أنت غير مسجل في مسلم أون لاين
. للتسجيل الرجاء أضغط
هنـا
الإعلانات النصية
فتح باب التقدم للمشرفين الجدد
إعلان نصي
إعلان نصي
إعلان نصي
الإهداءات
عرض الإهداءات
منتديات مسلم أون لاين
مسلم أون لاين الإســلامي
قسم العلوم الإسلامية
التوحيد والعقيدة الإسلامية
يا ايها الذين آمنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم
اسم العضو
حفظ البيانات؟
كلمة المرور
منوعات
روابط إضافية
منتديات مسلم أون لاين
اجعلنا الرئيسية
اضفنا في مفضلتك
مشاركات اليوم
البحث
البحث في المنتدى
عرض المواضيع
عرض المشاركات
بحث بالكلمة الدلالية
البحث المتقدم
البحث في العناوين فقط
روابط بحث أخرى
البحث المتقدم
بحث في قائمة الأعضاء
مشاركات جديدة
مشاركات اليوم
مواضيع لم يرد عليها
الذهاب إلى الصفحة...
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
السابق
التالي
مشاركة رقم :
1
03-07-2016
رحيق مختوم
رقم العضوية : 67
تاريخ التسجيل : Oct 2015
الدولة : سوريا طرطوس
المشاركات : 119
بمعدل : 0.03 يوميا
معدل تقييم المستوى :
10
المستوى :
المنتدى :
التوحيد والعقيدة الإسلامية
يا ايها الذين آمنوا ان من ازواجكم واولادكم عدوا لكم فاحذروهم
[CENTER][FONT="Arial"][SIZE="6"][COLOR="Black"]
بسم الله الرحمن الرحيم: قبل البدء بالمشاركة: نتابع حديثنا فيما يتعلق بِلُمْعَةِ الِاعْتِقَاد: نعم ايها الاخوة: يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي الْمُؤْمِنِينَ{رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ{يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ(وَيَقُولُ تَعَالَى فِي الْكُفَّارِ{وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ{اِتَّبَعُوا مَااَسْخَطَ اللهَ{كَرِهَ اللهُ انْبِعَاثَهُمْ(نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ كُلُّهَا مِنَ الصِّفَاتِ الْفِعْلِيَّةِ؟ لِاَنَّهُ سُبْحَانَهُ ذَكَرَ فِي هَذِهِ الْآَيَاتِ مَعَانِيَ: كَالْغَضَبِ، وَالسَّخَطِ، وَالرِّضَا، وَالْكُرْهِ، فَهَذِهِ مَعَانِي اَضَافَهَا سُبْحَانَهُ اِلَى نَفْسِهِ، نعم اخي: وَالْاِضَافَةُ هَذِهِ تَقْتَضِي اِضَافَةَ صِفَةٍ وَهِيَ هَذِهِ الْمَعَانِي اِلَى مَوْصُوفٍ بِهَا وَهُوَ اللهُ جَلَّ جَلَالُهُ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنَّ الْمُؤَوِّلَةَ يَتَاَوَّلُونَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْآَيَاتِ وَالنُّصُوصِ الْقُرْآَنِيَّةِ! فَيَقُولُونَ فِي مِثْلِ صِفَةِ الرِّضَا: اَنَّهَا اِرَادَةُ الْاِنْعَامِ، وَاَمَّا الْغَضَبُ: فَهُوَ اِرَادَةُ الِانْتِقَامِ، وَنَقُولُ لِهَؤُلَاءِ الْمُؤَوِّلَةِ: لِمَاذَا اَوَّلْتُمُ الْغَضَبَ بِاِرَادَةِ الِانْتِقَامِ!؟ قَالُوا:؟ لِاَنَّ حَقِيقَةَ الْغَضَبِ هُوَ ثَوَرَانُ دَمِ الْقَلْبِ وَغَلَيَانُهُ وَهَذَا يَجِبُ تَنْزِيهُ اللهِ جَلَّ وَعَلَا عَنْهُ، وَنَقُولُ لَهُمْ: لَاشَكَّ، وَفِعْلاً وَقَوْلاً وَاحِداً يَجِبُ تَنْزِيهُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ مِثْلِ هَذَا كَمَا ذَكَرْتُمْ، وَلَكِنْ اَخِي هَلْ هَذَا هُوَ الْغَضَبُ كَمَا يَزْعُمُون!؟ نَعَمْ اَخِي:عِنْدَمَا تُحَاوِلُ اَنْ تَفْهَمَ الْآَيَاتِ وَالنُّصُوصَ وَالصِّفَاتِ وَتُقَارِنَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ شُبَهِ الْمُؤَوِّلَةِ، لَابُدَّ اَنْ تَغُوصَ اَخِي دَائِماً اِلَى اَصْلِ كَلَامِهِمْ وَشُبْهَتِهِمْ؟ حَتَّى تَسْتَطِيعَ الرَّدَّ عَلَيْهِمْ؟ لِاَنَّهُمْ اَحْيَاناً يُمْكِنُ اَنْ يُزَخْرِفُوا اَقْوَالَهُمْ؟ لِيَخْدَعُوا النَّاسَ بِهَا، لَكِنْ اِذَا رَجَعْتَ اَخِي اِلَى اَصْلِ كَلَامِهِمْ، وَجَدْتَّ اَنَّهُ بَاطِلٌ، وَنَحْنُ نَتَحَدَّثُ هُنَا عَنِ الْاَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ قَبْلَهُمْ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ، فَهَؤُلَاءِ يَقُولُون: اَلْغَضَبُ هُوَ اِرَادَةُ الِانْتِقَامِ! وَنَقُولُ لَهُمْ لِمَاذَا!؟ قَالُوا:؟ لِاَنَّ حَقِيقَةَ الْغَضَبِ هُوَ غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ، وَنَقُولُ لَهُمْ: كَلَامُكُمْ هُوَ جُزْءٌ صَغِيرٌ مِنَ الْحَقِيقَةِ وَلَيْسَ الْحَقِيقَةَ كُلَّهَا لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْحَقِيقَةَ الصَّائِبَةَ الصَّحِيحَةَ لَيْسَ كَمَا تَقُولُونَ، بَلْ اِنَّ الْغَضَبَ هُوَ صِفَةٌ مُشْتَرَكَةٌ بَيْنَ اللهِ وَبَيْنَ ابْنِ آَدَمَ، وَلَكِنْ لَايَنْشَاُ عَنْهَا غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ فِي الذَّاتِ الْاِلَهِيَّةِ الَّتِي لَيْسَ كَمِثْلِهَا شَيْءٌ، وَاِنَّمَا يَنْشَاُ عَنْهَا فِي ابْنِ آَدَمَ فِي حَالِ غَضَبِهِ غَلَيَانُ دَمِ الْقَلْبِ، وَاحْمِرَارُ دَمِ الْوَجْهِ، وَانْتِفَاخُ اَوْدَاجِهِ، اِلَى مَاهُنَالِكَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْغَلَيَانَ، وَالثَّوَرَانَ، وَالِاحْمِرَارَ، وَالِانْتِفَاخَ، هُوَ اَمْرٌ صَادِرٌ عَنِ الْغَضَبِ، وَيَنْتُجُ عَنْهُ، وَلَيْسَ هُوَ الْغَضَبَ بِحَدِّ ذَاتِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ هَؤُلَاءِ يُؤَوِّلُونَ تَاْوِيلَاتٍ غَيْرَ مُوَفَّقَةٍ لِمَاذَا؟! لِاَنَّهُمْ بَنَوْا تَاْوِيلَاتِهِمْ عَلَى مُقَدِّمَاتٍ بَاطِلَةٍ، نَعَمْ اَخِي: وَاَصْلُ هَذَا التَّاْوِيلِ الَّذِي عِنْدَهُمْ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ اَهْدَافِهِمْ فِي نَفْيِ الصِّفَاتِ كَالرِّضَا وَالْغَضَبِ وَغَيْرِهَا: هُوَ مِنْ جَرَّاءِ الْقَوْلِ بِنَفْيِ الصِّفَاتِ الِاخْتِيَارِيَّةِ! وَاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَايَتَّصِفُ بِصِفَةٍ فِي وَقْتٍ دُونَ وَقْتٍ! بَلْ اِمَّا اَنْ يَتَّصِفَ بِهَا عِنْدَهُمْ مُطْلَقاً! وَاِمَّا اَلَّا يَتَّصِفَ بِهَا مُطْلَقاً! وَلِهَذَا يُؤَوِّلُونَهَا! وَلَكِنْ لِمَاذَا يُؤَوِّلُونَهَا اِلَى الْاِرَادَةِ بِاِنْعَامِهِ فِي الرِّضَا؟ وَاِلَى الْاِرَادَةِ بِانْتِقَامِهِ سُبْحَانَهُ فِي الْغَضَبِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: لِاَنَّ الْاِرَادَةَ عِنْدَهُمْ: هِيَ مِنَ الصِّفَاتِ السَّبْعِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يُثْبِتُونَهَا! وَلِذَلِكَ يُؤَوِّلُونَ الصِّفَاتِ الْاُخْرَى غَيْرِ السَّبْعِ بِاِحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ السَّبْعِ الَّتِي يُثْبِتُهَا الْاَشَاعِرَةُ وَالْمَاتُرِيدِيَّةُ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ، وَلِذَلِكَ هُمْ يُؤَوِّلُونَ هَذِهِ الْآَيَاتِ الَّتِي ذَكَرْنَاهَا فِي الْبِدَايَةِ بِاِحْدَى هَذِهِ الصِّفَاتِ السَّبْعِ الْعَقْلِيَّةِ الَّتِي يُثْبِتُونَهَا وَلَايُثْبِتُونَ غَيْرَهَا! بَلْ كُلُّ الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ الْاِلَهِيَّةِ عِنْدَهُمْ هِيَ خَاضِعَةٌ لَهَذِهِ الصِّفَاتِ السَّبْعِ الْعَقْلِيَّةِ فِي عُقُولِهِمُ الْقَاصِرَةِ الْمَحْدُودَةِ! نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ وَالْجَهْمِيَّةُ الْمُعَطِّلَةُ لِصِفَاتِ اللهِ! فَيَجْعَلُونَ الْاِسْمَ الْاِلَهِيَّ اَوِ الصِّفَةَ الرَّبَّانِيَّةَ يُرَادُ بِهِمَا مَخْلُوقاً مُنْفَصِلاً: بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{رَضِيَ اللُهُ عَنْهُمْ(اَنَّ الرِّضَا هُنَا بِمَعْنَى الْمَرْضِيَّ عَنْهُ! وَيَقُولُونَ اَيْضاً فِي الْغَفُورِ: بِمَعْنَى الْمَغْفُورِ لَهُ! وَيَقُولُونَ فِي الرَّحِيمِ: بِمَعْنَى الْمَرْحُومِ! بِمَعْنَى اَخِي اَنَّهُمْ يُنْكِرُونَ الرَّاضِيَ كَصِفَةٍ لِلهِ! وَيُنْكِرُونَ الْغَفُورَ اَيْضاً كَصِفَةٍ لِلهِ! وَيُنْكِرُونَ الرَّحِيمَ اَيْضاً كَصِفَةٍ لَهُ سُبْحَانَهُ! وَلَايُثْبِتُونَهَا جَمِيعاً اِلَّا بِمَا يَحْصَلُ لِلْعَبْدِ مِنَ الرِّضْوَانِ! وَالرَّحْمَةِ! وَالْمَغْفَرَةِ! وَكَاَنَّ رَبَّ الْعَالَمِينَ الْخَالِقَ عِنْدَهُمْ هُوَ اِلَهٌ جَافٌّ! عَدِيمُ الْاِحْسَاسِ وَالْمَشَاعِرِ! وَلَايَظْهَرُ عَلَيْهِ أَيُّ اَثَرٍ مِنْ رَحْمَةٍ! اَوْ مَغْفِرَةٍ! اَوْ رِضْوَانٍ! اَوْ غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ! وَاِنَّمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى مَخْلُوقِهِ فَقَطْ! وَلِذَلِكَ اَخِي: فَاِنَّ الرَّاضِيَ، الْغَفُورَ، الرَّحِيمَ، عِنْدَ هَؤُلَاءِ: لَيْسَ هُوَ اللهُ الْخَالِقُ! وَاِنَّمَا هُوَ الْعَبْدُ الْمَخْلُوقُ الْمَرْضِيُّ عَنْهُ! الْمَغْفُورُ لَهُ! وَالْمَرْحُومُ! بِمَعْنَى اَنَّ كَلِمَةَ رَاضِي، غَفُورٍ، رَحِيمٍ، عِنْدَ هَؤُلَاءِ وَاِنْ جَاءَتْ فِي الْآَيَاتِ بِصِيغَةِ اسْمِ فَاعِلٍ، وَلَكِنَّ اسْمَ الْفَاعِلِ عِنْدَهُمْ هُنَا: اَتَى بِمَعْنَى اسْمِ الْمَفْعُولِ! لِمَاذَا؟ لِيَبْخَسُوا اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى جَمِيعَ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ! بَلْ لِيَبْخَسُوا اَيْضاً صِفَةَ الْمُتَكَلِّمِ سُبْحَانَهُ! وَهُوَ كَلَامُهُ الْقُرْآَنِيُّ الَّذِي يَعْتَبِرُونَهُ مَخْلُوقاً اَيْضاً وَهَذَا هُوَ رَاْيُ الْجَهْمِيَّةِ وَالْمُعْتَزِلَة، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمَاتُرِيدِيَّةُ وَالْاَشَاعِرَةُ وَالْكُلَابِيَّةُ: فَهُمْ يُفَسِّرُونَ الصِّفَاتِ الْاِلَهِيَّةَ بِاِحْدَى الصِّفَاتِ الْعَقْلِيَّةِ السَّبْعِ الَّتِي عِنْدَهُمْ، فَتَارَةً يُفَسِّرُونَهَا بِالْاِرَادَةِ فِي بَعْضِ الصِّفَاتِ الْاِلَهِيَّةِ الَّتِي اَثْبَتَهَا اللهُ تَعَالَى لِنَفْسِهِ مِنْ دُونِ تَعْطِيلٍ! وَتَارَةً يُفَسِّرُونَ التَّوْفِيقَ الْاِلَهِيَّ وَالْخُذْلَانَ لِعَبْدِهِ بِالْقُدْرَةِ الْاِلَهِيَّةِ! وَلَايُثْبِتُونَ مِنَ التَّوْفِيقِ الْاِلَهِيِّ وَالْخُذْلَانِ اِلَّا الْقُدْرَةَ! نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا نَحْنُ: فَنُثْبِتُ هَذِهِ الصِّفَاتِ كَمَا اَثْبَتَهَا اللهُ لِنَفْسِهِ، وَلَانَخْرُجُ عَمَّا اَثْبَتَهُ اللهُ لِنَفْسِهِ مِنْهَا قِيدَ اَنْمُلَةٍ سَوَاءٌ كَانَتْ صِفَاتٍ ذَاتِيَّةً، اَوْ فِعْلِيَّةً، اَوِ اخْتِيَارِيَّةً، اَوْ غَيْرَ اخْتِيَارِيَّةٍ، فَهَذِهِ جَمِيعاً نُثْبِتُهَا لِلهِ تَعَالَى كَمَا اَثْبَتَهَا لِنَفْسِهِ عَزَّ وَجَلَّ، دُونَ اَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَهَا كَتَفْرِيقِ الْاَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ وَالْكُلَّابِيَّةِ وَتَصْنِيفِهِمْ لَهَا، وَدُونَ اَنْ نَحْصُرَهَا فِي صِفَاتٍ سَبْعٍ عَقْلِيَّةٍ كَمَا يَحْصُرُونَهَا هُمْ، وَدُونَ اَنْ نَحْصُرَهَا اَيْضاً جَمِيعَهَا فِي الذَّاتِ الْاِلَهِيَّةِ كَمَا يَحْصُرُهَا الْمُعْتَزِلَةُ الْمُصَابُونَ بِعَمَى الْاَلْوَانِ عَلَى الْقَاعِدَةِ الْبَاطِلَةِ الْمَشْهُورَةِ الْمَعْرُوفَةِ عِنْدَهُمْ وَهِيَ قَوْلُهُمْ عَنْ صِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ وَاَسْمَائِهِ اَنَّهَا عَيْنُ ذَاتِهِ دُونَ اَنْ يُفَرِّقَ الْمُعْتَزِلَةُ الْحَمْقَى بَيْنَ لَوْنٍ وَلَوْنٍ آَخَرَ مُخْتَلِفٍ مِنْ اَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ سُبْحَانَهُ، بَلْ نُثْبِتُهَا كَمَا جَاءَ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَعَلَى الْمَقَاسِ وَ الْخِيَاطَةِ وَالتَّفْصِيلِ الَّذِي رَضِيَهُ سُبْحَانَهُ لِنَفْسِهِ وَلِذَاتِهِ الْعَلِيَّةِ وَلِاَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَاَخْبَرَنَا بِهِ دُونَ اَنْ نَقُومَ بِالتَّعْدِيلِ عَلَيْهِ وَهَذَا اَصْلٌ مِنَ الْاُصُول الشرعية، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الِاتِّصَافُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ جَمِيعاً لِلهِ تَعَالَى: هُوَ دَائِماً مَبْنِيٌّ عَلَى اَسَاسِ الْقَاعِدَةِ الشَّرْعِيَّةِ الْقُرْآَنِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير(نَعَمْ اَخِي: وَالْكَافُ هُنَا فِي قَوْلِهِ {كَمِثْلِهِ(هِيَ صِلَةٌ زَائِدَةٌ كَمَا يَقُولُ بَعْضُ اَهْلِ الْعِلْمِ، وَمَعْنَى كَوْنِهَا زَائِدَةٌ: اَنَّهَا لِلتَّاْكِيدِ، وَاَصْلُ الْكَلَامِ{لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْء(نَعَمْ اَخِي: وَالْعَرَبُ فِي لُغَتِهَا الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى: تَزِيدُ حَرْفاً اَوْ كَلِمَةً، وَتُرِيدُ بِهَذِهِ الزِّيَادَةِ: تَكْرِيرَ الْجُمْلَةِ؟ مِنْ اَجْلِ تَاْكِيدِهَا، نَعَمْ اَخِي: فَقَوْلُهُ تَعَالَى{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لِبَعْضِ اَهْلِ الْعِلْمِ وَهُوَ اَنَّ الْكَافَ صِلَة: هُوَ بِمَعْنَى: كُونُوا مُتَاَكِّدِينَ اَيُّهَا النَّاسُ{لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْءٌ، لَيْسَ مِثْلَهُ شَيْء(وَهُوَ تَاْكِيدٌ لِلْجُمْلَةِ بِتَكْرَارِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى{لَااُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ{لَااُقْسِمُ بِهَذَا الْبَلَدِ(هَلْ هُوَ تَرْكٌ لِلْقَسَمِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اَلْقَوْلُ الظَّاهِرُ الرَّاجِحُ لِاَهْلِ الْعِلْمِ: اَنَّهُ قَسَمٌ وَلَيْسَ تَرْكاً لِلْقَسَمِ وَلِذَلِكَ فَاِنَّ{لَااُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ(مَعْنَاهَا: اُقْسِمُ، لَكِنْ كَلِمَةُ لَا هُنَا اَخِي هِيَ صِلَةٌ لِتَاْكِيدِ الْقَسَمِ، وَهِيَ كَالْكَافِ هُنَاكَ الَّتِي هِيَ صِلَةٌ لِتَاْكِيدِ النَّفْيِ فِي الْمِثْلِيَّةِ الْاِلَهِيَّةِ عَلَى الشَّكْلِ التَّالِي{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( نَعَمْ اَخِي: فَيَكُونُ الْمَعْنَى بِوُجُودِ لَا هَذِهِ كَالتَّالِي: {اُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَةِ، اُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيَامَة( وَهَذَا مِنْ اَسْرَارِ اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ الْقُرْآَنِيِّ الشَّرِيف، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْقَوْلُ الْآَخَرُ لِلْبَعْضِ الْآَخَرِ مِنْ اَهْلِ الْعِلْمِ: فَهُوَ اَنَّ الْكَافَ هُنَا فِي قَوْلِهِ{ لَيْسَ كَمِثْلِهِ(هِيَ لِلْمِثْلِ، بِمَعْنَى: اَنَّ الْكَافَ هُنَا هِيَ اسْمٌ يُعَبِّرُ عَنْهُ حَرْفُ الْكَافِ بِالْمَعْنَى التَّالِي{لَيْسَ مِثْلَ مِثْلِهِ شَيْءٌ(وَهَذَا يَقْتَضِي الْمُبَالَغَةَ فِي نَفْيِ الْمَثِيلِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ، نَعَمْ اَخِي: وَاحْتَجَّ هَؤُلَاءِ لِوُرُودِ الْكَافِ بِمَعْنَى (مِثْلَ) بِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ{ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ(أَيْ فَهِيَ مِثْلُ الْحِجَارَةِ{ اَوْ اَشَدُّ قَسْوَةً(وَاحْتَجُّوا اَيْضاً بِقَوْلِ الشَّاعِرِ: لَوْ كَانَ فِي قَلْبِي كَقَدْرِ قُلَامَةٍ(أَيْ مِثْلُ قَدْرِ قُلَامَةٍ(حُبّاً لِغَيْرِكِ، مَااَتَتْكِ رَسَائِلِي، نَعَمْ اَخِي: فَالْكَافُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{كَمِثْلِهِ(اِمَّا اَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى هَذَا الْقَوْلِ مِنْ بَعْضِ اَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْفَرِيقِ الْاَوَّلِ وَهُوَ اَنَّهَا لِلتَّكْرَارِ مِنْ اَجْلِ التَّاْكِيدِ، وَاِمَّا اَنْ تَكُونَ بِمَعْنَى الْمِثْلِ عَلَى مَعْنَى الْقَوْلِ الْآَخَرِ مِنْ بَعْضِ اَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الْفَرِيقِ الثَّانِي مِنْ اَجْلِ الْمُبَالَغَةِ فِي نَفْيِ الْمِثْلِيَّةِ، نَعَمْ اَخِي: فَقَوْلُهُ تَعَالَى{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ( يَحْتَوِي عَلَى اَبْلَغِ النَّفْيِ بَلَاغَةً عَرَبِيَّةً فُصْحَى لِوُجُودِ الْمَثِيلِ لِلهِ تَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ بَعْدَ اَنْ نَفَى سُبْحَانَهُ اَثْبَتَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ( عَلَى الْقَاعِدَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْمَعْرُوفَةِ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ: وَهِيَ اَنَّ النَّفْيَ يَكُونُ مُجْمَلاً: وَاَنَّ الْاِثْبَاتَ يَكُونُ مُفَصَّلاً، كَيْفَ ذَلِكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: نَفَى سُبْحَانَهُ بِالْاِجْمَالِ الْمُجْمَلِ فِي قَوْلِهِ{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ(ثُمَّ فَصَّلَ سُبْحَانَهُ فَقَالَ{وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(لَكِنْ لِمَ خَصَّ سُبْحَانَهُ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ فِي هَذَا التَّفْصِيلِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: قَالَ بَعْضُ اَهْلِ الْعِلْمِ: وَصَفَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا نَفْسَهُ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ؟ لِاَنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ مِنْ اَكْثَرِ الصِّفَاتِ اشْتِرَاكاً بَيْنَ ذَوَاتِ الْاَرْوَاحِ مِنَ الْاِنْسِ، وَالْجِنِّ، وَالْمَلَائِكَةِ، وَالْجَمَادِ، وَالْحَيَوَانِ، وَالْحَشَرَاتِ، وَالنَّبَاتِ، نَعَمْ اَخِي: فَالسَّمْعُ وَالْبَصَرُ يُوجَدُ فِي الذُّبَابِ، وَيُوجَدُ فِي النَّمْلِ، وَيُوجَدُ فِي الْبَعُوضِ، وَيُوجَدُ فِي الْاِنْسَانِ، وَيُوجَدُ فِي الْحَيَوَانِ كَالْهِرِّ وَالْكَلْبِ وَغَيْرِهِ: بِمَعْنَى اَنَّ جَمِيعَ الْمَخْلُوقَاتِ فِيهَا سَمْعٌ وَبَصَرٌ، لَكِنْ اَخِي: هَلْ سَمْعُ الْبَعُوضِ وَبَصَرُهُ؟ هَلْ هُوَ مِثْلُ سَمْعِ الْاِنْسَانِ وَبَصَرِهِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي لَا: لَكِنْ يَشْتَرِكُ ابْنُ آَدَمَ مَعَ الْبَعُوضِ اَوْ مَعَ الذُّبَابِ فِي بَعْضِ مَعْنَى السَّمْعِ وَالْبَصَرِ؟ لِاَنَّ السَّمْعَ هُوَ مَاتُدْرَكُ بِهِ الْمَسْمُوعَاتُ؟ وَلِاَنَّ الْبَصَرَ هُوَ مَاتُدْرَكُ بِهِ الْمَرْئِيَّاتُ، نَعَمْ اَخِي: فَالْبَعُوضُ لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ يُنَاسِبُ ذَاتَهُ، وَابْنُ آَدَمَ اَيْضاً لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ يُنَاسِبُ ذَاتَهُ وَيَخْتَلِفُ عَنْ سَمْعِ الْبَعُوضِ وَبَصَرِهِ وَلَايُقَارَنُ بِهِمَا، نَعَمْ اَخِي: فَنَبَّهَ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ وَهُمَا السَّمْعُ وَالْبَصَرُ؟ لِاَجْلِ اشْتِرَاكِهِمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ ذَوَاتِ الْاَرْوَاحِ اِلَى اَنَّهُ: كَمَا اَنَّهَا لَاتَتَمَاثَلُ ذَوَاتُ الْاَرْوَاحِ فِي الاتِّصَافِ بِهَاتَيْنِ الصِّفَتَيْنِ، فَكَذَلِكَ اللهُ جَلَّ وَعَلَا لَهُ سَمْعٌ وَبَصَرٌ{لَيْسَ كَمِثْلِهِمَا شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ(قَاطِعاً بِذَلِكَ سُبْحَانَهُ لِلْمُمَاثَلَةِ، وَقَاطِعاً لِطَمَعِ مَخْلُوقَاتِهِ وَاَمَلِهِمْ فِي اِدْرَاكِ الْكَيْفِيَّةِ لِصِفَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِذَلِكَ اَخِي لَهُ جَلَّ وَعَلَا سَمْعٌ وَبَصَرٌ يُنَاسِبُ ذَاتَهُ الْعَظِيمَةَ الْجَلِيلَةَ جَلَّ وَعَلَا وَتَقَدَّسَ وَتَعَاظَمَ كَمَا اَنَّ لَهُ كُرْهاً وَغَضَباً وَرِضاً يُنَاسِبُ ذَاتَهُ الْمُقَدَّسَةَ وَلَايُنَاسِبُ ذَاتَ اَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ اَنْ يُمَاثِلُوهُ فِيهِ وَلَايُنَاسِبُهُ سُبْحَانَهُ اَيْضاً وَلَايَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ مُمَاثَلَةُ اَحَدٍ مِنْ خَلْقِهِ.... ونكتفي بهذا القدر ونبدا بالمشاركة على بركة الله: اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: يَقُولُ اللهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ وَاَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ، وَاِنْ تَعْفُوا، وَتَصْفَحُوا، وَتَغْفِرُوا، فَاِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم، اِنَّمَا اَمْوَالُكُمْ وَاَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَاللهُ عِنْدَهُ اَجْرٌ عَظِيم(صَدَقَ اللهُ الْعَظِيم، نَعَمْ اَخِي: اَلْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْآَبَاءِ، وَبَيْنَ الْاَوْلَادِ، وَبَيْنَ الْاَزْوَاجِ، يَجِبُ اَنْ تَكُونَ عَلَاقَةً قَائِمَةً عَلَى الْمَوَدَّةِ وَالرَّحْمَةِ وَالْحُبِّ، وَهَذَا يَقْتَضِي اَلَّا يَسْعَى اَحَدُ هَؤُلَاءِ اَنْ يُكَلِّفَ الْآَخَرَ بِمَا لَايُطِيقُ، اَوْ اَنَّهُ يَكُونُ سَبَباً فِي اِيصَالِهِ اِلَى غَضَبِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: فَالْعَدَاوَةُ قَدْ تَكُونُ عَدَاوَةً ذَاتِيَّةً: كَاَنْ يَكْرَهَ اِنْسَانٌ مَا اِنْسَاناً آَخَرَ، نَعَمْ اَخِي: وَقَدْ تَكُونُ الْعَدَاوَةُ عَدَاوَةً فِعْلِيَّةً: كَاَنْ يُحِبَّ اِنْسَانٌ اِنْسَاناً آَخَرَ، وَلَكِنْ مَاذَا بَعْدَ هَذَا الْحُبّ؟ نَعَمْ اَخِي: فَمَثَلاً: اَلْاَبُ يُحِبُّ وَلَدَهُ وَلَيْسَ عَدُوّاً لَهُ، وَلَكِنْ قَدْ يَسِيرُ مَعَ وَلَدِهِ تَحْقِيقاً مُطْلَقاً اَعْمَى لِرَغَبَاتِهِ وَيَكُونُ وَلَدُهُ عَلَى ضَلَالٍ، وَيَعْلَمُ اَنَّ وَلَدَهُ مُنْحَرِفٌ وَاَنَّهُ يُرِيدُ اَنْ يَاْكُلَ حَقَّ الْآَخَرِين، نَعَمْ اَخِي: وَالْوَالِدُ وَالْوَالِدَةُ يَعْلَمَانِ بِذَلِكَ، وَمَعَ ذَلِكَ يَسْعَيَانِ دَائِماً اِلَى اَنْ يَكُونَا فِي جَانِبِ وَلَدِهِمَا، نَعَمْ اَخِي: هُمَا يُحِبَّانِهِ وَنَحْنُ لَانُنْكِرُ ذَلِكَ، لَكِنْ حِينَمَا يُعِينَانِهِ عَلَى الضَّلَالِ وَعَلَى اَكْلِ اَمْوَالِ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ، هَلْ صَارَ الْوِالِدَانِ هُنَا عَدُوَّيْنِ لِوَلَدِهِمَا بِفِعْلِهِمَا؟ اَمْ بِذَاتِهِمَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ بِفِعْلِهِمَا وَهَذَا اَخْطَرُ مَايَكُون، نَعَمْ اَخِي: وَنَادِراً مَانَرَى فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِنْسَانِيِّ اَباً يَكْرَهُ وَلَدَهُ اَوْ اُمّاً تَكْرَهُ وَلَدَهَا، فَهَذَا شَيْءٌ شَاذٌّ وَنَادِرٌ جِدّاً، لَكِنْ هُنَاكَ كُرْهٌ بِالْفِعْلِ يَتَفَشَّى فِي الْمُجْتَمَعِ الَّذِي يَخْضَعُ لِلْعَاطِفَةِ وَلَايَخْضَعُ لِلْحَقِّ، نَعَمْ اَخِي: وَالْحَقُّ يَجِبُ اَنْ يَكُونَ فَوْقَ الْجَمِيعِ، وَهَذِهِ كَلِمَةٌ هَيِّنَةٌ لَيِّنَةٌ مَااَسْهَلَ اَنْ نَقُولَهَا لِلْجَمِيعِ، وَلَكِنْ عِنْدَ التَّطْبِيقِ الْعَمَلِيِّ: هُنَا يَظْهَرُ الْمُؤْمِنُ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ عَلَى حَقِيقَتِهِمَا، فَيَاتُرَى اِذَا كَانَ الْحَقُّ اَخِي عَلَى اَبِيكَ اَوْ عَلَى وَلَدِكَ، هَلْ تَعْتَرِفُ بِذَلِكَ؟ فَاِذَا اعْتَرَفْتَ بِذَلِكَ فَاَنْتَ اِنْسَانٌ بَارٌّ بِرَبِّكَ قَبْلَ اَنْ تَكُونَ بَارّاً بِوَالِدَيْكَ؟ لِاَنَّكَ لَمْ تُسَاعِدْهُمَا عَلَى ضَلَال، وَكَذَلِكَ بِالْعَكْسِ: اِذَا اعْتَرَفَ اَبُوكَ وَاُمُّكَ عَلَيْكَ اَوْ عَلَى جَدِّكَ اَوْ جَدَّتِكَ فَهُمَا فِي مِيزَانِ اللهِ بَارَّيْنِ بِرَبِّهِمَا وَآبَوَيْهِمَا وَاَوْلَادِهِمَا وَلِهَذَا جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ{ كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلهِ وَلَوْ عَلَى اَنْفُسِكُمْ اَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْاَقْرَبِينَ: اِنْ يَكُنْ غَنِيّاً اَوْ فَقِيراً فَاللهُ اَوْلَى بِهِمَا: فَلَا تَتَّبِعُوا الْهَوَى(مِنَ الْحُبِّ وَالشَّفَقَةِ الَّذِي يَمْنَعُكُمْ{اَنْ تَعْدِلُوا(فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، اَوْ فِيمَا بَيْنَ غَيْرِكُمْ وَبَيْنَهُمْ{ وَاِنْ تَلْوُوا(أَيْ تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ اَوْ تُغَيِّرُوهَا اَوْ تُحَرِّفُوهَا زُوراً وَبُهْتَاناً{ اَوْ تُعْرِضُوا(عَنِ الْاِدْلَاءِ بِشَهَادَةٍ عَادِلَةٍ{ فَاِنَّ اللهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرَا{وَلَايَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ( أيْ لايَمْنَعُكُمْ حِقْدٌ اَوْ ضَغِينَةٌ عَلَى قَوْمٍ{عَلَى اَلَّا تَعْدِلُوا( أَيْ لَا تَتْرُكُوا الْعَدْلَ فِيمَا بَيْنَهُمْ، اَوْ فِيمَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ، اَوْ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ وَغَيْرِكُمْ فِي جَمِيعِ الْاَحْوَالِ الْعَدَائِيَّةِ وَالْوُدِّيَّةِ مَعاً{اِعْدِلُوا هُوَ اَقْرَبُ لِلتَّقْوَى، وَاتَّقُوا اللهَ، اِنَّ اللهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون( نَعَمْ اَخِي: فَالْمَحَبَّةُ وَالْمَوَدَّةُ وَالْاُلْفَةُ: يَجِبُ اَنْ تَكُونَ جَمِيعاً قَائِمَةً عَلَى مَايُرْضِي اللهَ وَرَسُولَهُ، فَاِذَا تَعَارَضَتْ مَحَبَّةُ اللهِ مَعَ مَحَبَّةِ هَؤُلَاءِ، فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تُقَدِّمَ مَحَبَّةَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَالْاَهْلِ وَالْآَلِ وَالصَّحَابَةِ دَائِماً عَلَى مَحَبَّةِ هَؤُلَاءِ، نَعَمْ اَخِي:{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ اِنَّ اَزْوَاجَكُمْ وَاَوْلَادَكُمْ عَدُوٌّ لَكُمْ، فَلَوْ قَالَ ذَلِكَ سُبْحَانَهُ: فَمَعْنَى ذَلِكَ اَنَّ الْعَدَاوَةَ قَائِمَةٌ بَيْنَ الْجَمِيعِ وَهَذَا خِلَافُ الْوَاقِعِ الَّذِي نَعِيشُهُ وَنَرَى فِيهِ كَثِيراً مِنَ الْاَزْوَاجِ وَالْاَوْلَادِ الْمُتَّفِقِينَ فِيمَا بَيْنَهُمْ بَلْ تَرْبُطُهُمْ عَلَاقَةٌ حَمِيمِيَّةٌ، وَاِنَّمَا قَالَ سُبْحَانَهُ{اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ(وَكَلِمَةُ مِنْ هُنَا: تُسَمَّى فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ مِنْ اَلتَّبْعِيضِيَّةَ الَّتِي تُشِيرُ اِلَى بَعْضِ الْحَالَاتِ الزَّوْجِيَّةِ الْعَدَائِيَّةِ فِيمَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اَوْلَادِهَا فِي الْمُجْتَمَعِ الْاِنْسَانِيِّ وَلَيْسَ اِلَى الْكُلِّ، اَوْ تُشِيرُ اِلَى بَعْضِ الْاَوْلَادِ الْعَدَائِيِّينَ وَالْاَزْوَاجِ وَلَيْسَ اِلَى كُلِّ الْاَوْلَادِ وَالْاَزْوَاجِ وَاِلَّا فَاِنَّ الْمُجْتَمَعَ الْاِنْسَانِيَّ لَايُعْدَمُ مِنَ الزَّوْجِ الْمِثَالِيِّ وَالزَّوْجَةِ الْمِثَالِيَّةِ وَالْوَلَدِ الْمِثَالِيِّ الْبَارِّينَ جَمِيعاً بِاَزْوَاجِهِمْ وَاَوْلَادِهِمْ وَآَبَائِهِمْ وَاُمَّهَاتِهِمْ، فَلَيْسَ جَمِيعُ اَوْلَادِكَ وَاَزْوَاجِكَ هُمْ اَعْدَاءٌ لَكَ يَااَخِي الْمُؤْمِنُ وَيَااَخِي غَيْرُ الْمُؤْمِن نَعَمْ اَخِي:{اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ(وَكَلِمَةُ اَزْوَاجٍ: جَمْعٌ مُفْرَدُهُ زَوْجٌ، وَالزَّوْجُ فِي اللُّغَةِ: يُطْلَقُ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَعَلَى الْمُؤَنَّثِ، وَلِذَلِكَ فِي الْقُرْآَنِ الْكَرِيم{اَلنَّبِيُّ اَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ اُنْفُسِهِمْ(وَلَمْ يَقُلْ سُبْحَانَهُ: وَزَوْجَاتُهُ بِجَمْعٍ مُفْرَدُهُ زَوْجَةٌ مُؤَنَّثَةٌ، وَاِنَّمَا قَالَ{وَاَزْوَاجُهُ اُمَّهَاتُهُمْ( بِجَمْعٍ مُفْرَدُهُ زَوْجٌ مُذَكَّرٌ؟ لِيُشِيرَ بِذَلِكَ اِلَى اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ الْفُصْحَى الَّتِي تُطْلِقُ كَلِمَةَ زَوْجٍ عَلَى الْمُذَكَّرِ وَعَلَى الْمُؤَنَّثِ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: وَاَضْرِبُ لَكَ اَمْثِلَةُ عَلَى هَذِهِ الْعَدَاوَاتِ الْقَائِمَةِ بَيْنَ النَّاسِ: وَنَبْدَاُ بِصُحْبَةِ الطَّاوِلَةِ الْمُخَامِرَةِ الْمُقَامِرَةِ الَّتِي لَاتُنْسَى فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِزَعْمِهِمْ، فَهَؤُلَاءِ اِنْ لَمْ يَتُوبُوا اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً فَمَاذَا سَتَكُونُ نَتِيجَتُهُمْ فِي الْآَخِرَةِ:{اَلْاَخِلَّاءُ(الَّذِينَ كَانُوا فِي الدُّنْيَا اَخِلَّاءَ بِجَمْعٍ مُفْرَدُهُ خَلِيلٌ وَهُوَ الصَّاحِبُ، بَلْ كَانُوا فِي الدُّنْيَا مِنْ اَعَزِّ الْاَصْدِقَاءِ وَالْاَصْحَابِ تَجْمَعُهُمْ مَصَالِحُ مَادِّيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ، فَاِذَا اسْتَطَاعُوا فِي الدُّنْيَا النَّجَاةَ مِنْ كَيْدِ الشَّيْطَانِ الضَّعِيفِ وَهُوَ{اَنْ يُوقِعَ بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ(فَلَنْ يَسْتَطِيعُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ النَّجَاةَ مِنْ قَوْلِهِ تَعَالَى{اَلْاَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ اِلَّا الْمُتَّقِين(بَلْ سَتَكُونُ نِهَايَتُهُمْ فِي جَهَنَّمَ وَقُوداً مِنَ الْمَحْرُوقَاتِ الَّتِي يُحْرِقُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضاً، وَيَرْفُسُ بِهَا بَعْضُهُمْ بَعْضاً وَيَنْطَحُهُ بِقُرُونِهِ الشَّيْطَانِيَّةِ الْاِنْسِيَّةِ، وَيَبْصُقُ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوهِ بَعْضٍ، بَلْ وَيَبُولُ بَعْضُهُمْ عَلَى وُجُوهِ بَعْضٍ مَاءً حَمِيماً صُبَّ فَوْقَ رُؤُوسِهِمْ اِلَى اَنْ وَصَلَ اِلَى دَاخِلِ اَجْسَامِهِمْ فَقَطَّعَ اَمْعَاءَهُمْ ثُمَّ خَرَجَ بَوْلاً مِنَ الْمَكَانِ الْمَعْرُوفِ، بَلْ وَيَتَغَوَّطُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ قَيْحاً وَصَدِيداً وَغَسَّاقاً، وَهُمْ رَهْنٌ بِمَشِيئَةِ اللهِ، اِنْ شَاءَ سُبْحَانَهُ اَبْقَاهُمْ فِي جَهَنَّمَ اِلَى اَبَدِ الْآَبِدِينَ، وَاِنْ شَاءَ اَخْرَجَهُمْ بَعْدَ عَذَابٍ طَوِيلٍ، وَاَمَّا اِذَا تَابُوا اِلَى اللهِ تَوْبَةً نَصُوحاً فَهُمْ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ{يَتَنَازَعُونَ فِيهَا كَاْساً لَا لَغْوٌ فِيهَا وَلَا تَاْثِيم( نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا الْمِثَالُ الثَّانِي: فَقَدْ يَكُونُ الرَّجُلُ عَدُوّاً لِامْرَاَتِهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْمَرْاَةُ عَدُوَّةً لِزَوْجِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَالْعَدَاوَةُ هُنَا حَاصِلَةٌ حَتْماً وَلَوْ كَانَتِ الْمَرْاَةُ تُحِبُّ زَوْجَهَا حُبّاً جَمّاً بِعِشْقٍ وَغَرَامٍ لَامَثِيلَ لَهُ وَمَعَ ذَلِكَ تَدْفَعُهُ اِلَى الْكَسْبِ الْحَرَامِ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُحَقِّقَ رَغَبَاتِهَا، نَعَمْ اَخِي: وَهُنَا صَارَتِ الزَّوْجَةُ عَدُوَّةً لِزَوْجِهَا فِي مِيزَانِ اللهِ وَاِنْ لَمْ تَكُنْ عَدُوَّةً لَهُ فِي مِيزَانِ النَّاسِ، فَهَلْ صَارَتْ عَدُوَّةً لَهُ بِالْفِعْلِ اَمْ بِالذَّاتِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بَلْ بِالْفِعْلِ، فَهِيَ تُحِبُّهُ، وَلَكِنَّهَا تَدْفَعُهُ اِلَى اَنْ يُحَقِّقَ رَغَبَاتِهَا بِطُرُقٍ مُلْتَوِيَةٍ غَيْرِ مَشْرُوعَةٍ تَجْلِبُ سَخَطَ اللهِ وَغَضَبَهُ وَلَعْنَتَهُ عَلَيْهِمَا مَعاً؟ بِسَبَبِ طَلَبَاتِهَا الْمُرْهِقَةِ الَّتِي لَاتَنْتَهِي، فَتَرَاهَا اَخِي لَايُعْجِبُهَا اَبَداً مَايَجْلِبُهُ لَهَا زَوْجُهَا مِنْ لِبَاسِ الْحِشْمَةِ، بَلْ تُرِيدُ فَسَاتِينَ خَاصَّةٍ بِالسَّهَرَاتِ الْخَلِيعَةِ الْمَاجِنَةِ، وَفَسَاتِينَ اُخْرَى خَاصَّةٍ بِالْحَفَلَاتِ، وَفَسَاتِينَ خَاصَّةٍ بِالْمَطَابِخِ وَالْحَمَّامَاتِ، وَاُخْرَى خَاصَّةٍ بِعَرْضِ الْاَزْيَاءِ وَالْمُوضَةِ الدَّارِجَةِ، بَلْ لَاتُعْجِبُهَا الْفَسَاتِينُ، وَاِنَّمَا تُرِيدُ بَنْطَلُونَاتٍ بِشَفَافِيَّةٍ عَالِيَةٍ تُجَسِّمُ الْعَوْرَاتِ وَتُظْهِرُهَا عَلَناً اَمَامَ النَّاسِ الْمُعْجَبِينَ وَغَيْرِ الْمُعْجَبِينَ بِوَقَاحَتِهَا، بَلْ لَوْ اَمْكَنَهَا الْخَبِيثَةُ الْحَقِيرَةُ اَنْ تَظْهَرَ عَارِيَةً اَمَامَ النَّاسِ بِمَلَابِسِ الرَّاقِصَاتِ الشَّرْقِيَّاتِ اللَّوَاتِي لَايَسْتُرْنَ اِلَّا شَيْئاً قَلِيلاً مِنْ جَسَدِهِنَّ، لَمَا قَصَّرَتْ فِي ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَمَازَالَتْ طَلَبَاتُهَا الَّتِي لَاتَنْتَهِي قَائِمَةً عَلَى ظَهْرِ حِمَارِهَا! عَفْواً اَخِي: اَقْصُدُ زَوْجَهَا الشَّيْطَانَ الْاِنْسِيَّ الْخَبِيثَ، فَتُرْهِقُهُ، فَيَشُذُّ، وَيَسِيرُ فِي طَرِيقٍ مُنْحَرِفٍ لِكَسْبِ الْمَالِ، نَعَمْ اَخِي: فَهُنَا صَارَتِ الْمَرْاَةُ عَدُوَّةً لِزَوْجِهَا فِي مِيزَانِ اللهِ، نَعَمْ اَخِي: الزَّوْجُ كَذَلِكَ يُحِبُّ زَوْجَتَهُ حُبّاً جَمّاً، وَرُبَّمَا تَزَوَّجَا عَنْ غَرَامٍ وَعَنْ قِصَّةِ حُبٍّ اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَلَكِنْ يَطْلُبُ مِنْهَا اَنْ تَخْرُجَ مُتَبَرِّجَة، نَعَمْ اَخِي: صَارَ الزَّوْجُ هُنَا عَدُوّاً لِزَوْجَتِهِ فِي مِيزَانِ اللهِ بِفِعْلِهِ لَا بِذَاتِهِ؟ لِاَنَّهُ اَرَادَ مِنْهَا اَنْ تَعْصِيَ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، فَانْقَلَبَ الْحُبُّ اِلَى عَدَاوَةٍ بِالْفِعْلِ لَا بِالذَّاتِ، نَعَمْ اَخِي: وَحِينَمَا اَمَرَ اللهُ تَعَالَى الْمُسْلِمِينَ بِالْهِجْرَةِ اِلَى الْمَدِينَةِ: كَانَ بَعْضُ النَّاسِ مِنَ الْاَوْلَادِ وَالْاَزْوَاجِ يَتَمَسَّكُونَ بِعَائِلِهِمْ: بِمَعْنَى اَنَّ الْمَرْاَةَ تَتَمَسَّكُ بِزَوْجِهَا وَلَاتُرِيدُ مِنْهُ اَنْ يُفَارِقَهَا، وَكَذَلِكَ الْوَلَدُ يَتَمَسَّكُ بِاَبِيهِ وَلَايُرِيدُ اَنْ يُفَارِقَهُ وَلَوْ مِنْ اَجْلِ الْهِجْرَةِ اِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، نَعَمْ اَخِي: فَكَانَ الْاَوْلَادُ يَتَمَسَّكُونَ بِآَبَائِهِمْ وَيَقُولُونَ: يَااَبَانَا! كَيْفَ تَتْرُكُنَا! كَيْفَ تُفَارِقُنَا! كَيْفَ تُضَيِّعُنَا! كَيْفَ كَذَا وَكَذَا؟ فَيَرِقُّ لَهُمْ اَبُوهُمْ وَيَمْتَنِعُ عَنِ الْهِجْرَة، نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا الْاَبُ الْعَائِلُ عَصَى اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى فِي طَاعَةِ اَهْلِهِ وَاَوْلَادِهِ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ مَارُوِيَ اَنَّ عَوْفَ بْنَ مَالِكٍ الْاَشْجَعِيَّ كَانَ رَجُلاً ذَا مَالٍ وَعِيَالٍ وَاَهْلٍ، فَكَانَ كُلَّمَا اَرَادَ اَنْ يَذْهَبَ لِلْغَزْوِ، اَمْسَكُوا بِهِ وَبَكَوْا وَتَرَقَّقُوا لَهُ حَتَّى امْتَنَعَ عَنْ ذَلِكَ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآَيَةُ الْكَرِيمَةُ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ وَاَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ(حَتَّى لَايُلْحِقُوا بِكُمُ الضَّرَرَ فِي جِهَادِكُمْ مِنْ اَجْلِ اِعْلَاءِ كَلِمَةِ اللهِ وَرَايَةِ التَّوْحِيد{قُلْ اِنْ كَانَ آَبَاؤُكُمْ، وَاَبْنَاؤُكُمْ، وَاِخْوَانُكُمْ، وَاَزْوَاجُكُمْ، وَعَشِيرَتُكُمْ، وَاَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا، وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا، وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا، اَحَبَّ اِلَيْكُمْ مِنَ اللهِ، وَرَسُولِهِ، وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ، فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَاْتِيَ اللهُ بِاَمْرِهِ، وَاللهُ لَايَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِين(نَعَمْ اَخِي: وَالْحَذَرُ كَمَا اَنَّهُ يَكُونُ مَطْلُوباً مِنْ اَجْلِ تَفْعِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَاتُلْهِكُمْ اَمْوَالُكُمْ وَلَا اَوْلَادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَاُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ(فَكَذَلِكَ الْحَذَرُ مَطْلُوبٌ مِنْكَ اَيْضاً اَخِي مِنْ اَجْلِ بَدَنِكَ وَصِحَّتِكَ وَنَفْسِكَ؟ حَتَّى لَاتُلْحِقَ الضَّرَرَ بِهَا جَمِيعاً، وَلِذَلِكَ اَخِي اَنْتَ تَحْذَرُ، وَلَابُدَّ مِنْ تَفْعِيلِ الْحَذَرِ الَّذِي اَمَرَ اللهُ بِهِ اَيْضاً فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ(أَيْ مَتَفَرِّقِينَ، وَهَذَا رُبَّمَا يُجْدِي نَفْعاً عِنْدَ قَصْفِكُمْ بِالطَّيَرَانِ الْمُعَادِي{اَوِ انْفِرُوا جَمِيعاً(وَهَذَا فِيهِ مُجَازَفَةٌ وَمُخَاطَرَةٌ كَبِيرَةٌ جِدّاً، لَكِنَّهَا مَطْلُوبَةٌ اَحْيَاناً اِذَا كَانَ نَفْعُهَا اَكْبَرَ مِنْ ضَرَرِهَا، وَهَذَا يُقَرِّرُهُ عُلَمَاءُ الْاُمَّةِ وَالْخُبَرَاءُ وَالْقَادَةُ الْعَسْكَرِيُّونَ مُجْتَمِعِينَ بَعْدَ مَشُورَةٍ، وَبَعْدَ التَّاَكُّدِ تَمَاماً مِنْ خُلُوِّ اَرْضِ الْمَعْرَكَةِ مِنْ أَيِّ مَكِيدَةٍ تُوقِعُ اَكْبَرَ عَدَدٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي صَيْدٍ ثَمِينٍ اَوْ فَخٍّ قَاتِلٍ دَبَّرَهُ لَهُمْ عَدُوُّهُمْ، نَعَمْ اَخِي: عَلَيْكَ ايضا اَنْ تَحْذَرَ مِنْ اَجْلِ الْحِفَاظِ عَلَى صِحَّةِ بَدَنِكَ حَتَّى لَاتُلْحِقَ بِهِ الضَّرَرَ، وَلِذَلِكَ فَاِنَّ الْخَوْفَ اَمْرٌ مَطْلُوبٌ شَرْعاً وَفِطْرَةً، فَلَوْلَا الْخَوْفُ مِنَ الْمَرَضِ مَثَلاً، مَااعْتَنَى النَّاسُ بِصِحَّتِهِمْ، وَاِنَّمَا الْخَوْفُ مِنَ الْمَرَضِ هُوَ الَّذِي يَجْعَلُهُمْ يَعْتَنُونَ بِصِحَّتِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَلِكَ لَوْلَا الْخَوْفُ مِنْ غَضَبِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، لَارْتَكَبُوا الذُّنُوبَ وَالْآَثَامَ، نَعَمْ اَخِي: فَالْاِنْسَانُ يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ، وَيَخَافُ عَلَى بَدَنِهِ، وَيَخَافُ كَذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ اِنْ كَانَ مُؤْمِناً حَقّاً، نَعَمْ اَخِي: فَالْمُؤْمِنُ اِذاً يَحْذَرُ عَلَى نَفْسِهِ مِنْ كُلِّ مَايَضُرُّهَا اَوْ يُلْحِقُ الضَّرَرَ بِهَا، فَاِذَا اَرَادَ الْاَهْلُ، اَوِ الْاَزْوَاجُ، اَوِ الْاَوْلَادُ، اِلْحَاقَ الضَّرَرِ بِالْاَبِ، اَوْ بِالْاُمِّ، اَوْ بِالزَّوْجِ، اَوْ بِالزَّوْجَةِ، اَوِ الْآَبَاءُ بِاَوْلَادِهِمْ، فَيَجِبُ عَلَى هَؤُلَاءِ جَمِيعاً اَنْ يَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ وَعَلَى احْتِيَاطٍ مِنْ ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{اِنَّ مِنْ اَزْوَاجِكُمْ وَاَوْلَادِكُمْ عَدُوّاً لَكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ(نَعَمْ اَخِي: كَذَلِكَ بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ فِي مَكَّةَ حِينَمَا خَضَعُوا لِرَغَبَاتِ اَهْلِهِمْ، لَمْ يُهَاجِرُوا فَوْراً، وَاِنَّمَا تَاَخَّرَتْ هِجْرَتُهُمْ، لَكِنَّهُمْ بَعْدَ ذَلِكَ ذَهَبُوا مُهَاجِرِينَ اِلَى الْمَدِينَةِ، فَرَاَوُا الْمُسْلِمِينَ قَدْ فَقِهُوا فِي دِينِهِمْ وَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ شَيْئاً، فَغَاظَهُمْ ذَلِكَ، فَانْظُرْ اَخِي كَمْ كَانُوا حَرِيصِينَ عَلَى الْعِلْمِ وَعَلَى الْمَعْرِفَةِ، فَغَاظَهُمْ اَنَّهُمْ تَاَخَّرُوا عَنِ الْهِجْرَةِ، فَتَسَبَّبَ ذَلِكَ فِي عَدَمِ فِقْهِهِمْ فِي الدِّينِ، فَقَالُوا: لَابُدَّ اَنْ نُعَاقِبَ اَوْلَادَنَا وَاَزْوَاجَنَا الَّذِينَ مَنَعُونَا مِنْ ذَلِكَ، فَاَرَادَ اللهُ تَعَالَى اَنْ يَتَلَطَّفَ بِالْجَمِيعِ، فَنَزَلَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَاِنْ تَعْفُوا، وَتَصْفَحُوا، وَتَغْفِرُوا، فَاِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(نَعَمْ اَخِي: وَقَبْلَ اَنْ نُتَابِعَ تَفْسِيرَ الْآَيَةِ، اَلْفِتُ نَظَرَكَ اِلَى اَنَّهُ لَايُعْفِيكَ عِنْدَ اللهِ شَيْءٌ اَبَداً مِنَ النَّفِيرِ الْعَامِّ فِي حَالِ وُجُوبِهِ عَلَيْكَ، وَلَايَشْفَعُ لَكَ عِنْدَهُ سُبْحَانَهُ فِي حَالِ وُجُوبِهِ عَلَيْكَ اِلَّا الْمَرَضُ الْمُعْفِي كَالْعَمَى وَالْعَرَجِ وَغَيْرِهِ، والا بِرُّ الْوَالِدَيْنِ بِوَلَدٍ وَحِيدٍ لَيْسَ لَهُمَا سِوَاهُ، وَاِلَّا طَلَبُ الْعِلْمِ وَالْمَعْرِفَةِ وَهُوَ نَوْعٌ مِنَ الْجِهَادِ الْاَكْبَرِ فِي حَالِ تَعَلُّمِهِ مِنَ الْغَيْرِ وَتَعْلِيمِهِ لِلْغَيْرِ اَيْضاً: بِدَلِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى{وَمَاكَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفُرُوا كَافَّةً، فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ؟ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ؟ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ اِذَا رَجَعُوا اِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ(وَاِلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى اَيْضاً{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً، فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْاَدْبَارَ، وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ اِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ اَوْ مُتَحَيِّزاً اِلَى فِئَةٍ، فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ، وَمَاْوَاهُ جَهَنَّمُ، وَبِئْسَ الْمَصِير(وَلَايَجُوزُ شَرْعاً فِي حَالٍ مِنَ الْاَحْوَالِ اَبَداً اَنْ يَتَحَيَّزَ رَامِي الطَّائِرَاتِ الْمُعْتَدِيَةِ بِسِلَاحِهِ وَمُضَادَّاتِهِ الْاَرْضِيَّةِ اِلَى فِئَةٍ اَوْ يَتَحَرَّفَ اِلَى قِتَالٍ اِلَّا اِذَا كَانَتِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ تَقْتَضِي مِنْهُ اَنْ يُغَيِّرَ مَكَانَهُ اِلَى مَكَانٍ مُنْخَفِضٍ اَوْ مُرْتَفِعٍ اَوْ مُلَائِمٍ اَصْوَبَ يَسْتَطِيعُ مِنْ خِلَالِهِ اَنْ يُصِيبَ الطَّائِرَاتِ الْمُعَادِيَةَ بِكُلِّ سُهُولَةٍ وَيُسْقِطَهَا مِنَ الْجَوِّ اَرْضاً، فَاِذَا اقْتَضَتِ الْمَصْلَحَةُ الشَّرْعِيَّةُ اَنْ يَجْتَمِعَ عِدَّةُ رُمَاةٍ عَلَى طَائِرَةٍ وَاحِدَةٍ مُعَادِيَةٍ فِي مَكَانٍ وَاحِدٍ اَوْ فِي اَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، فَيَجِبُ عَلَيْهِمْ شَرْعاً فِي هَذِهِ الْحَالَةِ اَنْ يَجْتَمِعُوا عَلَى اِصَابَتِهَا جَمِيعاً بَعْدَ اَنْ يُنَسِّقُوا فِيمَا بَيْنَهُمْ، فَاِذَا اَخْطَاَ اَحَدُهُمْ فِي اِصَابَتِهَا، فَرُبَّمَا يُصِيبُ الْآَخَرُ بِتَوْفِيقٍ مِنَ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَمَارَمَيْتَ اِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى(وَلِذَلِكَ لَابُدَّ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ اَنْ تَتَعَلَّمُوا مَعاً جَمِيعاً هَذِهِ الْمُنَاوَرَةَ وَاللَّفَّ وَالدَّوَرَانَ وَالْكَرَّ وَالْفَرَّ فِي اِصَابَةِ الطَّائِرَاتِ وَالدَّبَّابَاتِ وَالْاَسْلِحَةِ الْمُعَادِيَةِ، وَتُشَجِّعُوا بَعْضَكُمْ بَعْضاً اَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ عَلَيْهَا، وَتَهْتُفُونَ لَهَا بِهُتَافَاتِ اَللهُ اَكْبَرُ، كَمَا اَنْتُمْ تَتَعَلَّمُونَهَا دَائِماً فِي مَرْمَى كُرَةِ الْقَدَمِ وَتُشَجِّعُونَ الصُّلْبَانَ الْخَنَازِيرَ عَلَى اِصَابَتِهَا فِي مَرْمَى رِيَالْ مَدْرِيدْ اَوْ بَرْشَلُونَة اَوْ غَيْرِهَا مِنْ مُبَارَيَاتِ النَّصَارَى الَّذِينَ تَحْرِصُونَ دَائِماً عَلَى رَفْعِ الرَّايَاتِ لِصُلْبَانِهِمُ الْقَذِرَةِ وَاَنْتُمْ لَاتَشْعُرُونَ مُتَجَاهِلِينَ رَفْعَ رَايَةِ التَّوْحِيدِ لَا اِلَهَ اِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ فِي مَلَاعِبِ كُرَةِ الْقَدَمِ وَفِي الْمَحَافِلِ الدَّوْلِيَّةِ اَيْضاً{اُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ( مِنْ هَذِهِ الصُّلْبَانِ الْقَذِرَةِ وَلَوْ لَمْ تَرْكَعُوا وَتَسْجُدُوا لَهَا، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة:{وَاِنْ تَعْفُوا(وَالْعَفْوُ هُنَا اَخِي: اَلَّا تُؤَاخِذَ اَخَاكَ بِمَا يَسْتَحِقُّ؟ نَعَمْ اَخِي: قَدْ تَعْفُو عَنْ اِنْسَانٍ مَا، لَكِنْ يَبْقَى فِي نَفْسِكَ شَيْءٌ، فَعَلَيْكَ هُنَا اَنْ تَصْفَحَ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَتَصْفَحُوا(نَعَمْ اَخِي: هُنَاكَ عَفْوٌ، ثُمَّ يَاْتِي بَعْدَهُ الصَّفْحُ، وَالْمَعْنَى: لَاتَجْعَلْ اَثَراً لِلْكَرَاهِيَةِ فِي قَلْبِكَ، فَكَمَا عَفَوْتَ عَنْ اَخِيكَ، اَوْ زَوْجِكَ، اَوْ وَلَدِكَ، فَاصْفَحْ عَنْهُ، بَلْ وَزِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ، لَاتُذَكِّرْهُ بِاِسَاءَتِهِ لَكَ، وَهَذَا مَعْنَى الْمَغْفِرَةِ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَتَغْفِرُوا(نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا مِنْ قِيَمِ الْاَخْلَاقِ، فَحِينَمَا تَعْفُو عَنْ اِنْسَانٍ مَا، لَايَكْفِي اَنْ تَعْفُوَ عَنْهُ فَقَطْ ثُمَّ تَتَكَلَّمَ مَعَهُ وَتَمُنَّ عَلَيْهِ بِالْمَنِّ وَالْاَذَى اِلَى غَيْرِ ذَلِكَ ثُمَّ يَبْقَى فِي قَلْبِكَ حِقْدٌ عَلَيْهِ فَاِذَا قَالَ لَكَ اَحَدُهُمْ مَابَالُكَ تُجَافِيهِ وَقَدْ عَفَوْتَ عَنْهُ قُلْتَ لَهُ يَكْفِينِي اَنِّي قَدْ عَفَوْتُ عَنْهُ وَهَذَا هُوَ الْمُهِمُّ عِنْدِي وَلَااَسْتَطِيعُ اَنْ اَتَحَكَّمَ بِقَلْبِي وَمَافِيهِ مِنْ حِقْدٍ وَغِلٍّ وَغَيْظٍ وَضَغِينَةٍ عَلَيْهِ! لَا يَااَخِي: اِنَّ الْاِسْلَامَ يُرِيدُ مِنْكَ اَنْ تَرْتَفِعَ اِلَى قِمَّةِ الْعَفْوِ الْكُبْرَى: وَهِيَ مَايُرَافِقُ الْعَفْوَ مِنَ الصَّفْحِ وَالْمَغْفِرَةِ اَيْضاً، وَلِذَلِكَ{وَاِنْ تَعْفُوا، وَتَصْفَحُوا، وَتَغْفِرُوا(فَمَا هِيَ النَّتِيجَةُ يَارَبّ؟ وَمَاهُوَ جَزَاؤُكَ اَخِي الْعَفُوَّ الصَّافِحُ الْغَافِر؟{فَاِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم(اَلَيْسَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَا اَخِي يَتَمَنَّى اَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُ؟ بَلَى اَخِي كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا يَتَمَنَّى ذَلِكَ، وَلِذَلِكَ مَا دُمْنَا حَقّاً نَتَمَنَّى عَفْواً وَصَفْحاً وَمَغْفِرَةً مِنَ اللهِ الْعَفُوِّ الصَّفُوحِ الْغَفُورِ الرَّحِيمِ، فَلْيَغْفِرْ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ، وَلَايَنْتَظِرْ بَعْضُنَا بَعْضاً كَمَا يُقَالُ عَلَى دَقْرَةٍ اَوْ نَقْرَةٍ صَغِيرَة، نَعَمْ اَخِي: وَفِي مُجْتَمَعِنَا مَعَ الْاَسَف: تَرَاهُ يَنْتَظِرُ اَخَاهُ عَلَى هَفْوَةٍ صَغِيرَةٍ وَغَلْطَةٍ تَافِهَةٍ غَيْرِ مُؤْذِيَةٍ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يُخَاصِمَهُ وَيُقَاطِعَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَاَكْثَرُ الْخُصُومَاتِ فِي اَيَّامِنَا لَيْسَتْ لِوَجْهِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَاِنَّمَا هِيَ خُصُومَاتٌ مِنْ اَجْلِ الدُّنْيَا، تَرَاهُ مُخَاصِماً وَزْعَلَاناً مَعَ اَبِيهِ، اَوْ اُمِّهِ، اَوْ اَخِيهِ، اَوْ اُخْتِهِ، اَوْ مَعَ غَيْرِهِمْ؟ مِنْ اَجْلِ اَمْوَالٍ؟ وَمِنْ اَجْلِ مِيرَاثٍ رُبَّمَا لَهُ حَقٌّ فِيهِ وَرُبَّمَا لَاحَقَّ لَهُ فِيهِ؟ وَمِنْ اَجْلِ غَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْاُمُورِ الدُّنْيَوِيَّة، وَطَبْعاً اَخِي حِينَمَا يَاْخُذُ اَخُوكَ مِيرَاثَكَ، سَتَغْضَبُ عَلَيْهِ،ـ وَهَذِهِ فِطْرَةٌ عِنْدَ الْاِنْسَانِ؟ لِاَنَّ الْحَقَّ هُنَا عَلَى اَخِيكَ، فَعَلَيْهِ هُوَ اَنْ يُبَادِرَ اِلَى اِعْطَائِكَ حَقَّكَ؟ مِنْ اَجْلِ اَنْ يَحْدُثَ الْعَفْوُ، وَالصَّفْحُ، وَالْمَغْفِرَة، نَعَمْ اَخِي: وَالْعَفْوُ لَايَكُونُ اِلَّا عَنْ اِرَادَة، وَاَمَّا اِذَا كَانَ الْعَفْوُ رَغْماً عَنِ الْاِنْسَانِ: فَهَذَا لَايُسَمَّى عَفْواً، فَمَثَلاً حِينَمَا يَاْمُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ اَوْ يُخَيِّرُ صَاحِبَ الْحَقِّ بَيْنَ اَنْ يَاْخُذَ حَقَّهُ، وَبَيْنَ اَنْ يَتَنَازَلَ عَنْهُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا، فَمَنْ عَفَا وَاَصْلَحَ فَاَجْرُهُ عَلَى الله(فَلَوْ قَالَ اللهُ لَكَ اَخِي فَوْراً فِي هَذِهِ الْآَيَةِ عَلَيْكَ اَنْ تَعْفُوَ عَنْ اَخِيكَ، فَهَذَا لَايُسَمَّى عَفْواً، وَاِنَّمَا هُوَ عَفْوُ الْمُنَافِقِينَ؟ لِاَنَّهُ غَيْرُ نَابِعٍ مِنْ اَعْمَاقِ قُلُوبِهِمْ، وَاللهُ تَعَالَى لَايُجْبِرُكَ اَخِي عَلَى مِثْلِ هَذَا الْعَفْوِ وَهُوَ عَفْوُ الْمُنَافِقِينَ، بَلْ لَايَجُوزُ لِاَحَدٍ اَنْ يُجْبِرَكَ اِجْبَاراً عَلَى اَنْ تَتَنَازَلَ عَنْ حَقِّكَ كَمَا يَفْعَلُ النِّظَامُ الْمُجْرِمُ فِي قَمْعِهِ لِلثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ وَمُحَاوَلَتِهِ الدَّائِمَةِ الدَّؤُوبِ الْمُسْتَمِيتَةِ الْمُجْرِمَةِ الْوَحْشِيَّةِ الْكِيمَاوِيَّةِ السَّامَّةِ لِاِجْبَارِهَا عَنِ التَّنَازُلِ عَنْ حُقُوقِهَا الْعَادِلَةِ، وَلَكِنَّهُ جَهِلَ اَنَّ اللهَ لَهُ دَائِماً بِالْمِرْصَادِ وَاَنَّهُ مَهْمَا طَغَى وَبَغَى وَتَجَبَّرَ وَتَعَنَّتَ وَفَجَرَ وَظَلَمَ وَاَفْسَدَ فِي الْاَرْضِ فَلَنْ يَسْتَطِيعَ اَنْ يُفْلِتَ مِنْ قَبْضَةِ اللهِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى{وَاِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ(الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِنِعْمَةِ الْحَيَاةِ فَيَقْتُلُونَ النَّاسَ وَهُمْ غَافِلُونَ عَنْ جَهَنَّمَ الَّتِي تَنْتَظِرُ عَلَى اَحَرَّ مِنَ الْجَمْرِ اَمْرَ اللهِ فِيهِمْ{وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَاَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيمَا{اِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَاُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّآَتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيمَا( فَهَيَّا اِلَى التَّوْبَةِ وَالْاِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ يَابَشَّارُ قَبْلَ فَوَاتِ الْاَوَانِ عَلَيْكَ وَعَلَى اَمْثَالِكَ مِنَ الطُّغَاةِ الْجَبَابِرَةِ وَقَبْلَ اَنْ يُعْمِيَ اللهُ قَلْبَكَ عَنْهَا لِيَحْجُبَهَا عَنْكَ اِذَا اَصْرَرْتَ عَلَى غَفْلَتِكَ عَنْهَا وَتَجَاهَلْتَهَا فَرُبَّمَا يَاْتِي عَلَيْكَ وَقْتٌ لَاتَسْتَحِقُّهَا بَعْدَهُ اَبَداً اِذَا لَمْ تُبَادِرْ فَوْراً اِلَى الْاِسْرَاعِ فِيهَا، نَعَمْ اَخِي: لَايَجُوزُ لِاَحَدٍ كَائِناً مَنْ كَانَ اَنْ يُجْبِرَكَ عَلَى التَّنَازُلِ عَنْ حَقِّكَ، وَلَا عَنِ الِانْتِصَارِ لَهُ، وَاِلَّا سَادَ الظُّلْمُ فِي الْمُجْتَمَعِ، وَاِنَّمَا يَجُوزُ لَكَ شَرْعاً اَنْ تَتَنَازَلَ عَنْ حَقِّكَ مُخْتَاراً غَيْرَ مُكْرَهٍ وَلَا مَخْجُولٍ، وَعَلَى ضَوْءٍ مِنْ قَوْلِ الْعَرَبِ: اَلْعَفْوُ عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ: بِمَعْنَى اَنَّ الْعَفْوَ لَايَكُونُ عَادِلاً عَلَى صَاحِبِهِ الَّذِي عَفَا وَعَلَى الْآَخَرِ الَّذِي عَفَا عَنْهُ اِلَّا عِنْدَ الْمَقْدِرَةِ، نَعَمْ اَخِي: فَحِينَمَا تَكُونُ قَادِراً عَلَى اَنْ تَاْخُذَ حَقَّكَ فَتَعْفُو، فَهَذَا هُوَ الْعَفْوُ الَّذِي يَرْفَعُ قَدْرَكَ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، وَاَمَّا اَنْ تَعْفُوَ وَاَنْتَ غَيْرُ قَادِرٍ عَلَى اَنْ تَاْخُذَ حَقَّكَ مِمَّنْ{يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا، وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَافِي قَلْبِهِ، وَهُوَ اَلَدُّ الْخِصَامِ، وَاِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْاَرْضِ؟ لِيُفْسِدَ فِيهَا؟ وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ، وَاللهُ لَايُحِبُّ الْفَسَادَ، وَاِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ، اَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْاِثْمِ، فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ(فَهَذَا هُوَ الْعَفْوُ الْمَذْمُومُ الَّذِي يَحُطُّ مِنْ قَدْرِكَ عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى اِلَى دَرَجَةٍ تُصْبِحُ فِيهَا كَمَا قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[سَاكِتاً عَنْ حَقِّكَ شَيْطَاناً اَخْرَسَ(نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ{اِنْ تَعْفُو وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا(عَفْواً شَرْعِيّاً، وَصَفْحاً شَرْعِيّاً، وَغُفْرَاناً شَرْعِيّاً، فِي مَحَلِّهِ الشَّرْعِيِّ الْمَطْلُوبِ شَرْعاً، وَلَيْسَ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ الشَّرْعِيِّ الْمَطْلُوبِ{فَاِنَّ اللَهَ غَفُورٌ رَحِيم{اِنَّمَا اَمْوَالُكُمْ وَاَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَاللُهُ عِنْدَهُ اَجْرٌ عَظِيم(نَعَمْ اَخِي: قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: لَاتَقُلْ: اَللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنْ فِتْنَةِ الْاَمْوَالِ وَالْاَوْلَادِ، وَاِنَّمَا قُلْ: اَللَّهُمَّ اِنِّي اَعُوذُ بِكَ مِنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ فِي الْاَوْلَادِ وَالْاَمْوَالِ، حَتَّى لَايَكُونَ الْمَالُ وَالْوَلَدُ وَغَيْرُهُمَا مِنَ الْفِتَنِ سَبَباً لِلضَّلَال، وَنَقُولُ لِابْنِ مَسْعُودٍ: لِمَاذَا؟ قَالَ:؟ لِاَنَّ الْفِتْنَةَ لَابُدَّ اَنْ تُوجَدَ، نَعَمْ اَخِي: وَالْفِتْنَةُ هِيَ الِاخْتِبَارُ: بِمَعْنَى اَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَخْتَبِرُكَ بِالْمَالِ، وَالْوَلَدِ، وَلِذَلِكَ لَاتَقُلْ: اَللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنَ الْمَالِ وَالْوَلَدِ؟ لِاَنَّ اللهَ لَمْ يَخْلُقْكَ لِتَكُونَ مَعْصُوماً مِنَ الِاخْتِبَارِ بِهِمَا وَلَابِغَيْرِهِمَا مِنَ الْفِتَنِ وَالِابْتِلَاءَاتِ وَالِاخْتِبَارَاتِ بِدَلِيل{اَحَسِبَ النَّاسُ اَنْ يُتْرَكُوا اَنْ يَقُولُوا آَمَنَّا وَهُمْ لَايُفْتَنُون(أَيْ وَهُمْ لَايُخْتَبَرُون، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ قُلْ:{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ اَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ اَعْيُنٍ(أَيْ مَا تَقَرُّ بِهِ اَعْيُنَنَا مِنْ زَوْجَةٍ صَالِحَةٍ وَزَوْجٍ صَالِحٍ وَوَلَدٍ صَالِحٍ وَامْرَاَةٍ صَالِحَةٍ وَمَالٍ حَلَالٍ صَالِحٍ يُعِينُونَنَا جَمِيعاً عَلَى تَقْوَاكَ وَمَرْضَاتِكَ وَيُذَكِّرُونَنَا بِخَشْيَتِكَ وَمَخَافَتِكَ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَيُرْشِدُونَنَا اِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ كَمَا كَانَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ نُوحٌ يُرْشِدُ ابْنَهُ وَقَوْمَهُ، وَكَمَا كَانَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ اِبْرَاهِيمُ يُرْشِدُ اَبَاهُ وَقَوْمَهُ، وَكَمَا كَانَ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ مُحَمَّدٌ يُرْشِدُ اَزْوَاجَهُ وَاَوْلَادَهُ وَقَوْمَهُ وَالْعَالَمِينَ اَجْمَعِينَ، ثُمَّ عَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَقُولَ اَيْضاً: اَللَّهُمَّ اعْصِمْنِي مِنْ مُضِلَّاتِ الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْاَزْوَاجِ وَمُضِلَّاتِ غَيْرِهَا اَيْضاً مِنَ الْفِتَنِ وَالِابْتِلَاءَاتِ وَالِاخْتِبَارَاتِ لِمَاذَا؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي:؟ حَتَّى لَايَكُونَ الْمَالُ وَالْوَلَدُ وَالْاَزْوَاجُ وَغَيْرُهُمْ مِنَ الْفِتَنِ سَبَباً مِنْ اَسْبَابِ ضَلَالِكَ، وَاِلَّا فَاِنَّ الْفِتْنَةَ قَائِمَةٌ وَمَوْجُودَةٌ، وَلَابُدَّ اَنْ يَتَعَبَّدَكَ اللهُ بِهَا يَااَخِي كَمَا تَعَبَّدَ آَدَمَ فِي شَجَرَةٍ نَهَاهُ عَنْهَا وَفَتَنَهُ بِهَا، وَكَمَا تَعَبَّدَ بَنِي اِسْرَائِيلَ بِفِتْنَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا فِي الْعِجْلِ وَ السَّبْتِ، وَ كَمَا يَتَعَبَّدُكَ اَنْتَ اَخِي اَيْضاً فِي نَهْيِكَ عَنْ مُضِلَّاتِ الْفِتَنِ كَالرِّيَاءِ وَغَيْرِهِ مِنَ الْفِتَنِ الْمُرَافِقَةِ لِلصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَالزَّكَاةِ وَالْحَجِّ وَغَيْرِهَا مِنْ شَعَائِرِ اللهِ وَحُرُمَاتِهِ الَّتِي لَايَجُوزُ لَكَ اَنْ تَنْتَهِكَهَا مُنَبِّهاً لَكَ اِلَى اَنَّ تَقْوَاكَ الصَّحِيحَةَ الرَّابِحَةَ لِلهِ فِي مَالِكَ وَوَلَدِكَ هِيَ الَّتِي لَاتُلْهِيكَ عَنْ ذِكْرِ اللهِ، وَاِقَامِ الصَّلَاةِ، وَاِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَاِلَّا فَاِنَّهَا لَيْسَتْ صَحِيحَةً، بَلْ هِيَ تَقْوَى خَاسِرَةٌ فِي مِيزَانِ اللهِ؟ لِاَنَّهَا لَيْسَتْ خَالِصَةً لِلهِ بَلْ خَالِصَةً لِلْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْاَزْوَاجِ، فَاِمَّا اَنْ تَنْجَحَ فِي الِاخْتِبَارِ فِي الْمَالِ وَالْوَلَدِ وَالْاَزْوَاجِ عَلَى مُرَادِ اللهِ بِهِم جَمِيعاً، وَاِمَّا اَنْ تَفْشَلَ فِي الِاخْتِبَارِ بِهِمْ عَلَى غَيْرِ مُرَادِ اللهِ، لِيَمِيزَ اللهُ بَيْنَ خُبْثِكَ وَطِيبَتِكَ فِي فِطْرَتِكَ وَطَبْعِكَ وَسَجِيَّتِكَ وَقَوْلِكَ وَعَمَلِكَ{لَيَمِيزَ اللهُ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَالْفِتْنَةُ التَّعَبُّدِيَّةُ مَوْجُودَةٌ رَغْماً عَنَّا سَوَاءً رَضِينَا بِذَلِكَ اَوْ لَمْ نَرْضَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الْاِيمَانَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ هُوَ جُزْءٌ لَايَتَجَزَّاُ مِنْ اَرْكَانِ الْاِيمَانِ: بِمَعْنَى اَنَّ مَنْ اَخَلَّ بِهَذَا الرُّكْنِ الْعَظِيمِ مِنْ اَرْكَانِ الْاِيمَانِ وَهُوَ الْاِيمَانُ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَتَجَاهَلَهُ فَقَدْ كَفَرَ وَارْتَدَّ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: وَمِنْ مَحْظُورَاتِ الْاِيمَانِ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَالَّتِي رُبَّمَا تُؤَدِّي اِلَى الْكُفْرِ وَالْخُرُوجِ عَنْ دِينَ الْاِسْلَامِ فِي حَالِ الْاِصْرَارِ عَلَيْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى{اَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ( وَمَافِيهِ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ{وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ(وَمَا فِيهِ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ اَيْضاً{فَمَا جَزَاءُ مَنْ يَفْعَلُ ذَلِكَ مِنْكُمْ اِلَّا خِزْيٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يُرَدُّونَ اِلَى اَشَدِّ الْعَذَابِ(كَيْفَ ذَلِكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي هَؤُلَاءِ يُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ وَلَكِنَّهُمْ يَكْفُرُونَ بِالْبَعْضِ الْآَخَرِ مِنَ الْقَضَاءِ وَالْقَدرِ: بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَهُ، اَوْ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَلَكِنَّهُمْ يُهْمِلُونَ الْعَمَلَ بِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى{وَجَعَلْنَا لِكُلِّ شَيْءٍ سَبَباً(بِمَعْنَى اَنَّهُمْ يَكْفُرُونَ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ وَيَبْخَسُونَ وَيَتَجَاهَلُونَ مِنْهُمَا وَيُهْمِلُونَ الْاَسْبَابَ وَالِاحْتِيَاطَاتِ الَّتِي اَمَرَ اللهُ بِهَا فِي السَّعْيِ مِنْ اَجْلِ الرِّزْقِ النَّافِعِ النَّاجِحِ مَثَلاً، وَمِنْ اَجْلِ طَلَبِ الْعِلْمِ النَّافِعِ النَّاجِحِ مَثَلاً، وَمِنْ اَجْلِ الْجِهَادِ النَّافِعِ لِلْاُمَّةِ وَالنَّاجِحِ اَيْضاً وَالَّذِي يُقَوِّي شَوْكَةَ الْمُسْلِمِينَ وَلَايُضْعِفُهَا وَلَايَكْسِرُهَا، وَاَضْرِبُ لَكَ مَثَلاً عَلَى ذَلِكَ اَخِي حَتَّى تَفْهَمَ مُرَادِي: نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا حَصَلَ طَاعُونُ عِمْوَاسَ الْمَشْهُورُ وَاُصِيبَ بِهِ الصَّحَابِيُّ الْجَلِيلُ اَمِينُ هَذِهِ الْاُمَّةِ اَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فَتَذَكَّرَ قَوْلَ رَسُولِ اللهِ وَعَمِلَ بِهِ حُبّاً وَكَرَامَةً وَطَاعَةً لِرَسُولِ اللهِ وَهُوَ قَوْلُهُ الْمَشْهُورُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام[اِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ فِي اَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوهَا، وَاِنْ كُنْتُمْ فِيهَا فَلَاتَخْرُجُوا مِنْهَا( فَبَقِيَ فِيهَا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مُسْتَسْلِماً لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ خَيْرِهِ وَشَرِّهِ وَلَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا، فَسَمِعَ بِذَلِكَ خَلِيفَةُ الْمُسْلِمِينَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، فَاشْتَاقَ اِلَى رُؤْيَتِهِ وَالِاطْمِئْنَانِ عَلَى صِحَّتِهِ، فَاسْتَشَارَ الصَّحَابَةَ فِي ذَلِكَ، فَذَكَرُوا لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ الَّذِي اَوْرَدْنَاهُ، فَقَالَ عُمَرُ مُتَاَثِّراً جِدّاً وَبَاكِياً: هَلْ نَهْرُبُ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ! فْقَطْ اُرِيدُ اَنْ اَرَاهُ وَاَنْ اَجْلِبَ لَهُ مَعِي اَمْهَرَ الْاَطِبَّاءِ لِيُعَالِجُوهُ، فَقَالَ لَهُ الصَّحَابَةُ: نَعَمْ يَااَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْكَ اَنْ تَهْرُبَ مِنْ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ اِلَى قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ الْآَخَرِ وَهُوَ الْاَخْذُ بِالْاَسْبَابِ وَالِاحْتِيَاطَاتِ الَّتِي اَوْحَى اللهُ بِهَا اِلَى رَسُولِهِ فِي قَوْلِهِ[اِذَا سَمِعْتُمْ بِالطَّاعُونِ فِي اَرْضٍ فَلَاتَدْخُلُوهَا(كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ اَبُو عُبَيْدَةَ تَمَاماً حِينَمَا اَخَذَ بِهَا فِي قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ[وَاِنْ كُنْتُمْ فِيهَا فَلَاتَخْرُجُوا مِنْهَا(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَنْتُمْ مَعَ الْاَسَفِ تَتَعَامَلُونَ مَعَ قَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ كَمَا يَتَعَامَلُ مَرِيضٌ يَائِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ وَلَمْ يَكْتَفِ بِوَقَاحَتِهِ فِي يَاْسِهِ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ بَلْ زَادَ وَقَاحَةً اُخْرَى وَهِيَ اَنَّهُ يَزْعُمُ اَنَّهُ يَسْتَسْلِمُ لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ فِيمَا اَصَابَهُ مِنْ مَرَضٍ لَكِنَّهُ لَايَتَفَاءَلُ بِرَحْمَةِ اللهِ اَبَداً وَلَايَسْتَسْلِمُ لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ مِنْ نَوْعٍ آَخَرَ وَهُوَ مَاخَلَقَهُ اللهُ مِنَ التُّرْيَاقِ الشَّافِي لِهَذَا الْمَرَضِ! وَسَامِحُونِي اَيُّهَا الْاِخْوَة: فَهَذِهِ هِيَ الْحَقِيقَةُ الْمُرَّةُ وَلَوْ كَانَ طَعْمُهَا مُرّاً فِي حُلُوقِكُمْ، عَفْواً اَقْصُدُ فِي قُلُوبِكُمْ، وَهَذَا هُوَ بِالضَّبْطِ سَبَبُ تَاَخُّرِ النَّصْرِ لِلثَّوْرَةِ السُّورِيَّةِ الْمُبَارَكَةِ وَهُوَ اِهْمَالُ الْاَخْذِ بِاَكْثَرِ اَسْبَابِ نَصْرِهَا وَاسْتِسْلَامِهَا لِقَضَاءِ اللهِ وَقَدَرِهِ الْفِتْنَوِيِّ مِنَ الْخُذْلَانِ وَالتَّقَاعُسِ الْعَرَبِيِّ وَالْعَالَمِيِّ الْمُخْزِي وَاِهْمَالِهَا الْعَمَلَ بِالْقَضَاءِ وَالْقَدَرِ الْاِلَهِيِّ الْآَخَرِ التَّعَبُّدِيِّ وَهُوَ الْبَابُ الْعَظِيمُ مِنَ الْاَمَلِ وَالرَّجَاءِ بِرَحْمَةِ اللهِ الَّذِي فَتَحَهُ رَسُولُ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ فِي قَوْلِهِ[ لَايَضُرُّهُمْ مَنْ خَذَلَهُمْ(لَكِنْ بِشَرْطٍ؟
رحيق مختوم
مشاهدة ملفه الشخصي
إرسال رسالة خاصة إلى رحيق مختوم
البحث عن المشاركات التي كتبها رحيق مختوم
«
الموضوع السابق
|
الموضوع التالي
»
مواقع النشر (المفضلة)
Facebook
Twitter
Linkedin
Google
الكلمات الدلالية (Tags)
آمنوا
,
الذين
,
ايها
,
ازواجكم
,
عدوا
,
فاحذروهم
,
واولادكم
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1
( الأعضاء 0 والزوار 1)
أدوات الموضوع
مشاهدة صفحة طباعة الموضوع
أرسل هذا الموضوع إلى صديق
انواع عرض الموضوع
الانتقال إلى العرض العادي
الانتقال إلى العرض المتطور
العرض الشجري
تعليمات المشاركة
لا تستطيع
إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع
الرد على المواضيع
لا تستطيع
إرفاق ملفات
لا تستطيع
تعديل مشاركاتك
الابتسامات
متاحة
كود [IMG]
متاحة
كود HTML
معطلة
رجاءً إختر واحد:
لوحة تحكم العضو
الرسائل الخاصة
الاشتراكات
المتواجدون الآن
البحث في المنتدى
الصفحة الرئيسية للمنتدى
----------------------------------
مسلم أون لاين العـــام
قسم الترحيب والإجتماعيات
قسم إستطلاعــات الــراي
قسم الحوار والنقاش العــام
قسم الأشخاص ذوي الإعاقة
قسم الصور والخلفيات النادرة
مسلم أون لاين الأخباري
قسم الأخبار السياسية
قسم الأخبار الأقتصادية
قسم الأخبار الإجتماعية
قسم الأخبار الرياضية
مسلم أون لاين الإســلامي
يا باغي الخير أقبل (القسم الرمضاني)
قسم الحــج والعمــرة
قسم الإســلامي العام
قسم العلوم الإسلامية
القرأن الكريم وعلومه
الحديث الشريف وعلومه
التوحيد والعقيدة الإسلامية
الفقه الإسلامــي وأصوله
السيرة والتاريخ الإسلامي
أعلام أهل السنة والجماعة
الفتاوى الشرعية
قسم الصوتيــات والمرئيــات
تسجيلات القرأن الكريم
الصوتيات الإسلامـية
المرئيات الإسلامـية
الإبتهالات والأناشيد الإسلامـية
قسم الكتب والإسطوانات
قسم العلوم المتخصصة
الإعجاز في القرآن والسنة
الرقية الشرعية
العلاج بالأعشاب والطب البديل
قسم حوار الأديان
الحوار مع الشيعة
الرد على إفتراءات النصارى
الرد على الفرق الضالة
شبهات حول القرأن والسنة
مسلم أون لاين للأسرة والمجتمع
قسم الاسرة والحياة الزوجية
قسم واحة حــواء
صحة وعناية حــواء
الملابس والإكسيسورات
الديكور والأثاث والأعمال اليدوية
فنون المطبخ والمأكولات
قسم واحـــة ادم
قسم الأمومة والطفولة
مسلم أون لاين الثقافــي
قسم السياحة حول العالم
قسم التاريخ والحضارات
قسم مــــا وراء الطبيعة
قسم بنـــك المعلومــات
مسلم أون لاين للتدريب والتعليم
قسم التنمية البشرية وتطوير الذات
قسم الإرشاد والصحة النفسية
قسم التسويق والتجارة الإلكترونية
قسم الكورسـات المحلية والدولـية
قسم الوظائف الخالــــية
قسم الأكاديمية التعليمية
المرحلة الإبتدائية
المرحلة الإعدادية
المرحلة الثانوية
مسلم أون لاين للتكنولوجيـــا
قسم البرامج وملحقاتها
قسم برامج المكفوفين
قسم الجــوال وملحقاته
قسم الجرافيك وملحقاته
قسم تطوير المواقع والمنتديات
قسم الإستايلات والمجــــالات
مسلم أون لاين للغـــات
قسم اللغة العــربــية
English Forum
مسلم أون لاين الإداري
قسم الاقتراحات والشكاوى
قسم تحت النظر
قسم المواضيع المحذوفة والمكرره والمخالفة
الساعة الآن
08:11 PM
.
Powered by vBulletin® Version v3.8.8
Copyright ©2000 - 2025, by
Sherif Youssef
ما يطرح بالمنتدى لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وإنما تعبر عن وجهة نظر كاتبها أو قائلها
الاتصال بنا
-
شبكة مسلم أون لاين
-
الأرشيف
-
تصميم -
آليكسا