يرسم لنا طه حسين لحظات الإفطار فيقول : فإذا دنا الغروب وخفقت القلوب وأصـــــغت الأذان لاستماع الآذان .. وطاشت نكهـــــة الطعـــــام بالعقـــول والأحــــلام .. فترى أشداقا تنقلب وأحداقا تتقلب بين أطباق مصفوفة وأكواب مرصـوفة.. تملك على الرجل قلبه وتسحر لبه بما ملئت من فاكهة وأترعت من شراب .. الآن يشـــق السمع دوي المدفـع ، فتنظر إلى الظماء وقد وردوا الماء .. وإلى الجياع طافوا بالقصاع .. تجد أفواهاً تلتقم وحلوقا تلتهم.. وألوانا تبيد وبطونا تستزيد.. ولا تزال الصحـــائف ترفع وتوضــع والأيــدي تذهب وتعود .. وتدعــــو الأجواف قدني .. قدني .. وتصيح البطون قطني .. قطني .. ومع تعــدد أصناف الطعـــام على مائدة الفطـــور في رمضان .. فإن الفــول المدمــس هو الصنف الأهم والأكثــر ابتعــاثا للشهية.
* الدعوة إلى الاعتدال في الطعام*
وفي رمضان نرى كثيرا من الصائمين يقضون فترة المساء في تناول مختلف الأطعمة، ويحشون معدتهم بألوان عدة من الطعام ، وقد يأكلون في شهر الصيام أضعاف ما يأكلون في غيره ، وأمثال هؤلاء لا يستفيدون من الصوم الفائدة المرجوة . وفي ذلك يقول الشاعر معروف الرصافي وهو يصف بعض الصائمين الذين يتهافتون على الطعام غير مبالين بالعواقب :
وأغبى العالمين فتى أكــول لفطنته ببطنته انــــهزام ولو أني استطعت صيام دهري لصمت فكان ديـدني الصيام ولكن لا أصوم صيام قــوم تكاثر في فطورهم الطعــام فإن وضح النهار طووا جياعا وقد هموا إذا اختلط الظـلام وقالوا يا نهار لئن تــجعنا فإن الليل منك لنا انتـقـام وناموا متخمين على امتـلاء وقد يتجشئون وهم نــيام فقل للصائمين أداء فــرض ألا ما هكذا فرض الصـيام