَةِ وَخَاصَّةً الْحُرُوفُ الْمُقَطَّعَةُ فِي اَوَائِلِ السُّوَرِ وَاِنْ كَانَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ يَرَى اَنَّهَا نَزَلَتْ مِنْ اَجْلِ الْاُلْفَةِ وَالِاسْتِئْنَاسِ اَوْ مِنْ اَجْلِ تَحَدِّي الْعَرَبِ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْعَجَمِ مِمَّنْ يُتْقِنُ اللُّغَةَ الْعَرَبِيَّةَ مِنْهُمْ اَنْ يَاْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآَنِ فَهَا هُوَ الْقُرْآَنُ مِنْ جِنْسِ هَذِهِ الْحُرُوفِ الَّتِي تَقْرَؤُونَهَا: وآخر دعوانا اَنِ الحمد لله رب العالمين