مشاهدة النسخة كاملة : أولئك أولئك ... فهل سنرجع إلى طريق أولئك ولا نسلك طريقا غيره ؟


مسلمه سلفيه
08-25-2014, 08:17 PM
أولئك أولئك ... فهل سنرجع إلى طريق أولئك ولا نسلك طريقا غيره ؟

أولئك أولئك ... فهل سنرجع إلى طريق أولئك ولا نسلك طريقا غيره

قال تعالى بعد ذكر بعض الأنبياء والرسل الذين أرسلهم إلى الناس ... (ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ فَإِن يَكْفُرْ بِهَا هَؤُلاء فَقَدْ وَكَّلْنَا بِهَا قَوْمًا لَّيْسُواْ بِهَا بِكَافِرِينَ . أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ هُوَ إِلاَّ ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ).

قال سيد قطب : وذكر هذا الرهط على هذا النحو , واستعراض هذا الموكب في هذه الصورة , كله تمهيد للتقريرات التي تليه:
(ذلك هدى الله يهدي به من يشاء من عباده , ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون). .
وهذا تقرير لينابيع الهدى في هذه الأرض . فهدى الله للبشر يتمثل فيما جاءت به الرسل . وينحصر المستيقن منه , والذي يجب اتباعه , في هذا المصدر الواحد , الذي يقرر الله - سبحانه - أنه هو هدى الله ; وأنه هو الذي يهدي إليه من يختار من عباده . . ولو أن هؤلاء العباد المهديين حادوا عن توحيد الله , وتوحيد المصدر الذي يستمدون منه هداه , وأشركوا بالله في الاعتقاد أو العبادة أو التلقي , فإن مصيرهم أن يحبط عنهم عملهم:أي ان يذهب ضياعا , ويهلك كما تهلك الدابة التي ترعى نبتا مسموما فتنتفخ ثم تموت . . وهذا هو الأصل اللغوي للحبوط !

(أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة . فإن يكفر بها هؤلاء فقد وكلنا بها قوما ليسوا بها بكافرين). .
وهذا هو التقرير الثاني . . فقرر في الأول مصدر الهدى , وقصره على هدى الله الذي جاءت به الرسل . وقرر في الثاني أن الرسل الذين ذكرهم والذين أشار إليهم , هم الذين آتاهم الله الكتاب والحكمة والسلطان والنبوة -(والحكم)يجيء بمعنى الحكمة كما يجيء بمعنى السلطان كذلك - وكلا المعنيين محتمل في الآية . فهؤلاء الرسل أنزل الله على بعضهم الكتاب كالتوراة مع موسى , والزبور مع داود , والإنجيل مع عيسى . وبعضهم آتاه الله الحكم كداود وسليمان - وكلهم أوتي السلطان على معنى أن ما معه من الدين هو حكم الله , وأن الدين الذي جاءوا به يحمل سلطان الله على النفوس وعلى الأمور . فما أرسل الله الرسل إلا ليطاعوا , وما أنزل الكتاب إلا ليحكم بين الناس بالقسط , كما جاء في الآيات الأخرى . وكلهم أوتي الحكمة وأوتي النبوة . . وأولئك هم الذين وكلهم الله بدينه , يحملونه إلى الناس , ويقومون عليه , ويؤمنون به ويحفظونه . . فإذا كفر بالكتاب والحكم والنبوة مشركو العرب:(هؤلاء)فإن دين الله غني عنهم ; وهؤلاء الرهط الكرام والمؤمنون بهم هم حسب هذا الدين ! . . إنها حقيقة قديمة امتدت شجرتها , وموكب موصول تماسكت حلقاته ; ودعوة واحدة حملها رسول بعد رسول ; وآمن بها ويؤمن من يقسم الله له الهداية ; بما يعلمه من استحقاقه للهداية ! . . وهو تقرير يسكب الطمأنينة في قلب المؤمن , وفي قلوب العصبة المسلمة - أيا كان عددها - إن هذه العصبة ليست وحدها . ليست مقطوعة من شجرة ! إنها فرع منبثق من شجرة أصلها ثابت وفرعها في السماء , وحلقة في موكب جليل موصول , موصولة أسبابه بالله وهداه . . إن المؤمن الفرد , في أي أرض وفي أي جيل , قوي قوي , وكبير كبير , إنه من تلك الشجرة المتينة السامقة الضاربة الجذور في أعماق الفطرة البشرية وفي أعماق التاريخ الأنساني , وعضو من ذلك الموكب الكريم الموصول بالله وهداه منذ أقدم العصور .


(أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده . قل:لا أسألكم عليه أجرا . إن هو إلا ذكرى للعالمين). .
وهو التقرير الثالث . . فهؤلاء الرهط الكرام الذين يقودون موكب الإيمان , هم الذين هداهم الله . وهداهم الذي جاءهم من الله فيه القدوة لرسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] ومن آمن به . فهذا الهدى وحده هو الذي
يسير عليه . وهذا الهدى وحده هو الذي يحتكم إليه , وهذا الهدى وحده هو الذي يدعو إليه ويبشر به . . قائلا لمن يدعوهم:
(لا أسألكم عليه أجرًا). . (إن هو إلا ذكرى للعالمين). . للعالمين . . لا يختص به قوم ولا جنس ولا قريب ولا بعيد . . إنه هدى الله لتذكير البشر كافة . ومن ثم فلا أجر عليه يتقاضاه . وإنما أجره على الله !


توقيع مسلمه سلفيه

عابرة سبيل
12-20-2021, 02:07 PM
[سجل معنا ليظهر الرابط]