أنت غير مسجل في مسلم أون لاين . للتسجيل الرجاء أضغط هنـا
 

الإعلانات النصية


الإهداءات

العودة   منتديات مسلم أون لاين العودة مسلم أون لاين العـــام العودة قسم الحوار والنقاش العــام

إضافة رد
   
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  مشاركة رقم : 1  
قديم 01-08-2016
رحيق مختوم


رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Oct 2015
الدولة : سوريا طرطوس
المشاركات : 119
بمعدل : 0.03 يوميا
معدل تقييم المستوى : 10
المستوى : رحيق مختوم نشيط

رحيق مختوم غير متواجد حالياً عرض البوم صور رحيق مختوم



كاتب الموضوع : رحيق مختوم المنتدى : قسم الحوار والنقاش العــام
افتراضي رد: ياايها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك

نَعَمْ اَخِي: وَمَا زَالَ اَهْلُ طَرْطُوسَ وَلُبْنَانَ اِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا يَتَدَاوَلُونَ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْجَاهِلِيَّةَ الْبَغِيضَةَ الْمَقِيتَةَ فِيمَا بَيْنَهُمْ! فَحِينَمَا تَنْزِلُ بِهِمْ مُصِيبَةٌ فَاِنَّهُمْ يَقُولُونَ: يَاشِحَّارِي! يَاتِعْتِيرِي! نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ يَاشِحَّارِي: اَخَذُوهَا مِنَ الْجَاهِلِيَّةِ الْاُولَى الَّتِي كَانَتْ تَدْهَنُ بُيُوتَهَا بِالشِّحْوَارِ، وَكَاَنَّهُمْ يُرِيدُونَ مِمَّنْ يَسْمَعُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ الْخَبِيثَةَ مِنْهُمْ اَنْ يَجْلِبَ لَهُمْ شِحْوَاراً لِيَدْهَنُوا بِهِ بُيُوتَهُمْ ، نَعَمْ اَخِي: فَكُلُّ شَيْءٍ مِنْ هَذِهِ الْعَادَاتِ الْجَاهِلِيَّةِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْحَقِيرَةِ لَهُ اَصْلٌ جَاهِلِيٌّ خَبِيثٌ حَقِير، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَخَذَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَيْهِنَّ الْعَهْدَ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ اَلَّا يَفْعَلْنَ ذَلِكَ، فَقَالَتِ امْرَاَةٌ: يَارَسُولَ اللهِ، اِنِّي وَعَدْتُّ اَنْ اُسْعِدَ بَيْتَ فُلَانٍ! فَنَهَاهَا رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ اُسْعِدَ بَيْتَ فُلَان: مَاْخُوذَةٌ مِنَ الْاِسْعَادِ، نَعَمْ اَخِي: وَالْاِسْعَادُ هُوَ جَبْرُ الْخَوَاطِرِ بِالنُّوَاحِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانُوا يُحِبُّونَ اَنْ يَتَفَاءَلُوا وَيُسْعَدُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى فِي الْحُزْنِ وَالنُّوَاح، نَعَمْ اَخِي: وَاِلَى الْآَنَ فِي اَيَّامِنَا، فَاِنَّكَ اِذَا ذَهَبْتَ لِتَسْاَلَ اِخْوَانَنَا الْمَصْرِيِّينَ عَنْ صِحَّةِ مِصْرِيٍّ مِنَ الْمِصْرِيِّينَ رُبَّمَا هُوَ صَدِيقٌ لَكَ، فَاِنَّ هَذَا الصَّدِيقَ وَلَوْ كَانَ مَرِيضاً، فَاِنَّ اَهْلَهُ الْمَصْرِيِّينَ لَايَقُولُونَ لَكَ هُوَ مَرِيض، وَاِنَّمَا يَقُولُونَ لَكَ: هُوّ بْعَافْيَة شْوَيَّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُمْ يُحِبُّونَ اَنْ يَبْقَوْا مُتَفَائِلِينَ بِشِفَائِهِ وَلَوْ كَانَتْ حَالَتُهُ خَطِيرَة، نَعَمْ اَخِي: فَكَانُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَاْتُونَ بِالنَّوَّاحَاتِ لِتُنَوِّحَ عَلَى اَمْوَاتِهِمْ! وَبَعْدَ اَنْ تَنْتَهِيَ النَّائِحَةُ مِنْ نُوَاحِهَا، يَبْقَى دَيْنٌ عَلَى اَهْلِ الْمَيِّتِ اِذَا مَاتَ النَّائِحَةَ عِنْدَهَا اَحَدٌ مِنْ اَمْوَاتِهَا اَنْ يَنُوحُوا عَلَيْهِ كَمَا نَوَّحَتْ هِيَ مِنْ قَبْلُ عَلَى مَوْتَاهُمْ! نَعَمْ اَخِي: فَلَمْ يَاْذَنْ لَهَا رَسُولُ اللهِ بِذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ تَقُولُ الْعَرَبُ: لَيْسَتِ النَّائِحَةُ كَالثَّكْلَى، نَعَمْ اَخِي: فَكَانُوا يَسْتَاْجِرُونَ هَؤُلَاءِ النَّوَّاحَاتِ بِالْمَالِ مِنْ اَجْلِ النِّيَاحَةِ عَلَى مَوْتَاهُمْ، نَعَمْ اَخِي: وَالثَّكْلَى هِيَ الْاُمُّ، وَالْمَعْنَى: اَنَّ الْاُمَّ حِينَمَا تَبْكِي عَلَى وَلَدِهَا الْمَيِّتِ، هَلْ حُزْنُهَا عَلَى وَلَدِهَا كُحُزْنِ النَّائِحَةِ حِينَمَا تَنُوحُ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلنَّائِحَةُ حِينَمَا تَنُوحُ: فَاِنَّهَا رُبَّمَا تَتَصَنَّعُ الْحُزْنَ وَالْبُكَاءَ، وَاَمَّا الْاُمُّ: فَاِنَّهَا تَبْكِي مِنْ اَعْمَاقِ قَلْبِهَا عَلَى وَلَدِهَا فَلْذَةِ كَبِدِهَا وَضَنَاهَا بُكَاءً حَقِيقِيّاً غَيْرَ مُتَصَنَّع، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا كُنْتُ فِي رِحْلَةٍ سِيَاحِيَّةٍ اِلَى مِصْرَ الشَّقِيقَةِ: رَاَيْتُ جَنَازَةً طَالِعَةً وَرَاءَهَا الرِّجَالُ، وَوَرَاءَ الرِّجَالِ النِّسَاءُ النَّوَّاحَاتُ! فَاِذَا بِهَؤُلَاءِ النِّسَاءِ يَشْقُقْنَ ثِيَابَهُنَّ! وَيَنْتُفْنَ شُعُورَهُنَّ! وَيَخْمُشْنَ وُجُوهَهُنَّ! وَيَدْعُونَ بِدَعْوَى الْجَاهِلِيَّةِ كَمَا وَرَدَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ، فَقُلْتُ لِاِحْدَاهُنَّ: اَلَيْسَ مِنَ الْحَرَامِ وَالْمُعِيبِ عَلَيْكِ اَنْ تَفْعَلِي ذَلِكَ! نَعَمْ اَخِي: فَنَظَرَ اِلَيَّ وَاِلَيْهَا رَجُلٌ لَمْ تُعْجِبْهَا نَظَرَاتُهُ، فَالْتَفَتَتْ اِلَى الرَّجُلِ وَهِيَ تَضْحَكُ وَقَالَتْ لَهُ: اِحْنَا مْنَاخُدْ فِلُوسْ يَابِيهْ! نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ النَّائِحَةُ لَوْ كَانَ عِنْدَهَا احْتِرَامٌ لِلْجَنَائِزِ وَمَافِيهَا مِنَ الْاَمْوَاتِ، مَاقَالَتْ هَذَا الْكَلَام، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّ عَتَبِيَ الشَّدِيدَ الْغَلِيظَ عَلَى اَهْلِ الْمَيِّتِ الْمُسْتَهْتِرِينَ بِحُرْمَةِ اَمْوَاتِهِمْ! حِينَمَا يَسْمَحُونَ لِهَذِهِ الْكَاذِبَةِ الْمُنَافِقَةِ النَّائِحَةِ الْحَقِيرَةِ بِمُرَافَقَةِ الْجَنَازَةِ وَهِيَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ اَنْ تَبِيعَ الْاَمْوَاتَ وَالْاَحْيَاءَ مِنْ اَجْلِ الْمَالِ! نَعَمْ اَخِي: فَهَؤُلَاءِ النَّائِحَاتُ الْكَاذِبَاتُ الْمُنَافِقَاتُ وَحَتَّى وَلَوْ كُنَّ صَادِقَاتٍ فِي نِيَاحَتِهِنَّ، فَاِنَّ ذُنُوبَهُنَّ وَآَثَامَهُنَّ عَظِيمَةٌ جِدّاً عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَنَعُودُ الْآَنَ بِاَذْهَانِنَا اِلَى هَذِهِ الْمُعَاهَدَةِ الَّتِي عَاهَدَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهَا النِّسَاءَ، هَلْ فِيهَا اَوَامِرُ؟ اَمْ فِيهَا نَوَاهِي؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ كُلُّهَا نَوَاهِي، اَللَّهُمَّ اِلَّا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف(أَيْ وَلَايَعْصِينَكَ فِي اَمْرِكَ لَهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهْيِكَ لَهُنَّ عَنِ الْمُنْكَرِ وَهُوَ هَذِهِ النَّوَاهِي وَهِيَ التَّالِيَة{اَلَّا يُشْرِكْنَ بِاللهِ شَيْئاً، وَلَا يَسْرِقْنَ، وَلَا يَزْنِينَ، وَلَا يَقْتُلْنَ اَوْلَادَهُنَّ، وَلَايَاْتِينَ بِبُهْتَانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ اَيْدِيهِنَّ وَاَرْجُلِهِنَّ، وَلَايَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوف(وَهَذِهِ اَيْضاً فِيهَا نَهْيٌ لِهَؤُلَاءِ النِّسَاءِ وَلِلرِّجَالِ اَيْضاً عَنْ عِصْيَانِ رَسُولِ اللهِ فِي مَعْرُوف، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ تَعَوَّدْنَا فِي اَحْكَامِ اللهِ تَعَالَى اَنْ تَكُونَ اَوَامِرَ، وَاَنْ تَكُونَ نَوَاهِيَ اَيْضاً، وَكُلُّ هَذِهِ الْاَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي مُلَخَّصَةٌ تَحْتَ قَاعِدَةِ اِفْعَلْ، وَتَحْتَ قَاعِدَةِ لَا تَفْعَلْ، بِمَعْنَى اَنَّ كُلَّ شَيْءٍ اَمَرَكَ اللهُ بِهِ وَرَسُولُهُ اَخِي: تَسْتَطِيعُ اَنْ تَضَعَهُ تَحْتَ كَلِمَتَيْنِ وَهُمَا: اِفْعَلْ، وَلَاتَفْعَلْ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ لِمَاذَا جَاءَتْ كُلُّ هَذِهِ الْمُبَايَعَةِ فِي الْآَيَةِ بِنَوَاهِي وَلَمْ تَاْتِ بِاَمْرٍ وَاحِدٍ اِلَّا فِي الْاَمْرِ النَّبَوِيِّ بِمَعْرُوفٍ ذَكَرَهُ اللهُ فِي الْآَيَةِ وَفِيهِ مَافِيهِ اَيْضاً مِنَ النَّهْيِ عَنْ عِصْيَانِ النَّبِيِّ اِذَا اَمَرَ هَذَا النَّبِيُّ بِمَعْرُوف! نَعَمْ اَخِي: فَحَتَّى الْاَمْرُ بِمَعْرُوفٍ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ لَايَخْلُو مِنْ نَهْيٍ اَبَداً! وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: كَانَ اَكْثَرُ اَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ مِنَ النِّسَاءِ يَفْعَلْنَ هَذِهِ النَّوَاهِيَ! فَجَمَعَهُنَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَاصَّةً، وَنَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِك، نَعَمْ اَخِي: وَمَعَ ذَلِكَ فَقَدْ وَرَدَتْ اَوَامِرُ لَهُنَّ فِي رِوَايَةٍ اُخْرَى: اَنَّ النَّبِيَّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: اَمَرَهُنَّ بِالشَّهَادَتَيْنِ، وَبِالصَّلَاةِ، وَالصَّوْمِ، وَالزَّكَاةِ، وَالْحَجِّ، وَاَمَرَهُنَّ كَذَلِكَ بِطَاعَةِ اللهِ وَرَسُولِهِ مُطْلَقاً، نَعَمْ اُخْتِي: فَنَحْنُ مَعَاشِرَ النِّسَاءِ نَشْتَرِكُ مَعَ الرِّجَالِ بِتَكْلِيفِ اللهِ وَرَسُولِهِ لَنَا مَعَهُمْ فِي جَمِيعِ الْاَوَامِرِ وَالنَّوَاهِي الَّتِي ذَكَرَهَا اللهُ فِي دِينِهِ الْاِسْلَامِيِّ الْحَنِيفِ، اَللَّهُمَّ اِلَّا فِي اُمُورٍ لَاتَتَّسِعُ لَهَا الْمُشَارَكَةُ الْآَن، نَعَمْ اَخِي وَاُخْتِي: وَلَكِنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ مَعَ ذَلِكَ خَصَّصَ النِّسَاءَ بِهَذِهِ الْاُمُورِ النَّوَاهِي فِي الْآَيَةِ؟ لِاَنَّهَا كَانَتْ شَائِعَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ عِنْدَ النِّسَاءِ، فَنَهَاهُنَّ عَنْ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَالشِّيعَةُ فِي اَيَّامِنَا دَاخِلُونَ فِي هَذَا النَّهْيِ اَيْضاً بِرِجَالِهِمْ وَنِسَائِهِمْ وَمَسْؤُولُونَ عَنْ كُلِّ مُخَالَفَةٍ غَيْرِ شَرْعِيَّةٍ يَرْتَكِبُونَهَا اَمَامَ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ هَذِهِ النَّوَاهِي، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يُكَرِّرُ هَذِهِ النَّصَائِحَ وَالنَّوَاهِيَ وَالْاَوَامِرَ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا نَقْلاً عَنِ الْقُرْآَنِ وَالسُّنَّةِ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَة: فَعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَمَعَ اَبِي بَكْرٍ، وَمَعَ عُمَرَ، وَمَعَ عُثْمَانَ صَلَاةَ الْعِيدِ! فَكَانُوا يُصَلُّونَهَا قَبْلَ الْخُطْبَتَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: بِمَعْنَى اَنَّ ابْنَ عَبَّاسَ يُشِيرُ اِلَى اَنَّهُ فِي عَهْدِ بَنِي اُمَيَّةَ، كَانَ بَعْضُ الْخُلَفَاءِ اَوِ الْاُمَرَاءِ يَخْطُبُ الْعِيدَيْنِ ثُمَّ يُصَلِّي كَصَلَاةِ الْجُمُعَةِ تَمَاماً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ النَّاسَ صَارَتْ تَنْفُرُ مِنْهُمْ! فَكَانَ النَّاسُ يُصَلُّونَ الْعِيدَيْنِ ثُمَّ يَخْرُجُونَ مِنَ الْمَسْجِدِ رَاغِبِينَ عَنْ سَمَاعِ شَتَائِمِهِمْ، فَكَانُوا يَخْرُجُونَ وَلَايَسْتَمِعُونَ اِلَى خُطْبَتَيِ الْعِيدِ مِنْ لِسَانِ خُطَبَاءِ بَنِي اُمَّيَّةَ، فَمَاذَا فَعَلَ بَنُو اُمَيَّةَ؟ قَالُوا: نَخْطُبُ قَبْلَ الصَّلَاةِ، فَمَاذَا فَعَلَ النَّاسُ؟ كَانُوا يَنْتَظِرُونَ خَارِجَ الْمُصَلَّى، فَاِذَا انْتَهَى بَنُو اُمَيَّةَ مِنَ الْخُطْبَتَيْنِ، دَخَلَ النَّاسُ اِلَى الصَّلَاةِ دُونَ اَنْ يَسْتَمِعُوا اِلَى مَايَقُولُونَهُ مِنْ شَتَائِمَ ظَالِمَةٍ بِحَقِّ آَلِ الْبَيْتِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ لِمَاذَا ابْنُ عَبَّاسَ لَمْ يَقُلْ اَنَّهُ صَلَّى مَعَ عَلِيٍّ كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ مَعَ الْعِلْمِ اَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ تُوُفِّيَ بَعْدَ الْاِمَامِ عَلِيٍّ بِزَمَان؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لِاَنَّ الْاِمَامَ عَلِيّاً كَرَّمَ اللهُ وَجْهَهُ: نَقَلَ عَاصِمَةَ الْخِلَافَةِ الْاِسْلَامِيَّةِ مِنَ الْمَدِينَةِ اِلَى الْكُوفَةِ، وَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ مَوْجُوداً فِي الْمَدِينَةِ وَلَمْ يَذْهَبْ اِلَى الْكُوفَة، نَعَمْ اَخِي: يَقُولُ ابْنُ عَبَّاس: صَلَّيْتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ الْعِيدَ، وَقَبْلَ اَنْ يَصْعَدَ اِلَى الْمِنْبَرِ لِيَخْطُبَ خُطْبَتَيِ الْعِيدِ، قَامَ رَسُولُ اللهِ يُرِيدُ اَنْ يَخْرُجَ مِنَ الْمَسْجِدِ، فَقَامَ مَعَهُ الرِّجَالُ، فَقَالَ: اِجْلِسُوا! اِجْلِسُوا! نَعَمْ اَخِي: فَجَلَسُوا، فَذَهَبَ مَعَ بِلَالٍ اِلَى الْمَكَانِ الْمَوْجُودِ فِيهِ النِّسَاءَ، وَاَخَذَ بِلَالٌ مِنْدِيلاً(مَحَارِمَ قُمَاشِيَّةً لَا وَرَقِيَّةً(وَاَخَذَ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ يَتْلُو عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ الَّتِي ذَكَرْنَا، وَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ فِي مَوَاضِعَ كَثِيرَةٍ وَهِيَ قَوْلُهُ تَعَالَى مَوْضُوعُ الْمُشَارَكَة، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَالَ لَهُنَّ: تَصَدَّقْنَ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَتْ اِحْدَاهُنَّ تَاْخُذُ بِقُرْطَيْهَا، وَتَاْخُذُ بِخَوَاتِيمِهَا، وَتَضَعُهَا فِي ثَوْبِ بِلَالٍ، حَتَّى جَمَعَ بِلَالٌ كَوْمَةً لَابَاْسَ بِهَا مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَ رَسُولُ اللهِ يُكَرِّرُ عَلَيْهِنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ؟ حَتَّى يَتَذَكَّرْنَ هَذِهِ النَّوَاهِيَ؟ فَلَايُقْدِمْنَ عَلَيْهَا، ثُمَّ اَمَرَهُنَّ بِالصَّدَقَة، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ عَادَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصَعِدَ الْمَكَانَ الَّذِي هُيِّءَ لَهُ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَخْطُبَ يَوْمَ الْعِيدِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَ الرَّسُولُ الْكَرِيمُ يَخْرُجُ اِلَى الْمُصَلَّى أَيْ اِلَى خَارِجِ الْمَدِينَةِ، فَيُصَلِّي بِالنَّاسِ صَلَاةَ الْعِيدَيْنِ، وَكَانَ يُوضَعُ لَهُ مِنْبَرٌ، وَكَانَ يَحْضُرُ الصَّلَاةَ الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ، فَكَانَ النِّسَاءُ يَجْلِسْنَ وَرَاءَهُ، وَلَمْ يَكُنْ هُنَاكَ أَيُّ حِجَابٍ بَيْنَهُنَّ وَبَيْنَ الرِّجَالِ كَمَا فِي اَيَّامِنَا، وَاِنَّمَا يَتَاَخَّرْنَ عَنِ الرِّجَالِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَانَتْ تَحْضُرُ الْحُيَّضُ كَذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: حَتَّى الْحَائِضُ كَانَتْ تَحْضُرُ دُرُوسَ الْعِلْمِ وَمِنْهَا خُطْبَةُ الْعِيدَيْنِ وَخُطْبَةُ الْجُمُعَةِ، وَلَكِنْ لَمْ تَكُنْ تَدْخُلُ اِلَى الْمُصَلَّى، وَاِنَّمَا تَقِفُ خَارِجَ الْمُصَلَّى تَسْتَمِعُ اِلَى رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَهُوَ يَخْطُبُ، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهَا فَتْرَةٌ وَضِيئَةٌ مِنْ حَيَاةِ النَّبِيِّ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ مَعَ هَؤُلَاءِ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ الَّذِينَ تَرَبَّوْا عَلَى مَوَائِدِهِ، وَنَكْتَفِي بِهَذَا الْقَدْرِ، وَنُتَابِعُ حَدِيثَنَا فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِلُمْعَةِ الِاعْتِقَادِ لِلْعَلَّامَةِ مُوَفَّقِ الدِّينِ ابْنِ قُدَامَةَ الْمَقْدِسِيِّ صَاحِبُ هَذَا الْكِتَابِ مِنَ اللُّمْعَةِ فِي الِاعْتِقَادِ حَيْثُ يَقُول: قَالَ مُحَمَّدٌ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْآذْرَمِيُّ لِرَجُلٍ تَكَلَّمَ بِبِدْعَةِ الْمُعْتَزِلَةِ(وَهِيَ الْقَوْلُ بِخَلْقِ الْقُرْآَن( وَدَعَا النَّاسَ اِلَيْهَا فِي مَجْلِسِ الْخَلِيفَةِ الْعَبَّاسِيِّ الْوَاثِقِ بِاللهِ: فَقَالَ الْآَذْرَمِيُّ رَدّاً عَلَيْهِ: مَنْ تَكَلَّمَ بِبِدْعَةٍ وَدَعَا النَّاسَ اِلَيْهَا، هَلْ عَلِمَهَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ اَوْ لَمْ يَعْلَمُوهَا! فقَالَ الْمُعْتَزِلِيُّ الْمُبْتَدِعُ: لَمْ يَعْلَمُوهَا، قَالَ: لَمْ يَعْلَمْهَا هَؤُلَاءِ وَعَلِمْتَهَا اَنْتَ، قَالَ الرَّجُلُ: فَاِنِّي اَقُولُ قَدْ عَلِمُوهَا، قَالَ: اَفَوَسِعَهُمْ اَلَّا يَتَكَلَّمُوا بِهَا وَلَايَدْعُوا النَّاسَ اِلَيْهَا! اَمْ لَمْ يَسَعْهُمْ! قَالَ: بَلْ وَسِعَهُمْ! قَالَ: هَلْ شَيْءٌ وَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخُلَفَاءَهُ لَايَسَعُكَ اَنْتَ! فَانْقَطَعَ الرَّجُلُ عَنِ الْكَلَامِ! فَقَالَ الْخَلِيفَةُ وَكَانَ حَاضِراً: لَا وَسَّعَ اللهُ عَلَى مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَاوَسِعَهُمْ، وَهَكَذَا مَنْ لَمْ يَسَعْهُ مَاوَسِعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاَصْحَابَهُ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِاِحْسَانٍ وَالْاَئِمَّةُ مِنْ بَعْدِهِمْ وَالرَّاسِخِينَ فِي الْعِلْمِ مِنْ تِلَاوَةِ آَيَاتِ الصِّفَاتِ وَقِرَاءَةِ اَخْبَارِهَا وَاِمْرَارِهَا كَمَا جَاءَتْ، فَلَا وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ، نَعَمْ اَخِي: وَمِمَّا جَاءَ فِي آَيَاتِ الصِّفَاتِ قَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{ بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى اِخْبَاراً عَنْ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ اَنَّهُ قَالَ:{تَعْلَمُ مَانَفْسِي وَلَا اَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ(وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَجَاءَ رَبُّكَ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى {هَلْ يَنْظُرُونَ اِلَّا اَنْ يَاْتِيَهُمُ اللهُ( وَقَوْلُهُ تَعَالَى{ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى تَفْسِيرِ هَذَا الْكَلَامِ الَّذِي قُلْنَاهُ وَنَقُولُ: يَقُولُ الْآَذْرَمِيُّ لِصَاحِبِ الْبِدْعَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ بِخَلْقِ الْقُرْآَن: هَذِهِ الْبِدْعَةُ ، أوْ هذهِ المَقَالَةُ الَّتي تَقُولُ بِهَا أَنْتَ ، هَلْ عَلِمَهَا رسولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وأبو بَكْرٍ ، وَعُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَعَلِيٌّ - خلفاءُ الأمَّةِ الرَّاشِدُونَ ، وَخُلَفَاءُ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذينَ زَكَّاهُم وَشَهِدَ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هلْ عَلِمُوهَا أوْ لمْ يَعْلَمُوهَا ؟ فقالَ أَوَّلاً: ما عَلِمُوهَا . فَتَعَجَّبَ وقالَ : كَيْفَ تَعْلَمُهَا أَنْتَ ! وَلَمْ يَعْلَمْهَا الصَّحَابَةُ وَلَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ ! وَلَمْ يَعْلَمْهَا الرَّسولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! فَكَيْفَ عَلِمْتَهَا أَنْتَ ! هلْ نَزَلَ عليكَ وَحْيٌ ! هلْ أنتَ رَسُولٌ من اللهِ تَعَالَى ! مَا الدَّليلُ عَلَى رِسَالَتِكَ ؟ مَا هُوَ الْوَحْيُ الَّذي نَزَلَ عليكَ حتَّى تَكُونَ أنتَ أَعْلَمَ من الرَّسولِ! وَأَعْلَمَ مِنَ الْخُلَفَاءِ ! فَتَحَيَّرَ ابْنُ أَبِي دُؤَادٍ وَهُوَ صَاحِبُ هَذِهِ الْبِدْعَةِ ، وَلَمْ يَجِدْ بُدًّاً منْ أنْ يَقُولَ : بَلْ عَلِمُوهَا. فانْتَقَلَ محمَّدُ بنُ عبدِ الرَّحمنِ الْآَذْرَمِيُّ رَحِمَهُ اللهُ إلى أنْ يَقُولَ لهُ : مَا دَامَ أنَّهُمْ عَلِمُوهَا ، فَهَلْ دَعَوْا إِلَيْهَا ، وَفَتَنُوا النَّاسَ وَأَلْزَمُوهُمْ بِمَا أَلْزَمْتَهُمْ بهِ ، وَعَذَّبُوا مَنْ أَنْكَرَهَا وَحَبَسُوهُمْ ، وَأَنْكَرُوا عَلَى مَنْ خَالَفَهُم ، أوْ لَمْ يَدْعُوا إِلَيْهَا ؟ نَعَمْ اَخِي: وَمِنَ الْمَعْلُومِ أنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا ، بَلْ وَلَمْ يُشْتَهَرْ أنَّهُمْ قَالُوا : إنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوقٌ ، وَلَمْ يَقُلْ ذَلِكَ أحَدٌ مِنَ الْأمَّةِ .فَقَالَ : لَمْ يَدْعُوا إِلَيْهَا ، نَعَمْ اَخِي: لَا بُدَّ أنْ يَعْتَرِفَ بِذَلِكَ لِمَاذَا ؛ لِأَنَّ التَّوَارِيخَ فِي الْقِصَصِ الْمَشْهُورَةِ أنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا ، وَلَا فَتَنُوا أَحَدًا ، وَلَا أَلْزَمُوهُ أنْ يَقُولَ هَذِهِ الْمَقَالَةَ الشَّنِيعَةَ ؛ الَّتِي هِيَ الْإِلْزَامُ بِأَنَّ الْقُرْآَنَ مَخْلُوقٌ . نَعَمْ اَخِي: فَلَمَّا لَمْ يَجِدْ بُدًّاً، اِلْتَزَمَ وَاعْتَرَفَ بِأَنَّهُمْ مَا دَعَوْا إِلَيْهَا . فعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُ : فَهَلاَّ وَسِعَكَ مَا وَسِعَهُمْ ؛ ما دَامَ أنَّهُمْ عَلِمُوهَا وَسَكَتُوا وَتَرَكُوا النَّاسَ عَلَى مُعْتَقَدَاتِهِم وَلَمْ يَفْتِنُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يُلْزِمُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يُعَذِّبُوا أَحَدًا ، وَلَمْ يَقُولُوا لَهُمْ : هَذِهِ الْمَقَالَةُ بَاطِلَةٌ ، أَوْ: هَذِهِ الْمَقَالَةُ حَقٌّ ، أوْ نَحْوُ ذَلِكَ !! فَاسْكُتْ كَمَا سَكَتُوا ، وَلْيَسَعْكَ مَا وَسِعَهُمْ ، فإنْ كُنْتَ عَلَى صَوَابٍ فَصَوَابُكَ لِنَفْسِكَ ، وَلَا تُغَيِّرْ عَقَائِدَ غَيْرِكَ ، وإنْ كُنْتَ عَلَى خَطَأٍ فَخَطَؤُكَ عَلَى نَفْسِكَ ، أمَّا غَيْرُكَ فَلَا تُغَيِّرْ عَلَيْهِمْ مَا دَامَ الرَّسولُ وَصَحَابَتُهُ لَمْ يُغَيِّرُوا عَلَيْهِمْ ، وَلَمْ يَفْتِنُوهُمْ، نَعَمْ اَخِي: فَانْقَطَعَتْ حُجَّتُهُ عِنْدَ ذَلِكَ. نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ نُتَابِعُ فِي شَرْحِ الْآَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ ابْنُ قُدَامَةَ فِي كِتَابِهِ: لُمْعَةُ الِاعْتِقَادِ وَنَقُولُ :هَذَا شُرُوعٌ فِي ذِكْرِ آَيَاتِ الصِّفَاتِ، اَوْ نُصُوصِ الصِّفَاتِ الَّتِي اشْتَمَلَتْ عَلَى ذِكْرِ اَسْمَاءِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، اَوْ ذِكْرِ صِفَاتِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَصِفَاتُ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: تَنْقَسِمُ بِاَحَدِ الِاعْتِبَارَاتِ اِلَى قِسْمَيْنِ: وَهُمَا: صِفَاتٌ ذَاتِيَّةٌ، وَصِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ، نَعَمْ اَخِي: وَالصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ: هِيَ الَّتِي لَاتَنْفَكُّ عَنِ الْمَوْصُوفِ مُطْلَقاً، وَهِيَ فِي حَقِّ اللهِ جَلَّ وَعَلَا الَّتِي لَمْ يَزَلِ اللهُ مُتَّصِفاً بِهَا: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايَتَّصِفُ بِهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ آَخَرَ، بَلْ اِنَّ اتِّصَافَهُ بِهَا سُبْحَانَهُ دَائِمٌ وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ صِفَةِ الْوَجْهِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الْمَقْدِسِيُّ فِي الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ صِفَاتِ اللهِ: الْمَجِيءُ: فَهَذِهِ صِفَاتُ الْاَفْعَالِ وَالْاِتْيَانِ: فَهَذِهِ صِفَاتٌ فِعْلِيَّةٌ، نَعَمْ اَخِي: وَالصِّفَاتُ الْفِعْلِيَّةُ هِيَ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِمَشِيئَتِهِ وَاخْتِيَارِهِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ سُبْحَانَهُ يَتَّصِفُ بِهَا فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ: بِمَعْنَى اَنَّهُ جَلَّ وَعَلَا لَيْسَ دَائِماً يَنْزِلُ اِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي الْهَزِيعِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ اَوْ غَيْرِهِ مِنَ الْاَوْقَاتِ، وَلَيْسَ دَائِماً يَجِيءُ، وَاِنَّمَا يَجِيءُ اِذَا شَاءَ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ: فَهَذِهِ تُسَمَّى الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةَ الِاخْتِيَارِيَّةَ،، نَعَمْ اَخِي: وَنَعُودُ الْآَنَ اِلَى الْقِسْمِ الْاَوَّلِ وَهُوَ الصِّفَاتُ الذَّاتِيَّةُ الدَّائِمَةُ، وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مَثَلاً آَخَرَ وَلِلهِ الْمَثَلُ الْاَعْلَى فِي صِفَةِ الْيَدَيْنِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{مَامَنَعَكَ اَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( نَعَمْ اَخِي: وَهَلُمَّ عِلْماً وَفِقْهاً وَدِرَايَةً عَلَى هَذَا النَّحْوِ مِنْ صِفَاتِ الذَّاتِ الَّتِي يَتَّصِفُ بِهَا سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا قَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ(فَهَذِهِ اَوَّلُ الْآَيَاتِ الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ الْمَقْدِسِيّ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْآَيَةُ صَرِيحَةٌ فِي اِثْبَاتِ صِفَةِ الْوَجْهِ لِلهِ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا وَجْهُ الدَّلَالَةِ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْمَقْدِسِيُّ مِنْ قَوْلِ اللهِ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَهُوَ اَنَّهُ تَعَالَى اَضَافَ الصِّفَةَ الَّتِي هِيَ الْوَجْهُ اِلَى الْمُتَّصِفِ بِهَا سُبْحَانَهُ فَقَالَ:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ كَلِمَةُ وَجْهٍ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: فَاعِلٌ مَرْفُوعٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهِ الضَّمَّةُ وَهُوَ مُضَافٌ اِلَى الرَّبِّ، وَاَمَّا كَلِمَةُ رَبِّكَ: فَهِيَ مُضَافٌ اِلَى الْوَجْهِ مَجْرُورٌ وَعَلَامَةُ جَرِّهِ الْكَسْرَةُ الظَّاهِرَةُ عَلَى حَرْفِ الْبَاءِ، وَاَمَّا حَرْفُ الْكَافِ: فَهُوَ ضَمِيرٌ مُتَّصِلٌ مَبْنِيٌّ عَلَى الْفَتْحَةِ فِي مَحَلِّ جَرِّ مُضَافٍ اِلَيْهِ ثَانِي وَهُوَ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ الَّذِي اَضَافَهُ سُبْحَانَهُ اِلَى ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ اِضَافَةَ تَشْرِيفٍ لَا اِضَافَةَ حُلُولٍ وَلَا اِضَافَةَ اتِّحَادٍ ، كَمَا نَقُولُ مَثَلاً: اِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ اللهِ{ وَاتَّخَذَ اللهُ اِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً( اِتِّخَاذَ تَشْرِيفٍ لِاِبْرَاهِيمَ، لَا اتِّخَاذَ حُلُولٍ مَعَ اِبْرَاهِيمَ، وَلَا اتِّحَادٍ لِاِبْرَاهِيمَ مَعَ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ كَمَا تَزْعُمُ الْمُصْطَلَحَاتُ الشِّرْكِيَّةُ الْوَثَنِيَّة فِي عِيسَى وَالْاَئِمَّةِ الصُّوفِيَّةِ وَالِاثْنَيْ عَشَرِيَّة، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَنَحْنُ نَعْلَمُ قَاعِدَةً شَرْعِيَّةً تَوْحِيدِيَّةً مُهِمَّةً: وَهِيَ اَنَّ مَايُضَافُ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ: تَارَةً يُضَافُ اِلَيْهِ بِالْمَعْنَى: وَتَارَةً اُخْرَى يُضَافُ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ بِالذَّاتِ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَيَتَفَرَّعُ عَنْ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اَيْضاً: اَنَّهُ سُبْحَانَهُ اِذَا كَانَ مَايُضَافُ اِلَيْهِ ذَاتاً تَخُصُّهُ سُبْحَانَهُ اَوْ تَخُصُّ غَيْرَهُ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ: فَتَارَةً هَذِهِ الذَّاتُ تَقُومُ بِنَفْسِهَا وَهِيَ الَّتِي تَخُصُّهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ وَلَاتَنْفَصِلُ عَنْهُ كَعَيْنِ اللهِ وَيَدِهِ مَثَلاً: وَتَارَةً اُخْرَى لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا وَهِيَ الَّتِي لَاتَخُصُّهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ بَلْ تَنْفَصِلُ عَنْهُ بِالْاُلُوهِيَّةِ وَتَخُصُّهُ بِالْعُبُودِيَّةِ كَعِيسَى وَاِبْرَاهِيمَ وَنَاقَةِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: وَنَضْرِبُ لِذَلِكَ مَثَلاً عَلَى الْمَعْنَى اَوّلاً: فَمَثَلاً صِفَةُ الرَّحْمَةِ وَالْغَضَبِ وَالرِّضَا: فَنَقُولُ مَثَلاً: رِضَا اللهِ، وَغَضَبُ اللهِ، وَرَحْمَةُ اللهِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَهَذِهِ هِيَ اِضَافَةُ الْمَعْنَى اِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا: نَعَمْ اَخِي: وَنَاْتِي الْآَنَ اِلَى اِضَافَةِ الذَّاتِ اِلَى شَيْءٍ يَكُونُ ذَاتاً اَيْضاً: فَتَارَةً هَذَا الذَّاتُ يَكُونُ مُسْتَقِلّاً بِمَعْنَاهُ وَشَيْئاً مَحْسُوساً وَلَيْسَ وَصْفاً بِدُونِ ذَاتٍ وَلَكِنَّهُ ذَاتٌ: فَهَذَا تَارَةً يَكُونُ قَائِماً بِنَفْسِهِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{ نَاقَةُ اللهِ: فَهُنَا اَضَافَ النَّاقَةَ اِلَى نَفْسِهِ جَلَّ وَعَلَا فَقَالَ:{ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا( نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْبَيْتُ الَّذِي هُوَ بَيْتُ اللهِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ [ثُمَّ خَرَجَ اِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ( اَوْ[ ثُمَّ مَشَى اِلَى بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ( فَهُنَا اَضَافَ الْبَيْتَ اِلَى الله، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْقِسْمُ الثَّانِي: فَهُوَ قَوْلُ اللهِ مَثَلاً حِينَمَا يَقُولُ: وَجْهُ اللهِ، يَدُ اللهِ، سَاقُ اللهِ، قَدَمُ اللهِ،عَيْنُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ مِمَّا يَلِيقُ بِجَلَالِهِ عَزَّوَجَلَّ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اُضِيفَ مَايَقُومُ فِي اَصْلِهِ بِنَفْسِهِ اِلَى اللهِ، فَتَكُونُ الْاِضَافَةُ هُنَا لِلتَّشْرِيفِ وَالتَّعْظِيمِ، فَقَوْلُهُ تَعَالَى: نَاقَةَ اللهِ: اَضَافَ اللهُ هُنَا النَّاقَةَ اِلَى نَفْسِهِ، وَمَعْلُومٌ لَدَيْكَ اَخِي اَنَّ النَّاقَةَ ذَاتٌ مُنْفَصِلَةٌ تَقُومُ بِنَفْسِهَا: فَهَذَا يَقْتَضِي تَشْرِيفَ مَااَضَافَهُ اللهُ تَعَالَى اِلَى نَفْسِهِ، وَيَقْتَضِي تَعْظِيمَهُ لَا اِلَى دَرَجَةِ الشِّرْكِ وَالْعُبُودِيَّةِ لَهُ مَعَ اللهِ اَوْ مِنْ دُونِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْحَالُ فِي قَوْلِهِ: بَيْتُ اللهِ، وَاَمَّا{وَجْهُ اللهِ{وَيَدُ اللهِ فَوْقَ اَيْدِيهِمْ {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ فَاِنَّكَ بِاَعْيُنِنَا( وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَالْعَيْنُ هُنَا اَخِي، وَالْوَجْهُ، وَالْيَدُ، وَالْقَدَمُ، وَالسَّاقُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ: فَهَذِهِ كُلُّهَا اَخِي ذَوَاتٌ، لَكِنَّهَا لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا مُنْفَصِلَةً عَنِ اللهِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايَقُومُ وَجْهٌ بِدُونِ صَاحِبِ وَجْهٍ: بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايُوجَدُ وَجْهٌ بِدُونِ صَاحِبِ وَجْهٍ وَهُوَ اللهُ هُنَا، وَلَاتُوجَدُ يَدٌ بِدُونِ صَاحِبِ يَدٍ، وَلَاتُوجَدُ عَيْنٌ بِدُونِ صَاحِبِ عَيْنٍ: فَهَذِهِ اِذَا اُضِيفَتْ اِلَى اللهِ جَلَّ وَعَلَا اَوْ اِلَى غَيْرِهِ: فَهَذِهِ اَخِي تَقْتَضِي الصِّفَةَ وَلَاتَقْتَضِي التَّشْرِيفَ بِحَالٍ، اِلَّا اِذَا اَرَدْنَا تَشْرِيفَ اللهِ بِهَا دُونَ فَصْلِهَا عَنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَهُ كَمَا نَفْصِلُ النَّاقَةَ وَالْبَيْتَ وَالْخَلِيلَ عَنِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي: وَمَعْلُومٌ لَدَيْكَ: اَنَّ اِضَافَةَ الْعَيْنِ وَالْيَدِ وَالْقَدَمِ وَالسَّاقِ اِلَى اللهِ تَقْتَضِي الصِّفَةَ وَلَاتَقْتَضِي التَّشْرِيفَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَايَحْتَاجُ اِلَى تَشْرِيفٍ مِنْ اَحَدٍ لِمَاذَا؟ لِاَنَّهُ بِحَدِّ ذَاتِهِ سُبْحَانَهُ شَرِيفٌ وَطَاهِرٌ وَقُدُّوسٌ وَلَايَحْتَاجُ اِلَى اَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِيَقُومَ بِتَشْرِيفِهِ، وَلَكِنَّنَا نَحْنُ مَنْ نَحْتَاجُ اِلَى اَنْ نُشَرِّفَ اللهَ وَنُقَدِّسَهُ وَنُطَهِّرَهُ عَنْ كُلِّ مَالَايَلِيقُ بِهِ مِنَ الشِّرْكِ النَّجِسِ وَغَيْرِهِ حَتَّى يُطَهِّرَنَا سُبْحَانَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَالْآَثَامِ وَالْمَعَاصِي وَالسَّيِّآَتِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ لَايَحْتَاجُ اللهُ اِلَى اَنْ يَجْعَلَ مِنْ عَيْنِهِ عَيْناً صَحِيحَةً سَلِيمَةً شَرِيفَةً طَاهِرَةً مِنَ الْعُيُوبِ؟ لِاَنَّهَا لَمْ تَكُنْ عَوْرَاءَ اَوْ عَمْيَاءَ اَوْ رَمْدَاءَ مِنْ قَبْلُ؟ وَلِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ لَيْسَ عَبْداً لَنَا لِنَاْمُرَهُ بِغَضِّ الْبَصَرِ عَنِ الْحَرَامِ مَثَلاً! وَلَيْسَ عَبْداً لَنَا وَلِاَحْفَادِ الْقِرَدَةِ وَالْخَنَازِيرِ مِنَ الْيَهُودِ لِنَاْمُرَهُ جَمِيعاً اَنْ تَكُونَ يَدُهُ يَداً مِعْطَاءً مَبْسُوطَةً يُنْفِقُ مِنْهَا كَيْفَ نَشَاءُ نَحْنُ بَلْ يُنْفِقُ مِنْهَا كَيْفَ يَشَاءُ هُوَ سُبْحَانَهُ وَلِذَلِكَ{قَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ! غُلَّتْ اَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا! بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ(هُوَ لَا كَيْفَ نَشَاءُ نَحْنُ وَهُمْ عَلَيْهِمْ لَعَائِنُ اللهِ الْمُتَتَابِعَةِ اِلَى يَوْمِ الْقِيَامَة، نَعَمْ اَخِي: وَاللهُ تَعَالَى لَيْسَ بِحَاجَةٍ اِلَى اَحَدٍ مِنْ مَخْلُوقَاتِهِ لِيَجْعَلُوا مِنْ كَلَامِهِ كَلَامَ شَرَفٍ وَطَهَارَةٍ وَعَلْيَاءَ! بَلْ هُوَ سُبْحَانَهُ الْقَادِرُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ{جَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلَى {وَكَلِمَةُ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا(مُنْذُ الْاَزَلِ الْقَدِيمِ الَّذِي لَابِدَايَةَ لَهُ اِلَى الْحَاضِرِ وَالْمُسْتَقْبَلِ الْبَعِيدِ الَّذِي لَانِهَايَةَ لَهُ *وَلَكِنَّنَا نَحْنُ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ نَجْعَلَ كَلِمَةَ اللهِ هِيَ الْعُلْيَا فِي نُفُوسِنَا، وَفِي قُلُوبِنَا، وَفِي عُقُولِنَا، وَفِي ضَمَائِرِنَا، وَفِي اَقْوَالِنَا وَاَعْمَالِنَا؟ لِنَعْلُوَ بِهَا فِي الْاَرْضِ عُلُوّاً بَعِيداً عَنْ عُلُوِّ الْمُفْسِدِينَ الْجَبَّارِينَ الْمَغْرُورِينَ الْمُتَعَجْرِفِين... نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ: اَنَّ الْاِضَافَةَ لِلذَّوَاتِ عَلَى قِسْمَيْنِ: فَتَارَةً تَكُونُ الْاِضَافَةُ لِلتَّشْرِيفِ: وَهُوَ مَااُضِيفَ اِلَى اللهِ مِنَ الْاَعْيَانِ مِمَّا يَقُومُ بِنَفْسِهِ كَالنَّاقَةِ مَثَلاً، وَتَارَةً تَقْتَضِي الْاِضَافَةُ الْوَصْفَ اِذَا كَانَ لَايَقُومُ بِنَفْسِهِ كَعَيْنِ اللهِ مَثَلاً، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ قَدْ يَعْتَرِضُ عَلَيْنَا الْمُعْتَرِضُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( قَائِلِين: وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ قَائِماً بِذَاتِهِ: فَهَاهُوَ الْوَجْهُ الَّذِي لَايَبْقَى غَيْرُهُ مِنَ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ، فَكَيْفَ يَقُومُ بِنَفْسِهِ مُنْفَصِلاً دُونَ اَنْ يَحْتَاجَ اِلَى الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ لِتَقُومَ مَعَهُ! وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنْتُمْ كَاذِبُونَ مُفْتَرُونَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْوَجْهَ لَايَقُومُ بِنَفْسِهِ مِنْ دُونِ وُجُودِ الذَّاتِ الْعَلِيَّةِ غَيْرِ الْمَحْدُودَةِ مَعَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ هُنَا اَطْلَقَ الْوَجْهَ وَاَرَادَ بِهِ الذَّاتَ الْاِلَهِيَّةَ الْعَلِيَّةَ كُلَّهَا مَعَ الْوَجْهِ: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَلَدِ{فَكُّ رَقَبَة(فَهُنَا اَيْضاً اَطْلَقَ سُبْحَانَهُ الرَّقَبَةَ وَاَرَادَ بِهَا الذَّاتَ الْجَسَدِيَّةَ كُلَّهَا مِنْ جَسَدِ الْعَبْدِ الْمَمْلُوكِ اَنْ تَكُونَ مَفْكُوكَةً وَمُحَرَّرَةً، نَعَمْ اَخِي: فَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَوَجْهُ الِاسْتِدْلَالِ فِي هَذَا الْقَوْلِ: اَنَّهُ اَضَافَ الْوَجْهَ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَقَالَ عَزَّ مِنْ قَائِلٍ سُبْحَانَهُ:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( فَاَضَافَ الْوَجْهَ اِلَى الرَّبِّ، فَدَلَّ عَلَى اَنَّ الْوَجْهَ هُوَ صِفَةٌ لَهُ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ فَيَقُولُونَ: اِنَّ الْوَجْهَ هُنَا بِمَعْنَى الذَّاتِ! فَيَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ أَيْ وَيَبْقَى رَبُّكَ بِزَعْمِهِمْ، بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الْوَجْهَ الَّذِي اَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ! وَنَقُولُ رَدّاً عَلَيْهِمْ: اِنَّ اللهَ قَالَ هُنَا: {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ( ثُمَّ وَصَفَ الْوَجْهَ بِقَوْلِهِ {ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ( وَكَلِمَةُ ذُو: هِيَ صِفَةٌ لِلْوَجْهِ مَرْفُوعَةٌ وَعَلَامَةُ رَفْعِهَا الْوَاوُ لِاَنَّهَا مِنَ الْاَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا اَرَادَ الْقُرْآَنُ اَنْ يَصِفَ الرَّبَّ بِذَاتِهِ وَبِوَجْهِهِ اَيْضاً فَاِنَّهُ قَالَ{تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام( وَكَلِمَةُ ذِي: هِيَ صِفَةٌ لِكَلِمَةِ رَبِّكَ مَجْرُورَةٌ مِثْلُهَا وَعَلَامَةُ جَرِّهَا الْيَاءُ لِاَنَّهَا مِنَ الْاَسْمَاءِ الْخَمْسَةِ الْمَعْرُوفَةِ وَهِيَ (اَبٌ، اَخٌ، حَمٌ، ذُو، فُو اَوْ فَمٌ( نَعَمْ اَخِي: فَوَصَفَ الْقُرْآَنُ فِي اَوَّلِ سُورَةِ الرَّحْمَنِ الْوَجْهَ: بِاَنَّهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ، ثُمَّ وَصَفَ نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ دُونَ اسْمِهِ فِي آَخِرِ السُّورَةِ بِقَوْلِهِ{ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام( فَلَامَجَالَ لِلْمُبْتَدِعَةِ هُنَا فِي اِنْكَارِ مَااَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ مِنْ صِفَةِ الْوَجْهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِذَاتِهِ: هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ، وَبِوَجْهِهِ اَيْضاً: هُوَ سُبْحَانَهُ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ تَعَالَى هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَامِ بِنَفْسِهِ، وَبِصِفَاتِهِ اَيْضاً هُوَ ذُو الْجَلَالِ وَالْاِكْرَام، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( تَجْرِي عَلَيْهِ نَفْسُ هَذِهِ الْقَاعِدَةِ اَيْضاً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْآَيَةَ هِيَ مِنْ آَيَاتِ الصِّفَاتِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْقُرْآَنَ اَضَافَ هُنَا ذَاتاً لَاتَقُومُ بِنَفْسِهَا اِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِي اَضَافَهَا سُبْحَانَهُ اِلَى نَفْسِهِ وَهِيَ الْيَدَانِ: فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى اَنَّ الْقُرْآَنَ اَضَافَ هَذِهِ الصِّفَةَ اِلَى مَوْصُوفٍ اَوْ مُتَّصِفٍ بِهَا وَهُوَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ، نَعَمْ اَخِي: وَالْيَدُ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيمِ: تَاْتِي تَارَةً مُفْرَدَةً، وَتَارَةً مُثَنَّاةً، وَتَارَةً مَجْمُوعَة، نَعَمْ اَخِي: اَمَّا الْمَجْمُوعَةُ وَهِيَ كَلِمَةُ اَيْدِي: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا(فَجَعَلَهَا الْقُرْآَنُ هُنَا مَجْمُوعَةً وَهِيَ كَلِمَةُ اَيْدِينَا، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُثَنَّاةُ وَهِيَ كَلِمَةُ يَدَاهُ وَيَدَيَّ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{مَامَنَعَكَ اَلَّا تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ( فَجَعَلَهُمَا الْقُرْآَنُ هُنَا اثْنَتَيْنِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُفْرَدَةُ: فَفِي قَوْلِهِ تَعَالَى{تَبَارَكَ الَّذِي بِيَدِهِ الْمُلْكُ( نَعَمْ اَخِي: فَهَلْ هُنَاكَ تَعَارُضٌ بَيْنَ الْاِفْرَادِ وَالتَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ؟ وَهَلْ يُوصَفُ اللهُ تَعَالَى بِاَنَّ لَهُ يَداً وَاحِدَةً؟ اَوْ يُوصَفُ بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ؟ اَوْ يُوصَفُ بِاَنَّ لَهُ اَيْدِي؟ وَالْجَوَابُ عَلَى ذَلِكَ: اَنَّهُ يُوصَفُ جَلَّ وَعَلَا بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ فَقَطْ، لَكِنْ مَاهِيَ الْقِصَّةُ وَالسَّالِفَةُ فِي اِضَافَةِ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ اِلَيْهِ سُبْحَانَهُ: وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هَذَا مِنْ اِضَافَةِ الْجِنْسِ، وَهَذَا مَعْرُوفٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ حِينَمَا يُضِيفُ الْعَرَبُ الْمُفْرَدَ وَيُرِيدُونَ بِهِ الْجِنْسَ الْمَجْمُوعَ كُلَّهُ كَقَوْلِهِمْ مَثَلاً: فُلَانٌ اَلْقَى كَلِمَةً! فَهَلْ هِيَ كَلِمَةٌ وَاحِدَةٌ؟ اَمْ كَلِمَاتٌ مُتَعَدِّدَةٌ اَلْقَاهَا اَوْ خَطَبَهَا اَمَامَ النَّاسِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي بَلْ هِيَ كَلِمَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَمَعَ ذَلِكَ يُعَبِّرُ الْعَرَبُ فِي لُغَتِهِمْ عَنْ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي اَلْقَاهَا الشَّاعِرُ اَوِ الْخَطِيبُ اَمَامَ النَّاسِ بِالْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ وَيُرِيدُونَ مِنْ هَذِهِ الْكَلِمَةِ الْوَاحِدَةِ كَلِمَاتٍ كَثِيرَةً مُتَعَدِّدَةً لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذِهِ الْخُطْبَةَ الَّتِي يُعَبِّرُ عَنْهَا الْعَرَبُ بِالْكَلِمَةَ هِيَ مِنْ جِنْسِ الْكَلِمَاتِ الْكَثِيرَةِ الْمَجْمُوعَةِ الَّتِي اَلْقَاهَا الْخَطِيبُ، نَعَمْ اَخِي وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اِنَّ اِبْرَاهِيمَ كَانَ اُمَّة(وَاِبْرَاهِيمُ شَخْصٌ مُفْرَدٌ وَاحِدٌ، وَمَعَ ذَلِكَ قَالَ اللهُ عَنْهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ: اَنَّهُ اُمَّةٌ مَجْمُوعٌ فِيهَا اَشْخَاصٌ كَثِيرُونَ لَاعَدَّ لَهُمْ وَلَاحَصْرَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ الْيَدُ الْوَاحِدَةُ: فَحِينَمَا يَتَكَلَّمُ سُبْحَانَهُ بِلُغَةِ الْعَرَبِ يُرِيدُ بِهَا يَدَيْنِ لَايَداً وَاحِدَةً، نَعَمْ اَخِي: وَاللهُ اَعْلَمُ اِنْ كَانَ اللهُ يُرِيدُ مِنَ الْيَدِ الْوَاحِدَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا جِهَةً وَاحِدَةً بِاتِّجَاهِ الْيَمِينِ اَوْ وَحْدَةَ الاتِّجَاهِ اِلَى الْيَمِينِ اَوْ تَوْحِيدَ هَذَا الاتِّجَاهِ اِلَى الْيَمِينِ كَمَا وَرَدَ فِي بَعْضِ الْاَحَادِيثِ[ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين(بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ لَايَلِيقُ بِهِ اَنْ تَكُونَ لَهُ يَدٌ يَسَارِيَّةٌ اَوْ شِمَالِيَّةٌ،بَلْ كِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ مَاقِصَّةُ الْجَمْعِ فِي قَوْلِ الْقُرْآَنِ{اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا( وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: هُنَا جَمَعَ الْقُرْآَنُ؟ لِاَجْلِ اَنَّ الْعَرَبَ فِي لُغَتِهَا: اَنَّ الْمُثَنَّى اِذَا اُضِيفَ اِلَى ضَمِيرِ جَمْعٍ اَوْ تَثْنِيَةٍ، فَاِنَّهُ يُجْمَعُ لِاَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى وَبِدَلِيلِهِ اَيْضاً{اِنْ تَتُوبَا اِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا(نَعَمْ اَخِي: هُمَا امْرَاَتَانِ خَاطَبَهُمَا الْقُرْآَنُ بِقَوْلِهِ{اِنْ تَتُوبَا اِلَى اللهِ(ثُمَّ قَالَ{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا( لِمَاذَا؟ لِاَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ الَّذِي يَسْتَسِيغُهُ الْعَرَبُ وَلَايَسْتَسِيغُونَ لَفْظاً ثَقِيلاً مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى مَثَلاً: فَقَدْ صَغَيَا قَلْبَاكُمَا مَعَ عِلْمِهِ تَعَالَى اَنَّ الْمَرْاَتَيْنِ لَهُمَا قَلْبَانِ لَاثَالِثَ لَهُمَا، وَمَعَ ذَلِكَ عَبَّرَ الْقُرْآَنُ عَنْ هَذَيْنِ الْقَلْبَيْنِ بِالْجَمْعِ فِي كَلِمَةِ قُلُوبُكُمَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ هَذَا مِنْ مُقْتَضَيَاتِ لُغَةِ الْعَرَبِ وَسُنَّتِهِمْ وَعَادَتِهِمْ فِي تَدَاوُلِهِمْ لِلُغَتِهِمْ فِيمَا بَيْنَهُمْ، وَاِلَّا فَاِنَّهُمْ يَسْتَطِيعُونَ اِقْنَاعَ النَّاسِ جَمِيعاً فِي عَهْدِ رَسُولِ اللهِ اَنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ بِحُجَّةِ اَنَّ مُحَمَّداً وَرَبَّ مُحَمَّدٍ لَايُتْقِنَانِ لُغَةَ الْعَرَبِ، وَلَايُتْقِنَانِ مَايَسْتَسِيغُهُ الْعَرَبُ مِنْ خِفَّتِهَا اَوِ اخْتِصَارِهَا وَبَلاغَتِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَلَكِنَّهُمْ لَمْ يَسْتَطِيعُوا اِلَى ذَلِكَ سَبِيلاً؟ لِاَنَّ الْاَكْثَرِيَّةَ السَّاحِقَةَ الَّتِي آَمَنَتْ بِهَذَا الْقُرْآَنِ: كَانَتْ تُتْقِنُ لُغَةَ الْعَرَبِ جَيِّداً، وَكَانَتْ تَعْلَمُ اَنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ{وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافاً كَثِيراً(رَكِيكاً غَيْرَ مُسْتَسَاغٍ فِي لُغَتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ، وَاَمَّا فِي اَيَّامِنَا: فَنَحْنُ ابْتَعَدْنَا عَنْ هَذَا الْقُرْآَنِ، وَلَمْ نُؤْمِنْ بِهِ اِيمَاناً حَقِيقِيّاً؟ لِاَنَّنَا لَانُتْقِنُ اِلَّا الْقَلِيلَ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ اِذَا اُضِيفَ الْمُثَنَّى اِلَى ضَمِيرِ تَثْنِيَةٍ اَوْ ضَمِيرِ جَمْعٍ: فَاِنَّهُ يَجُوزُ جَمْعُهُ طَلَباً لِخِفَّةِ اللَّفْظِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي {اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا(نَعَمْ اَخِي وَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى خِفَّةِ اللَّفْظِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ لَوْ قَالَ اللهُ: مِمَّا عَمِلَتْ يَدَانَا اَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُون(نَعَمْ اَخِي: وَكَيْفَ السَّبِيلُ اِلَى اَنْ يُعَظِّمَ اللهُ نَفْسَهُ اَوْ يَدَيْهِ بِالْمُفْرَدِ اَوِ الْمُثَنَّى وَبِغَيْرِ الْجَمْعِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لَايُمْكِنُ بِحَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ بِلُغَةِ الْعَرَبِ اَنْ يُعَظِّمَ اللهُ نَفْسَهُ اَوْ يُعَظِّمَ يَدَيْهِ بِبَلَاغَةٍ فَائِقَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا بِغَيْرِ صِيغَةِ الْجَمْعِ، لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْجَمْعَ يَفُوقُ الْمُثَنَّى وَالْمُفْرَدَ فِي التَّعْظِيمِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ قَارِنْ فِي التَّعْظِيمِ الْبَلَاغِيِّ الْاَشَدِّ بَيْنَ قَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْمُفْرَدِ{اِنَّنِي اَنَا اللهُ لَا اِلَهَ اِلَّا اَنَا فَاعْبُدْنِي وَاَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي(وَبَيْنَ قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْجَمْعِ{ اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ اَيْدِينَا{تَبَارَكَ اللهُ اَحْسَنُ الْخَالِقِينَ{اِنَّا اَنْزَلْنَا اِلَيْكَ الْكِتَابَ{نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ اَحْسَنَ الْقَصَصِ(اِلَى آَخِرِ مَاهُنَالك مِنَ الشَّوَاهِدِ الْكَثِيرَةِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى اَنَّ تَعْظِيمَ اللهِ لِنَفْسِهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ هُوَ اَشَدُّ بَلَاغَةً وَتَعْظِيماً مِنْ تَعْظِيمِهِ لِنَفْسِهِ اَوْ لِصِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ اَوِ الْمُثَنَّى كَمَا هُوَ مَعْرُوفٌ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَلِمَةُ اَيْدِينَا هُنَا جَمْعٌ، وَلَيْسَ ثَمَّةَ مُعَارَضَةٌ بَيْنَ هَذَا الْجَمْعِ وَبَيْنَ الْمُثَنَّى فِي قَوْلِهِ{بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ{مَامَنَعَكَ اَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ( بَلْ جَمَعَ سُبْحَانَهُ هُنَا؟ لِاَنَّهُ اَضَافَ الْمُثَنَّى اَصْلاً اِلَى ضَمِيرِ الْجَمْعِ وَهُوَ نَا الدَّالَّةُ عَلَى جَمَاعَةِ الْفَاعِلِينَ فِي كَلِمَةِ اَيْدِينَا، فَجَمَعَ لِاَجْلِ الْخِفَّةِ فِي اللَّفْظِ، نَعَمْ اَخِي: وَاَصْلُ الْكَلَامِ {اَوَلَمْ يَرَوْا اَنَّا خَلَقْنَا لَهُمْ مِمَّا عَمِلَتْ يَدَانَا اَنْعَاماً فَهُمْ لَهَا مَالِكُونَ(ثُمَّ صَارَتْ اَيْدِينَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ ذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِيهِ لِسَانُ الْعَرَبِ فِي لُغَتِهِمُ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ اَجْلِ خِفَّةِ اللَّفْظِ وَمِنْ اَجْلِ تَعْظِيمِ اللهِ لِيَدَيْهِ بِصِيغَةِ الْجَمْعِ وَلِنَفْسِهِ وَلِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ اَيْضاً بِصِيغَةِ الْجَمْعِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ مَثَلاً{تَبَارَكَ اللهُ اَحْسَنُ الْخَالِقِينَ( نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ اَنَّنَا نَصِفُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِاَنَّ لَهُ يَدَيْنِ، وَاَمَّا الْآَيَاتُ الَّتِي فِيهَا ذِكْرُ الْيَدِ وَالْاَيْدِي: فَاِنَّهَا جَمِيعاً تَدُلُّ عَلَى التَّثْنِيَةِ، وَاَمَّا اِنْ دَلَّتْ عَلَى الْمُفْرَدِ وَالْجَمْعِ فِي مَوَاضِع مِنَ الْقُرْآَنِ: فَاِنَّ الْمُفْرَدَ لَايُعَارِضُ التَّثْنِيَةَ، وَكَذَلِكَ الْجَمْعُ لَايُعَارِضُ التَّثْنِيَةَ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَنَحْنُ نَسْتَطِيعُ فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ اَنْ نَسْتَعِيرَ الْجَمْعَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ التَّثْنِيَةِ، وَنَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ نَسْتَعِيرَ الْفِعْلَ الْمُفْرَدَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِعَنِ الْجَمْعِ وَالتَّثْنِيَةِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{صَغَتْ( وَفِيهِ مَافِيهِ مِنْ تَاءِ التَّاْنِيثِ الْمُفْرَدَةِ السَّاكِنَةِ(كَمَا نَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَخِي اَنْ نَسْتَعِيرَ الْجَمْعَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُفْرَدِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{نَحْنُ نَقُصُّ(فَهُنَا اَطْلَقَ سُبْحَانَهُ الْجَمْعَ وَاَرَادَ بِهِ الْمُفْرَدَ مِنْ ذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: كَمَا اَنَّنَا نَسْتَطِيعُ اَيْضاً اَنْ نَسْتَعِيرَ الْمُثَنَّى مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُفْرَدِ: وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مُوسَى وَهَارُونَ وَهُمَا مُثَنَّى{اِنَّا رَسُولُ رَبِّ الْعَالَمِين( في الآية رقم 16 مِنْ سُورَةِ الشُّعَرَاء، نعم اخي: فَاجْتَمَعَ مُوسَى وَهَارُونَ هُنَا وَهُمَا مُثَنَّى فِي رَسُولٍ وَاحِدٍ اَوْ شَخْصٍ مُفْرَدٍ وَاحِدٍ، وَلَمْ يَقُولَا هُنَا {اِنَّا رَسُولَا رَبِّ الْعَالَمِينَ( اِلَّا فِي آَيَةٍ اُخْرَى، نَعَمْ اَخِي: وَنَسْتَطِيعُ اَيْضاً فِي لُغَتِنَا الْعَرَبِيَّةِ اَنْ نَسْتَعِيرَ الْمُفْرَدَ مِنْ اَجْلِ التَّعْبِيرِ عَنِ الْمُثَنَّى، وَذَلِكَ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ تَعَالَى عَنْ رَسُولِ اللهِ وَاَبِي بَكْرٍ وَهُمَا مُثَنَّى{ ثَانِيَ اثْنَيْنِ اِذْ هُمَا فِي الْغَارِ اِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَاتَحْزَنْ اِنَّ اللهَ مَعَنَا فَاَنْزَلَ اللهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ( أَيْ عَلَيْهِمَا{وَاَيَّدَهُ(أَيْ اَيَّدَهُمْا{بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْهَا( نَعَمْ اَخِي: وَبَعْضُ اَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{اَيْدِينَا(هَذَا جَمْعٌ: وَاَقَلُّ الْجَمْعِ اثْنَانِ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ نَحْنُ لَانَسْتَدِلُّ عَلَى مَانَقُولُ بِاَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ بَعْضَ اَهْلِ الْعِلْمِ الْآَخَرِينَ يَقُولُونُ: اَقَلُّ الْجَمْعِ ثَلَاثَة، وَلِذَلِكَ نَحْنُ لَانَسْتَسِيغُ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْمَسَائِلِ الْعَقَائِدِيَّةِ الْمُشْكِلَةِ اَنْ نُحِيلَ الْعَوَامَّ الْبُسَطَاءَ مِنَ النَّاسِ ذَوِي الْعُقُولِ الْمُحْدُودَةِ وَالْقَاصِرَةِ اِلَى اَمْرٍ مُخْتَلَفٍ فِيهِ لَيَفْهَمُوا تَوْحِيدَ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ عَلَى حَقِيقَتِهِ، بَلْ اِلَى اَمْرٍ مُتَيَقَّنٍ مِنْهُ وَهُوَ مَانَعْلَمُهُ مِنْ لُغَةِ الْعَرَبِ بِدَلَالَةِ الْاَشْعَارِ الَّتِي كَانُوا يُنْشِدُونَهَا، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ شَوَاهِدَنَا عَلَى مَانَقُولُ كَثِيرَةٌ مِنْ شِعْرِ الْعَرَبِ وَلُغَتِهِمْ، وَلَكِنْ يَكْفِيكَ اَخِي اَنْ تَحْفَظَ قَوْلَهُ تَعَالَى فِي سُورَةِ التَّحْرِيمِ{فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا(نَعَمْ اَخِي: وَوَصِيَّتِي الْاَخِيرَةُ لَكَ فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ وَهِيَ وَصِيَّةٌ هَامَّةٌ جِدّاً جِدّاً جِدّاً: اَلَّا تَنْخَدِعَ بِقَوْلِ الشِّيعَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ حِينَمَا يَتَسَاءَلُونَ بِوَقَاحَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا عِنْدَ اللهِ قَائِلِين: لِمَاذَا هَذَا التَّدْقِيقُ الشَّدِيدُ الْمُتَشَدِّدُ عَلَى اَسْمَاءِ اللهِ وَصِفَاتِهِ؟ وَنَقُولُ لِلشِّيعَةِ وَالْمُتَصَوِّفَةِ الْخُبَثَاءِ: لِاَنَّ بَيْنَ الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ شَعْرَةٌ وَكَذَلِكَ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالْاِشْرَاكِ بِاللهِ شَعْرَة،،، وَلِلْحَدِيثِ بَقِيَّةٌ اِنْ شَاءَ الله، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، وصلى الله على نبينا محمد رسول الله وعلى ازواجه وذريته وآله واصحابه، وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته من اختكم في الله آلاء، وآخر دعوانا ان الحمد لله رب العالمين





إضافة رد


مواقع النشر (المفضلة)

الكلمات الدلالية (Tags)
المؤمنات, النبى, جاءك, ياايها, يبايعنك

الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الساعة الآن 11:39 AM.

Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها