قال الله تعالى : ﴿ذَٰلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ﴾ الحج : ٦٢.
وقال تعالى : ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ المتكبر...﴾ الحشر : ٢٣.
- المعنى :
المتكبّر ذو الكبرياء، أي: المتعالي عن صفات الخلق، فهو الكبير الذي يصغر دونه كل شيء
والذي كَبُر عن مشابهة ما سواه واسم المتكبّر قريب من اسم الله الكبير.
قال ابن جرير : " الكبير يعني العظيم الذي كل شيء دونه ولا شيء أعظم منه ". ( تفسير ابن جرير )
والكبرياء في حق الله تعالى صفة محمودة، لأنه وحده المستحق لهذه الصفة، فهو الكبير المتعالي جلَّ جلاله
بينما هي في حق المخلوق صفة مذمومة لأنه لا يستحق صفة الكبرياء لضعفه ونقصه وقصوره.
لذلك يقول الله تعالى في الحديث القدسي : ( الكبرياءُ ردائي، والعظمةُ إزاري، فمَن نازعَني واحدًا منهُما، قذفتُهُ في النَّارِ)
رواه أبو داود وصححه الألباني.
فالعباد ينبغي أن يتصفوا بالتواضع وخفض الجَناح، ويبتعدوا عن التكبر والتعالي، لأن ذلك من صفات المولى سبحانه وتعالى
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرةٍ من كبر) رواه مسلم.
- مقتضى اسمي الله الكبير المتكبّر وأثرهما :
مقتضى اسمي الله الكبير والمتكبّر تعظيم الله تعالى في القلوب وتمجيده وإجلاله، فالله أكبر من كل شيء، فلا شيء يستحق إشغال القلب
بالتعظيم إلا هو سبحانه لذلك يُشرع في الصلاة أن يكبِّر المسلم مرات ومرات، لكي يرسخ في قلبه تعظيم الله تعالى وإجلاله
وأنه سبحانه أكبر من كل شيء.
كما أن هذين الاسمين يربيان المسلم على التواضع وخفض الجَناح، فالكِبْر والتكبّر والتعالي ليس من صفات المسلم
لأن تلك الصفات مختصة بالخالق جلّ وعلا، أما الإنسان فيناسبه التواضع
وقد قال نبينا صلى الله عليه وسلم : ( وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ للَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ ) رواه مسلم.
يقول الله عز وجل : ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ المؤمن...﴾ الحشر: ٢٣.
- المعنى :
ومعنى المؤمن في اللغة يرجع إلى معنيين :
الأول : من الأمن والأمان : وهو ضد الخوف.
الثاني: من الإيمان : وهو التصديق.
فعلى المعنى الأول، وهو الأمن والأمان : فإن الله تعالى هو الذي يمنح عباده الأمن والأمان في الدنيا
كما قال تعالى : ﴿ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ* الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ ﴾ قريش : ٣، ٤
لأن الإنسان ضعيف يحتاج إلى من يحقق له الأمان.
وعلى المعنى الأول أيضاً : المؤمن هو الذي يؤمن عباده يوم الفزع الأكبر من مخاوف يوم القيامة
ويؤمنهم من عذاب النار، فالله المؤمن، أي : واهب الأمن في الدنيا والآخرة
وعلى المعنى الثاني وهو التصديق : فيدل على صفة الصدق كوصف من صفات الله تعالى، فالمؤمن
أي : المصدِّق، المصدِّق لرسله وأنبيائه بإظهار المعجزات والآيات التي دلت على صدقهم
ومصدِّق المؤمنين ما وعدهم به من الثواب، ومصدق الكافرين ما أوعدهم من العقاب.
- مقتضى اسم الله المؤمن وأثره :
اسم الله المؤمن يفيض على المسلم راحة وثقة وطمأنينة وأماناً، حيث إن الله المؤمن هو مصدر الأمن والأمان
وهو الذي يمنح الأمان في الدنيا لمن يشاء، وهو الذي يؤمن خوف العباد يوم الفزع الأكبر.
كما أن اسم المؤمن بمعنى المصدِّق يغرس في العبد ثقة مطلقة بربه، فصفة الصدق والتصديق تجعل المسلم على يقين
بأن ما أخبر الله به حق بلا ريب، وأن وعده ووعيده وثوابه وعقابه صِدْق وحق، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ ﴾ فاطر: ٥
وقال عزّ وجل : ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا ﴾ النساء : ١٢٢، وقال تعالى : ﴿ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ﴾ النساء : ٨٧.
والمؤمن كذلك يتعلم من هذا الاسم أهمية منح الأمان للعباد بكل وسيلة مستطاعة، وأهمية الاتصاف بخلق الصدق مع العباد
فالأمان والصدق درسان عظيمان مستفادان من اسم الله المومن.